400 مليار فاقد الاقتصاد السعودي من المشاريع لعدم اعتماد المنتج المحلي

400 مليار فاقد الاقتصاد السعودي من المشاريع لعدم اعتماد المنتج المحلي

قال الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية ورئيس مجلس إدارة غرفة الرياض إن فاقد الاقتصاد الوطني من المشاريع الحكومية يبلغ نحو 400 مليار ريال، وذلك بسبب عدم تفعيل أوامر ملكية صدرت منذ عام 1984م وأهمها عدم اعتماد المنتج المحلي في مشاريع الدولة.
وأكد الزامل لـ«الاقتصادية» في أول حوار له بعد انتخابه رئيسا لمجلس الغرف السعودية أخيرا، أن 17 مليار ريال كانت موجهة لمصانع بالخارج تم تحويلها إلى السوق المحلي، من خلال لجنة اقترح فكرتها تحت غطاء مجلس الغرف السعودية، كما تحدث عن المصانع في السوق السعودي وحجم استثماراتها وصادراتها وأبرز ملفات مجلس الغرف في المرحلة القادمة، التي تتضمن توفير فرص العمل في جميع المناطق ومعالجة البطالة وحماية المستهلك.. فإلى نص الحوار:

ما أهم البرامج التي ستعملون على تحقيقها بعد انتخابكم رئيساً لمجلس الغرف السعودية؟
أولا أود أن أؤكد أن لمجلس الإدارة استراتيجية معتمدة تقود عمل المجلس في كل دورة، ولقيادة المجلس تحديد ما تعتقد أنه ذو أولوية لصالح القطاع الخاص والمجتمع، وهنا سأذكر شخصياً الأمور والأولويات التي دفعتني للمشاركة في قيادة هذه الدورة وهي توفير فرص عمل في كل المناطق من خلال متابعة إنشاء مزيد من المصانع والشركات ذات التقنية، ويتم ذلك من خلال متابعة تنفيذ أمرين حكوميين في غاية الأهمية هما الأول إلزام كل المشاريع الحكومية باعتماد المنتج المحلي في مشاريع الدول، وهذا حسب الأوامر السامية. والثاني متابعة تنفيذ الأوامر الملكية المتعلقة بالتوازن الاقتصادي وإلزام كل الشركات الأجنبية الحاصلة على عقود حكومية باستثمار 30 في المائة من قيمة العقود في القطاع الصناعي مع سعوديين أو قطاع خدمي ذي التقنية العالية.
فالبطالة منتشرة بين الشباب والشابات في المناطق النائية بشكل رئيسي ولا توجد فرص عمل في المناطق إلاّ من خلال عقود الصيانة والتشغيل في عقود حكومية، ولا بد لنا من متابعة توظيف الشباب والشابات فيها.
أيضا من أولوياتي العمل مع وزارتي "التجارة" و"البلديات" على حماية المستهلك فهذه أولا حماية لرجل الأعمال الشريف كتاجر أو صانع أو مستهلك أو موظف، إضافة إلى العمل على تطوير صورة رجل الأعمال في أذهان المواطنين وأمام المسؤولين نتيجة سوء الفهم وبسبب تقصير مؤسساتنا الخاصة، خاصة الغرف بعدم العمل على توضيح الأمور ومواجهة السلبيات المنتشرة حول القطاع الخاص.

ذكرتم أن توفير فرص العمل في مقدمة الأولويات، حدثنا عن كيفية توفير فرص عمل يقبلها السعودي في كل من المناطق الصغيرة والكبيرة؟
الجميع متفقون أن موضوع توفير فرص عمل في المدن الصغيرة أو الكبيرة من أهم أولويات الدولة والقطاع الخاص، لذلك قدمت الدولة الحوافز الكافية لزيادة الاستثمار وفرص العمل وكانت من نتائجها أن القطاع الخاص وظف ما لا يقل عن مليون ونصف شاب وشابة، أي أكثر مما وظفته الحكومة في أجهزتها وهذا بالفعل لا يكفي لأن المنضمين لسوق العمل سنوياً من خريجي المدارس والجامعات المحلية والأجنبية أعداد كبيرة، حددها أحد المختصين بأن السوق بحاجة لـ 400 ألف فرصة عمل لا بد من توفيرها سنوياً للسنوات الخمس القادمة, ولا يكفي القول بنظرية الإحلال، وإنما المهم بخلق فرص وظيفية يقبلها السعودي ذات الراتب الجيد والمستقبل الواعد في كل المناطق وخاصة النائية. ومما أسعدني في الخبر الذي أعلنته أرامكو، التي تستهدف إيجاد 500 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة للسعوديين خلال السنوات الخمس القادمة، وأملي أن تقوم كل شركة عملاقة ومؤسسة مالية كبيرة وأجهزة حكومية بإعلان توقعاتها في فتح فرص عمل جديدة لخمس سنوات القادمة.

الكل متفق الآن أن الفرص الوظيفية في الشركات العملاقة ذات التقنية العالية والمرغوبة من السعوديين غير متوفرة الآن، سواء كانت البنوك، أرامكو، البتروكيماويات، الشركات المساهمة، وقليلا من الصناعات التحويلية، فما هو الحل؟
الحل هو استقطاب استثمارات جديدة، وذلك من خلال تفعيل أوامر ملكية صدرت منذ عام 1984م لتحقيق هذا الغرض ولم تطبق بالمستوى المطلوب، أولها أمر ملكي باعتماد المنتج المحلي لكل مشاريع الدولة، وهذا النظام مطبق في جميع دول العالم بقرارات تحت مسمى (اشتر محلياً)، حيث تسعى كل دولة في الحفاظ على مكتسباتها وتوجيه أموالها للاستثمارات الداخلية، الذي شجعني على ذلك تجربة شخصية لي، حيث اقترحت على زميلي الأخ عبدالله المبطي رئيس مجلس إدارة الغرف السعودية السابق- حفظه الله- أن أكوِّن لجنة برئاستي وعضوية مجموعة من الصناعيين أصحاب المصلحة وتحت غطاء المجلس لمتابعة تنفيذ هذه الأوامر، وبالفعل تم ذلك وتم تكليف مستشار قانوني وبدأ العمل، وكان من نتائج هذه اللجنة أنه تم تحويل نحو 17 مليار ريال من منتجات كانت موجهة لمصانع بالخارج من قبل الاستشاريين الأجانب الذين دائما يركزون ويضعون توصيات للاستفادة من منتجات بلدانهم من مواد البناء في تنفيذ مشاريع في السعودية، وذلك بعد أن نبهنا القيادة والوزراء ومديري المشاريع في الكثير من مشاريع الدولة والجهات الحكومية المعنية.
أيضا هناك العديد من المشاريع يتم اعتمادها دون الاهتمام بالمواصفات وكيف تكتب فعندما يتقدم مصنع بشكوى أو تنبيه للجنة تتحرك اللجنة مباشرة مع قائد القطاع وزيرا أو مسؤولا، ودائما نجد التجاوب السريع وليس هناك رغبة لأحد من المسؤولين بمخالفة الأمر الملكي، ولكن مع تعدد القرارات والرغبة في تنفيذ المشاريع بسرعة الكل لديه أولوية واحدة وهي سرعة تنفيذ المشروع والسباق مع الزمن، لذلك يجب علينا في مجلس الغرف والغرف التجارية الصناعية في المناطق متابعة كل الأوامر الملكية التي تصدر لصالحنا، فنحن كقطاع خاص أطعنا ونفذنا كل قرارات الوزراء بالذات المتعلقة ببرامج التوطين والتوظيف والتدريب، وأملنا كبير في الوزراء أيضا في تنفيذ الأوامر الملكية التي تلزمهم بتشجيع الاستثمار المحلي، والعمل على فتح فرص عمل جديدة، حيث لدينا فاقد كبير على الاقتصاد الوطني يقدر بنحو 400 مليار ريال.
إن روعة تطبيق هذه القرارات بحذافيرها سيؤدي لمضاعفة مشاركة المنتج الوطني ومساهمته في الناتج المحلي نتيجة انتقال مستثمرين أجانب وإنشاء مصانع كثيرة للإنتاج محلياً للاستفادة من هذه الميزة، وإنني على يقين أن أعداد المصانع الحالية والبالغة أكثر من خمسة آلاف مصنع، التي تبيع منتجات للسوق المحلي بنحو 300 مليار ريال سنوياً وصادرات غير نفطية بقيمة 200 مليار ريال تقريبا، ستتضاعف خلال خمس سنوات إذا حرصنا على متابعة وتطبيق هذا القرار، وأمنيتي أن نصل في التطبيق لمستوى تطبيق الحكومة الأمريكية لقانون (اشتر المنتج الأمريكي) والذي يمنع منعاً باتاً شراء أي منتج أجنبي بأموال حكومية لمشاريع حكومية، سواء كانت في الداخل أو خارج أمريكا.
وإضافة إلى تنفيذ الأوامر الملكية لشراء المنتج المحلي هناك برنامج التوازن الاقتصادي والذي ينص صراحة على أن تستثمر أي شركة أجنبية تحصل على عقود عسكرية أو مدنية مبلغ 30 في المائة من قيمة العقد للاستثمار في المملكة في قطاعات صناعية أو أنشطة ذات تقنية عالية، ويكفي أن نعلم أن قيمة العقود الموقعة مع الشركات الأجنبية سنوياً لا تقل عن 100 مليار ريال، وهذا قليل إلاّ أنني لو ذكرت الرقم الحقيقي لاتهمتوني بالمبالغة، فأنا ويكفيني مائة مليار ريال مثلا 30 في المائة منها أي 30 مليار ريال، إذا أضفنا لها 35 مليارا استثمار الجانب السعودي (من تمويل وغيره) لتوفر لنا نحو 65 مليار ريال استثمارات سنوية ذات تقنية عالية، وقد أكد الأمر الملكي بعدم الرفع له للاستثناء أبدا، وتوقعاتي أنها توفر فرص عمل لا تقل عن 40 ألف وظيفة مباشرة، وكل وظيفة مباشرة تخلق ثلاث وظائف غير مباشرة، وهذا التساهل في عدم تنفيذ الأوامر الملكية هي مخالفات واضحة أدت لخسارتنا كأمة لمليارات الريالات وخسارة لآلاف من فرص العمل وخسارة تحقيق الهدف الأكبر وهو تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، والانتقال بالأمة للعالم الأول.

ما الحلول من وجهة نظركم للحد من الفاقد على الاقتصاد الوطني من المشاريع والاستثمارات الأجنبية؟
لن نيأس والأمل لا زال في السنوات القادمة، والمشاريع العملاقة تطرح وتنفذ يومياً في كل القطاعات العسكرية والمدنية وأطلب من مجلس الشورى ولجانه المالية والاقتصادية أن تطلب من رئيس لجنة التوازن وزير الاقتصاد والتخطيط لحضور المجلس وطرح القضية برمتها أمامه، وهل يعقل أن في 30 سنة، ومنذ 1984 لا يستثمر إلاّ 21 مليار ريال أنجزت 40 مشروعاً وظفت 8000 ألف شاب وشابة برواتب جيدة بين 11 و16 ألف ريال، إن أهمية الأمر نابعة من أن الأمر متعلق بمصداقية الدولة وقيادتها أمام العالم والشركات العملاقة والمواطنين، فكل الشركات تدعي أمام شركائها أن حكومتنا غير جادة، ولا توجد أي عقوبة أو متابعة لهذا الأمر فاستهانوا بالأمر.
وأخيراً أتمنى من وزير الاقتصاد والتخطيط، رئيس لجنة التوازن، أن يعتمد الشركة العملاقة التي أسست أخيرا بين وزارة المالية وشركة أرامكو السعودية وشركة سابك أن تكون الشريك الرئيسي لبرامج التوازن وهي التي تختار الشريك الآخر من القطاع الخاص لضمان الجدية والإنتاجية. وأتمنى أن تتخذ الدولة قراراً شجاعاً، فإما التطبيق بكل حذافيره - كما هو الأمر الملكي السامي – أو إلغاء البرنامج ككل حفاظاً على مصداقيتنا، وسأكون شخصياً حزيناً، حيث نجحت هذه البرامج في تركيا والإمارات والأردن، وهي التي تعلمت منا وكلها بدأت بعدنا بثماني سنوات، وعملوا المعجزات، ونحن نفشل لا سمح الله!
إنني على قناعة أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أطال الله في عمره- والأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء والأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، لن يقبلوا هذه النتيجة فهذا مكسب وطني لا بد من الحفاظ عليه، ونحن في مجلس الغرف سنتابع الأمر في السنوات الثلاثة القادمة ونقيم النتيجة – إن شاء الله.

إضافة إلى ما ذكرتموه فيما يتعلق بالحد من الفاقد على الاقتصاد الوطني، ما المهمة الثانية للمجلس في رأيكم؟
الأمر الثاني والأساسي لنا هو متابعة البطالة وحلولها وتوفير فرص العمل، خاصةً في المناطق النائية والمدن الصغيرة، فالكل متفق أن فرص العمل في القرى والمدن الصغيرة والمقبولة من الشباب والفتيات السعوديين هي في عقود الصيانة والتشغيل في المؤسسات الحكومية هناك من مستشفيات، وجامعات، ومدارس، وطرق وغيرها، التي ينفذها القطاع الخاص للدولة، وأستطيع أن أؤكد أن شركات القطاع الخاص الموظفة لنحو 900 ألف عامل وموظف في عقود الصيانة للقطاع الحكومي والقطاع الخاص لن يترددوا في توظيف نسبة جيدة، ولتكن 20 في المائة تقريبا من العقود للسعوديين إذا حددت الدولة مستوى رواتب للسعوديين مقبولة لهم في المواصفات مقدما مع كل المزايا التي يحصل عليها المهندس، الفني، الكهربائي، وأخصائي التكييف وهكذا وهذه الطريقة المتبعة في الهيئة الملكية، والموانئ، وأرامكو. وكل عقود الصيانة في هذه الجهات الحكومية تعدت نسبة السعودة فيها 50 في المائة خلال السنوات الماضية، لذا يجب أن نتفادى نسبة 7 في المائة سعوديين فقط، ولا نترك الأمور عائمة، وكما هو حاصل الآن، والواجب أن تحدد نسبة أعلى وتحدد الوظائف للسعودي بالاسم والراتب والمزايا، ومن لم يوظف هذا السعودي في العقد يخصم راتبه من قيمة العقد وتوضع غرامة 10 في المائة، وتقوم الجهة بتوظيف السعودي على العقد مباشرة، والسعوديون في هذه العقود سينتقلون من عقد إلى عقد مع أي شركة جديدة في نفس الموقع.
وهذا الأسلوب في التعامل مع العقود سيفتح فرصا كبيرة للشباب والبنات في المناطق النائية، وسيعود كثير من الشباب المدرب والعامل مع المصانع والشركات الأخرى سينتقل لمدينته الصغيرة بالقرب من أهله متى ما حصل على نفس الراتب والمزايا والاستمرارية، وأهم من كل ذلك سنضمن أيضاً استمرارية الإدارة في عقود الصيانة من قبل سعوديين متخصصين مع مضي الوقت. ولقد سبق أن طرحت هذا المشروع في مجلس الشورى، واهتم به الزميل المهندس محمد القويحص العضو السابق في مجلس الشورى – جزاه الله خيراً- وبعدها اهتم الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع شخصياً بالموضوع وعمد وزير العمل بتشكيل لجنة لدراسته والرفع لسموه الكريم خلال ثلاثة أشهر، والآن نحن ننتظر النتيجة, والمهم أن تعلم الدولة أن عليها أن تدفع التكلفة المطلوبة للسعودة مثلما هو متوقع منا كقطاع خاص أن ندفع هذه التكلفة في توظيف السعوديين, ونحن سعداء بذلك، ولقد أكد لنا نائب وزير العمل مفرح الحقباني في حفل تكريم المتدربين في غرفة الرياض الأسبوع الماضي أن الوزارة أنهت المرحلة الأولى من الدراسة ورفعت أول تقرير والوزارة متفائلة بالنتائج وحريصة على تطبيق الاقتراح، تنفيذاً لأوامر القيادة.
أما بالنسبة للمهمة الثالثة فهي العمل مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات ومساندة برامجهم، في حماية المستهلك، فحماية المستهلك هي بالفعل حماية للتاجر الصغير والمتوسط والكبير والشرفاء من تلاعب الدخلاء على القطاع الخاص السعودي، فهذا البرنامج سيكون من أولويات المجلس– إن شاء الله.
أما بالنسبة للمهمة الرابعة والأخيرة فهي الاهتمام بصورة رجل الأعمال والقطاع الخاص في أذهان الناس والعمل على إيجابيتها ومواجهة أي ادعاءات غير صحيحة وشرح مواقف القطاع الخاص ودوره في الخدمات الاجتماعية والتوظيف والتدريب ومساندة كل المؤسساتٍ الخيرية وتطوير مؤسسات الأوقاف الخيرية التي تكونها الشركات العائلية وهي بمئات المليارات من الريالات.

الأكثر قراءة