منجم تركيا يعيد إحياء موجة الغضب ضد حكومة أردوغان
ادت كارثة المنجم التي اوقعت 282 قتيلا في غرب تركيا، الى احياء حركة الاحتجاج ضد الحكومة الاسلامية المحافظة التي يرأسها رجب طيب اردوغان مع تنظيم اضراب وتظاهرات قمعتها الشرطة.
واطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق حوالى عشرين الف متظاهر كانوا ينددون في ازمير (غرب) باهمال الحكومة الاسلامية المحافظة في حادث المنجم، حسب ما قالت وكالة انباء دوغان.
واضافت الوكالة ان كاني بيكو رئيس اتحاد النقابات الثورية لتركيا احدى اكبر النقابات العمالية في البلاد، نقل الى المستشفى بسبب اعمال العنف التي نفذتها الشرطة.
وفي انقرة استخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق حوالى 200 شخص تجمعوا في ساحة كيزيلاي.
وكتب على لافتة رفعها ناشط نقابي في العاصمة "هذا ليس حادثا ولا القدر انها مجزرة"، داعيا الحكومة الى الاستقالة.
ونظمت تظاهرات اخرى في عدة مدن في حين ان النقمة تزداد على السلطات التركية التي واجهت في الربيع الماضي حركة احتجاج غير مسبوقة.
واعلنت اربع نقابات الخميس يوم اضراب عام في كافة انحاء البلاد في ذكرى العمال الذين قتلوا في حادث منجم الفحم في سوما الواقعة على بعد مئة كلم شمال شرق ازمير.
ويواجه اردوغان انتقادات لانه تجاهل التحذيرات المتكررة بخصوص عدم سلامة المناجم في تركيا. وقد رفض هذه الاتهامات الاربعاء اثناء تفقده موقع الحادث في سوما حيث كان هناك العديد من السكان الغاضبين.
ورد رئيس الوزراء على الصحافيين قائلا "انفجارات مثل هذه في المناجم تحصل كل الوقت". وذكر على سبيل المثال حوادث مناجم وقعت في فرنسا وبريطانيا في القرنين التاسع عشر والعشرين.
واثار احد مستشاريه فضيحة بعد ان ظهر في صورة يرتدي بذلة ويستعد لركل متظاهر سقط ارضا ويمسك به عنصرا امن.
ولم ينف المستشار وهو مدير مكتب اردوغان ذلك. وقال في تصريح نقلته صحيفة حرييت "هاجمني وشتمني وشتم رئيس الوزراء. فهل كان يجدر بي ان الزم الصمت؟".
وفي مكان وقوع الحادث في سوما لا يزال عشرات العمال عالقين في الممرات وفقا لفرق الاغاثة.
وقد حضر الرئيس التركي عبد الله غول الخميس الى موقع المأساة وواجه ايضا موجة احتجاج لكن اقل حدة بحسب وسائل الاعلام.
وقال ان ما حدث "كارثة كبرى"، مؤكدا ان الدولة التركية تبذل قصارى الجهود لمساعدتهم. واضاف "ان خسارتنا كبيرة".
واقيمت مراسم تشييع ورفعت الصلوات ظهرا للضحايا ال282. وتسلمت الاسر جثث اقاربها التي تكدست في مشرحة اقيمت خصيصا في كيركاغاش على بعد كيلومترات من سوما.
وقبل ساعة من موعد صلاة الظهر توجه الاف السكان الى المقبرة البلدية.
ومن مسافة قريبة تراقب فتحية كودو هذه الاستعدادات وتقول "زوجي يعمل ايضا في منجم لكن في منجم اخر". وتضيف "جئت تضامنا مع الاسر. الامر صعب جدا علينا جميعا".
وخلال الفترة الصباحية نعت مكبرات للصوت الضحايا في شوارع سوما "يعلن الوالد والوالدة والشقيق وفاة ابنهم العزيز يوسف باك. سيتم تشييعه بعد صلاة الظهر".
وتحت تاثير الصدمة، لزمت تركيا الحداد ثلاثة ايام. وتوقفت برامج محطات التلفزة والغيت الاحتفالات.
وتاتي هذه المأساة في اطار سياسي متوتر جدا في تركيا بين نظام اردوغان والمعارضة. وقد تدهورت الاجواء السياسية بعد اشهر من الازمة. وفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية التي جرت في الاونة الاخيرة رغم فضيحة فساد كبرى في اذار/مارس الماضي، لم يكن كافيا لتهدئتها.
وقمعت الشرطة الاربعاء تظاهرات مناهضة للنظام في اسطنبول وانقرة.
والقوات الامنية على اهبة الاستعداد اذ ان الحادث ياتي قبل ايام من ذكرى اولى التظاهرات في ساحة تقسيم في اسطنبول في 28 ايار/مايو التي تحولت الى حركة احتجاج واسعة النطاق ضد الحكومة التي تتولى السلطة منذ 2002.
وكان 787 عاملا داخل المنجم لدى وقوع الانفجار الذي لم تعرف بعد اسبابه.
وقبل ثلاثة اسابيع رفض نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم تشكيل لجنة تحقيق حول سلامة المناجم كما طلبت المعارضة.
وسوما تضم العديد من المناجم وتقع على بعد 480 كلم جنوب غرب اسطنبول. والانفجارات في المناجم تتكرر في تركيا ولا سيما في مناجم القطاع الخاص حيث لا تلقى قواعد السلامة احتراما في غالب الاحيان. والحادث الاكثر خطورة وقع في 1992عندما قضى 263 عاملا في انفجار للغاز في منجم زونغولداك (شمال).
وفي حديث لصحيفة حرييت في 2012، افتخر الب غوركان رئيس مجلس ادارة سوما هولدينغ بخفض الى حد كبير تكاليف الانتاج في المنجم منذ ان تولت الشركة استثماره.