نازحو حلب يقودون الحركة التجارية في اللاذقية
أدى توافد آلاف النازحين من مدينة حلب في شمال سورية، إلى إنعاش الحركة الاقتصادية في مدينة اللاذقية الساحلية غربي البلاد التي تشهد ازدهارا اقتصاديا، رغم النزاع المستمر منذ ثلاث سنوات.
وقد ضخ أبناء حلب التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسورية، والمعروفون بحسهم التجاري وخبراتهم الصناعية، دما جديدا في اللاذقية التي كانت تعتمد اقتصاديا على السياحة الصيفية ومداخيل مينائها البحري.
ونقلت "الفرنسية"، عن هيثم أحمد مدير الإعلام في محافظة اللاذقية، قوله إن سكان الساحل كسالى إجمالا لكن أهل حلب لا يمكنهم العيش من دون أن يعملوا من الصباح إلى المساء.
ومنذ اندلاع النزاع السوري في منتصف آذار (مارس) 2011، نزح قرابة مليون شخص أغلبيتهم من حلب، إلى محافظة اللاذقية التي تستضيف أيضا نازحين من حمص (وسط) وإدلب (شمال غرب) وباستثناء معارك في ريفها الشمالي، بقيت اللاذقية التي تعد معقلا أساسيا لنظام الأسد، في منأى عن الحرب.
وتشهد هذه المحافظة تضاعفا في عدد سكانها، ويقول سامي صوفي مدير غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية، إن ثمة طفرة اقتصادية حقيقية، فالنازحون وخصوصا من حلب يحركون الاقتصاد، والعاطلون عن العمل وجدوا وظائف جديدة، مضيفاً أن للحلبيين خبرة في التجارة والأعمال، فقد انتقلوا إلى الأرياف في اللاذقية لإقامة مصانع مخصصة لمواد التنظيف والمستحضرات، وتصنيع المواد الغذائية.
ويستضيف ريف اللاذقية، حيث تنخفض تكلفة الإيجار مقارنة بالمدينة، العديد من مصانع الكابلات والأجبان والمواد الغذائية، وعمد أحد النازحين إلى إقامة مخبز للكعك ينتج كميات كبيرة منه ويوزعها في كامل المحافظة، بعدما وجد أن ثمة بائع كعك واحد في مدينة اللاذقية.
وأقيمت مصانع لإنتاج صابون زيت الزيتون الذي تشتهر به حلب، وبات حاليا يصدر عبر مرفأ اللاذقية إلى دول عدة، منها الولايات المتحدة، وقد أدى هذا النشاط الاقتصادي المتزايد إلى ضخ الحياة في المدينة الصناعية في اللاذقية التي بقيت شبه مقفرة سنوات طويلة، وتتزاحم فيها حاليا مصانع مواد النسيج ومستودعات الحديد وورش إصلاح السيارات.
وكان حسن شوبك الذي يقوم بصناعة صهاريج وألواح لنقل الحاويات على الشاحنات، أول من استقر في المنطقة الصناعية، بعدما أقفل مطلع 2013 مؤسسته البالغة مساحتها أربعة آلاف متر مربع في حلب.
ويقول الصناعي البالغ من العمر 46 عاما، إننا قمنا بضخ الحياة في هذا المكان المهجور، واليوم لدي أربعة معامل، ولم يعد ثمة مترا مربعا شاغرا، والمالكون يرفعون قيمة الإيجارات.
ويوظف شوبك 40 عاملا، ويصرف إنتاجه في سورية والدول العربية، ويشير إلى أنه إذا أقدمت البلدية على توسيع حدود المدينة الصناعية، فيمكننا إقامة مصنع ضخم كما في حلب، وأنا على ثقة بأن العديد من الصناعيين الذين أوقفوا أعمالهم بسبب أعمال العنف، سينتقلون إلى هنا.
وتشهد أحياء حلب معارك يومية منذ صيف 2012، وتتوزع السيطرة على أحيائها التي تعرضت لدمار كبير، بين النظام السوري ومقاتلي المعارضة، وأقفلت أغلبية مصانع حلب أبوابها بسبب الأوضاع الأمنية.
ويركز النازحون من حمص إلى اللاذقية، في العمل بصناعة الألواح المخصصة للطاقة الشمسية، فيما يعمل النازحون من إدلب في قطاعي الميكانيكا والكهرباء.
وفي الحي التجاري وسط المدينة، يبيع عمر سماك الحلي والإكسسوارات النسائية، في عمل لا علاقة له بتاتا بعمله في حلب حيث كان يبيع الحمص، وهرب إثر اندلاع المعارك في المدينة، مع عائلته في شاحنته الصغيرة من نوع "بيك أب" إلى اللاذقية.
ويقول سماك، لقد قمت بداية ببيع الخضار، ومع زيارتي مرارا لشارع أنانة، لاحظت أن أحدا لا يقوم ببيع الحلي والإكسسوارات.
وباتت السياحة التي كانت موردا أساسيا للمدينة معدومة، وأصبحت المجمعات البحرية تستضيف النازحين بدلا من السياح، حيث يشغل النازحون 600 فيلا محيطة بـ "الشاطئ الأزرق" في شمال اللاذقية برغم ارتفاع أسعار الإيجارات فيها، ومن هؤلاء محمد سنقر (35 عاما) الذي نزح قبل نحو 20 شهرا من حلب، برفقة زوجتيه وأولاده الثمانية.