اللاجئون السوريون
ذهبت الأسبوع الماضي، على غير العادة، إلى إحدى الحدائق العامة. شعرت بأنني غريب في الحديقة، شاركني الشعور أغلب من في الحديقة. ظل كثيرون يسترقون النظر إلى الشخص الغريب على المكان.
أغلبية رواد الحديقة هم من الشباب السوريين. كانت الضحكات عالية، والأطفال يلعبون، وعبق الشيشة منتشر في الأجواء، والكل يستمتع بالشواء. مشاعر فرح وانبساط لا توحي بما يحدث في أرض الشام.
قرأت في اليوم التالي خبرا عن مقتل سيدة سعودية على يد خادمتها في محافظة الطائف. استرسلت في قراءة الخبر الذي ورد فيه حال تعيشها أسر كثيرة، وهي فقد أحد "أطفالها" بسبب خروجه "للجهاد" في سورية.
جاء خبر وفاة الابن بعد وفاة أمه بساعات، استجابة لدعائها المستمر أن يأخذ الله روحها قبل أن ترى مصرعه. استرجعت وأنا أقرأ خبر تلك الاحتفالية التي شاهدتها في الحديقة قبل يومين.
دار في المملكة نقاش طويل وخلافي حول ذهاب أبنائنا إلى سورية في فترة ضبابية كهذه، وتسيطر عليها إشكالات لا يفهمها الكثير ممن يريدون الجهاد الذي لا ينطبق على الوضع هناك.
أوضحت الدولة موقفها بكل شفافية وقوة. رفضت أن يتعرض مواطنوها للابتزاز والتنكيل والقتل والاستغلال البدني والمالي من قبل جماعات تستدرجهم لتحقيق أهداف سياسية أو إعلامية. منعت الدولة الخروج إلى سورية واعتبرته من أعمال الإرهاب لئلا يلتبس الأمر على أحد.
اعتمدت الدولة على معلوماتها وفتاوى علمائها الذين كان آخرهم فضيلة الشيخ العلامة عبد الله المطلق الذي أوضح للكل أن تحرير الأرض السورية يقع في الدرجة الأولى على الشعب السوري، وعلى المسلمين في كل مكان أن يساندوهم بالأموال والدعاء، من خلال جهات تقرها الحكومة، وتعرف مقاصدها.
يجب أن يكون إخواننا من شباب سورية أول مطبقي الفتوى، بدل أن ينعموا بالراحة ويتركوا أرضهم تعيث فيها الجماعات المسلحة من كل جنس ولون، ومكانا يُصرع فيه أطفالنا الذين لا يعرفون شيئا عن سورية سوى اسمها.
تطور أخطر ظهر عندما طالب بعض الشباب السوريين بإقامات تسمح لهم بالعمل داخل المملكة. ما يستدعي موقفا واضحا يمنع دخول الشباب السوريين، ويلغي الوثائق التي تسمح للموجودين بالبقاء هنا، لأنه ما حك جلدك مثل ظفرك.