مساع فرنسية لمشاركة شركاتها في مشاريع مترو جدة ومكة والمدينة المنورة

مساع فرنسية لمشاركة شركاتها في مشاريع مترو جدة ومكة والمدينة المنورة

أبلغ “الاقتصادية” القنصل العام الفرنسي في جدة، بأنهم أصدروا أكثر من 45 ألف تأشيرة للسعوديين في عام 2013، 90 في المائة منها مدتها أكثر من عام، مؤكداً أن القنصلية تصدر التأشيرات خلال يومين فقط، فيما تصدر خلال ثلاثة أيام عبر مكتب إصدار التأشيرات.
وأكد لويس بلين، قنصل عام فرنسا في جدة، في حوار مع “الاقتصادية”، أن الشركات الفرنسية منفتحة تماماً على الاستثمار في السعودية، مبيناً أن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الأخيرة للمملكة أعطت الضوء الأخضر أمام تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين. وأرجع لويس تفاؤله بتطور الاستثمارات الفرنسية في المملكة إلى عاملين، الأول سلامة الاقتصاد السعودي واستعداد الشركات الفرنسية للمشاركة في تطويره، والثاني العلاقة السياسية الجيدة بين البلدين.
وتطرق القنصل العام الفرنسي إلى العديد من القضايا بين البلدين؛ فإلى تفاصيل الحوار:

كيف تنظرون إلى تطور العلاقات على مختلف الأصعدة بين البلدين؟
دعني أوضح أولاً أن نطاق صلاحياتنا في القنصلية هو المنطقة الغربية في السعودية من حدود الأردن إلى اليمن، لا شك أن العلاقات بين بلدينا واصلت تطورها بشكل جيد جداً في جميع المجالات، كما أن الجالية الفرنسية ازداد عددها في الأعوام الفائتة وهو الأمر الذي دفع بنا لتوقيع عقد لإنشاء مدرسة فرنسية جديدة في مدينة جدة ستفتتح بعد عامين من الآن،علماً بأن المدرسة الفرنسية الحالية تستوعب 1300 طالب، بينما الجديدة ينتظر أن تستقبل 1800 طالب، جاء ذلك بناء على توقعاتنا بأن تتزايد أعداد الشركات الفرنسية خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، وحاجتهم لتجهيزات لقدرتهم على ممارسة حياتهم الطبيعية في جدة.
الأمر اللافت الآخر، هو زيادة عدد التأشيرات التي أصدرت للسعوديين في الأعوام الأخيرة، حيث أصدرت القنصلية أكثر من 45 ألف تأشيرة شينجن خلال عام 2013، 90 في المائة بمدة تتجاوز العام.
إن سياستنا تركز على جذب السياح السعوديين والاستثمارات السعودية إلى فرنسا، وقد سهلنا الأمور لهم في الأشهر الأخيرة حيث بدأنا إعطاء التأشيرة خلال يومين للسعوديين من القنصلية، أو ثلاثة أيام من خلال مكتب اعتماد التأشيرات.

هل لديكم أي أفكار لزيادة مدة التأشيرات إلى خمس سنوات مثلاً كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية؟
في الواقع لا نستطيع منح تأشيرات لخمس سنوات، لأن صلاحية الجواز السعودي هي خمس سنوات، ولا بد أن تكون صلاحيته أكثر من صلاحية التأشيرة، وأقصى مدة للتأشيرة في نظام شينجن هي أربع سنوات.
نحن عادة نصدر تأشيرات حتى ثلاث سنوات، ووجدنا ردة فعل إيجابية من قبل المواطنين السعوديين لزيادة مدة التأشيرة إلى ثلاث سنوات.

كتب على موقع القنصلية الرسمي في الإنترنت أنه "اعتبارا من الأول من أيار (مايو) المقبل؛ يمكن لجميع طالبي تأشيرات شينجن المقيمين في السعودية، بغض النظر عن جنسيتهم أو عن مكان إقامتهم، أن يقدموا طلبهم لدى المركز الذي يختارونه (جدة، الرياض أو الخبر)". ماذا يعني هذا؟
هذا الأمر يأتي في إطار التسهيلات التي وفرناها للسعوديين والمقيمين. في السابق كان التقديم لا بد أن يكون في المنطقة التي يقيم فيها مقدم الطلب، أما اليوم يمكن تقديم الطلبات من أي مكان في المملكة.

كيف ترى أهمية تعيينك من قبل الحكومة الفرنسية ممثلاً في منظمة التعاون الإسلامي، والدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا في هذا الشأن؟
الحقيقة تم تعييني في صيف عام 2012، وهي مبادرة سياسية مهمة من فرنسا تجاه الدول الإسلامية والمنظمة بشكل خاص، وحتى الآن الإقبال في المنظمة إيجابي جداً خاصة مع الأمين العام الجديد إياد مدني، الذي يهتم بشكل كبير بالعلاقات مع فرنسا، فلدينا تاريخ مشترك طويل مع معظم البلدان الإسلامية، إلى جانب وجود نحو خمسة ملايين مسلم على أراضيها غالبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية،لذلك هذا التطور يؤكد أن الفرنسيين يعتبرون المنظمة شريكا سياسيا مثل أي منظمة دولية كالأمم المتحدة أو الجامعة العربية، كما يعني أننا بدأنا معها مشاورات سياسية، حيث حضرنا جلستين الأولى كانت في جدة والثانية الشهر الماضي في باريس.
في المجال السياسي نحن معنيون بما يحدث في سورية وإفريقيا الوسطى والجانب الاقتصادي خاصة ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، أما المجال الثقافي فلدينا اتصالات بما يتعلق بتطبيق القرارات التي تخص الإسلاموفوبيا وغيرها، ووضع الإسلام في فرنسا.

بالمناسبة كيف تصف تجربة الحج الماضي، وإشرافك المباشر على بعثة الحج الفرنسية؟
أولاً، هذا العمل واجب علي، ثانياً استخدامي للدراجة النارية في المشاعر -ربما استغرابه البعض- فيعود إلى أن الحجاج الفرنسيين موزعين في كل المناطق في منى وعرفات.
ما أعجبني هو أن الحجاج الفرنسيين أحبوا أن يكون هناك مسؤول فرنسي وليس فقط من صفوف المنظمين يهتم بهم، وهي مبادرة ملحوظة من قبل الحكومة تشير إلى أن السلطات الفرنسية تهتم بالديانة الإسلامية فيما يتعلق بمسألة الحج.
الحج مسألة معقدة جداً وكلما اقتربنا من الميدان تحسنت الأمور، وهدفنا أن نعمل مبادرات تحضيرية قبل الحدث لنتفادى كل الأمور السلبية التي لاحظناها في الأعوام الأخيرة، يمكنني اعتبار تجربة العام الماضي ناجحة جداً.

كيف رأيت الخدمات التي تقدمها السلطات السعودية للحجيج؟
لا شك أن الخدمات تتحسن من عام إلى آخر، وقرار خفض عدد الحجاج العام الماضي كان إيجابيا جداً، وأعتقد أن الموضوع أخُذ بالطريقة السليمة والصحيحة، وإن شاء الله بعد زيادة العدد بعد عامين عند استكمال التوسعة يمكننا الوصول إلى درجة الخدمة نفسها التي وصلنا إليها العام الماضي.

أنتقل للشأن الاقتصادي، كيف تقيم وضع التعاون الاقتصادي بين السعودية وفرنسا؟ وهل تراه في المستوى المطلوب؟
لا يمكنني القول إنه في المستوى المطلوب، بل نتمنى أن يتطور بشكل أكبر، لكنه وصل إلى مستويات جيدة، فرنسا حالياً تعد المستثمر الثالث في المملكة بحجم استثمارات يتجاوز 15 مليار دولار.
نحن متفائلون لسببين: الأول أن الاقتصاد السعودي سليم وشركاتنا مستعدة للمشاركة في هذا التطور، السبب الثاني أن العلاقات السياسية جيدة للغاية وبدون دفع سياسي الأمور لا تتطور بالشكل المطلوب.
وبعد زيارة الرئيس فرانسوا هولاند الأخيرة للمملكة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لاحظنا أن الضوء أخضر في كل المجالات ونحن فعلا مستعدون، وهناك وفد سعودي مع السفير الفرنسي سيزور فرنسا في الأسابيع المقبلة، كما كان هناك وفد من باريس زار المملكة خلال الأسبوع الماضي.
هذا يؤكد أن الاهتمام ازداد والسعوديون تعودوا على المنتجات الفرنسية ويرغبون في التعرف أكثر على اختصاصاتنا، معظم الشركات في جدة لديها معرفة طويلة بالسوق الفرنسية، ولا سيما الصناعات الغذائية وصناعة الطاقة والنقل التي لا تزال اختصاصات غير معروفة إلى حد ما لدى الشركات السعودية.
لدينا رغبة في بناء المشاريع المهمة في المملكة مثل مترو جدة ومشاريع مكة المكرمة والمدينة المنورة، كذلك مشاريع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية. حالياً لدينا مصنعان في مدينة الملك عبد الله الأول لشركة توتال للزيوت، وشركة سنافي للأدوية، وأعتقد أن فرنسا المستثمر الأول في المدينة حتى الآن.
بطبيعة الحال هذه الاستثمارات بالتنسيق مع شركات سعودية وهي إشارة إلى اهتمام المجموعات التجارية بالعمل المشترك.

هل لديكم إحصاءات بعدد الشركات الفرنسية في السعودية؟
بحسب معلوماتنا تبلغ نحو 70 شركة فرنسية توظف أكثر من 20 ألف عامل.

ماذا عن حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
يمكنني التأكيد بأن الصادرات الفرنسية إلى السعودية تضاعفت في السنوات العشر الماضية، ومع ذلك مقتنعون بأن هناك مجالا واسعا للتطور. بلغ حجم التجارة البينية بين البلدين 8.7 مليار يورو في 2012، ونتوقع أن يتجاوز تسعة مليارات يورو في نهاية هذا العام، حيث كانت المملكة المصدر الأول للبترول إلى فرنسا في 2013.

تقدم السعودية تسهيلات كبيرة للمستثمرين الأجانب في البلاد، حتى إنها تساويهم بنظرائهم السعوديين، وتركز على أهمية نقل التقنية المتطورة. هل لدى الشركات الفرنسية الرغبة في نقل التقنية المتطورة للمملكة؟
دعني أكشف هنا أن هناك مشاريع مشتركة بين شركات سعودية وفرنسية تحت الدراسة بخلاف ما ذكرته قبل قليل، لكنها لم تصل إلى مرحلة يمكننا الإعلان عنها، وهي بشكل عام تتركز في مجال الأدوية والطاقة المتجددة، إلى جانب قطاع المخابز.

في المقابل، ماذا عن الاستثمارات السعودية في فرنسا؟ وكيف ترى وضعها؟
الاستثمارات السعودية في فرنسا مهمة جداً بالنسبة لنا، لكن من الصعب معرفة حجمها الحقيقي لأن معظم السعوديين يستثمرون بأسماء شركات غير سعودية في فرنسا، مثل لوكسمبورج ودول أخرى.
الاستثمارات تتركز في القطاع العقاري خاصة في باريس التي تتمتع بمستقبل عقاري جيد، لكننا حالياً نحاول جذب الاستثمارات السعودية في مجالين مهمين: الأول هو البنية التحتية، فلدينا احتياجات كبيرة في التمويل خاصة في باريس، المجال الثاني في الصناعات الغذائية والزراعة التي تهم السعوديين.
وفي العام الماضي أبرمت شركة دو الفرنسية لإنتاج الدواجن اتفاقية مع شركة المنجم السعودية ونعتبر أن هذا التعاون جيدا، ونؤكد هنا أن الصناعة الفرنسية مفتوحة للاستثمارات السعودية.

بالعودة للمستثمرين الفرنسيين الراغبين في دخول السوق السعودية، ما أبرز الصعوبات التي تواجههم؟
الصعوبات التي تواجههم هي نفس ما تواجه أي مستثمر آخر في السعودية. البيروقراطية قد تكون الأبرز، ومع ذلك لطالما الدعم السياسي موجود نحن متفائلون. حتى الآن جميع المستثمرين الفرنسيين الذين حاولوا دخول السوق السعودية نجحوا، ولم تمر علي أي قصة فشل.
الحاجز الأساسي هو التأشيرات حتى لرجال الأعمال، فمن الصعوبة الحصول عليها، ونتمنى لو كانت أسهل. المستثمرون الفرنسيون لديهم رغبة في جلب عائلاتهم مباشرة، لكن وضع العائلات في المناطق البعيدة خاصة قد يكون صعباً عليهم.

هل لديك فكرة عن المدة التي تستغرق للحصول على التأشيرة من السفارة السعودية في باريس؟
في حال كانت الأوراق مكتملة التأشيرة يتم الحصول عليها بسرعة. المشكلة تكمن في أن تأشيرات الإقامة صعبة كثيراً وأحياناً تستغرق أشهراً. أعتقد في حال تسهيل موضوع التأشيرات فإن الشركات الفرنسية ستعتبر السعودية وجهة سهلة للاستثمار.

ماذا عن المدارس الفرنسية الموجودة حالياً في جدة؟ وكيف تقيمونها؟
حالياً هناك مدرسة فرنسية واحدة في جدة تتبع الحكومة الفرنسية، والمدارس الست الأخرى لديهم مناهج فرنسية تحضر الطلاب لشهادة الثانوية الفرنسية. هذه المدارس تتطور بشكل ملحوظ وهي في تزايد، ونحن نقدم لهم تدريب الكوادر.

فرنسا حالياً تركز على استقطاب عدد كبير من الطلاب المبتعثين السعوديين، وبحسب معلوماتنا لديكم مكتب خاص في القنصلية لخدمة الطلاب السعوديين الراغبين في الدراسة في فرنسا. هلا حدثتنا بشكل أوسع عن المكتب؟
بالفعل لدينا مكتب خاص في القنصلية لخدمة الطلاب، لأن غالبية الطلاب السعوديين الدارسين في فرنسا يأتون من جدة، وكل الأمور الإدارية وحتى الحياتية ندرسها مع الطالب. لدينا استعداد للحديث مع الطالب وعائلته لتسهيل وصوله إلى فرنسا، لأنها تجربة جديدة بالنسبة له، والطلاب العائدون من فرنسا حالياً أكدوا أن الأمور أصبحت مقبولة، ودراسة الطب في فرنسا أصبحت شعبية للسعوديين، خاصة القادمين من جامعة الملك عبد العزيز.

الأكثر قراءة