«العين» .. وش تبي فينا؟
ذات يوم شكوت لأحد الأصدقاء ألمي وحزني ووجعي من "عين ما صلت على النبي" أصابتني وعطلت ركضي في حياتي العملية ومطاردة لقمة عيشي، بل زادت وقيدت كل رغبة لدي في استشعار مذاق الحياة.
وبعد أن انتهيت من "الفضفضة" طالعني صديقي من فوق لتحت وقال "ياخي العين وش تبي فيك يا براد بيت..!! لا ملح ولا قبول ولا ثراء" ثم أردف قبل أن يخرج قائلا "الشرهة ليست عليك بل على من ضيع وقته واستمع لخزعبلاتك".
صديقي كان محقا.. فعلا العين "وش تبي فينا..!!".. نحن كسعوديين نتفنن كثيرا في تبرير فشلنا في "الحياة" ونتلمس لنا ألف عذر وعذر، ولعل أشهر الأعذار هو "العين" والسحر والجن، فعندما يتقاعس الفرد عن مزاولة عمله يربطه بالعين، وعندما يفشل في إدارة حياته الزوجية بالشكل السليم يرمي ذلك فورا على عمل "سحر" ضرب خاصرة علاقته الزوجية ودمرها.
العين حق وكلنا مؤمنون بها، ولكن غير مقبول أن تكون سببا لكل حالة "فشل"، وغير مقبول أن نحملها أخطاءنا.. حتى لاعبي الكرة نهجوا ذات النهج، فعندما ينخفض مستواه بفعل السهر والعادات السيئة التي يمارسها لا يسعى لتصحيح أخطائه، بل يرمي كل شيء على العين أو السحر وأحيانا الجن.
حتى المختلسين في البلد وجدوا في الجن والعين وسيلة لتبرير اختلاساتهم، ففي الأسبوع الجاري طالعتنا إحدى الصحف المحلية بقصة غريبة وطريفة ومضحكة.. يقول الخبر إن قاضيا في المدينة المنورة حمل الجن سرقته لأكثر من 600 مليون ريال، وزاد في استجوابه "أنا غير مسؤول عن أقوالي وأفعالي بما فيها حادثة سرقة الـ 600 مليون، وأن المسؤول هو جني تلبسني".
القاضي الذي أطلقت عليه الصحيفة لقب "القاضي الجني" لم يكتف بذلك، بل استشهد بأحد الرقاة الذي تقدم بشهادته للقاضي الناظر في القضية قائلا "بالفعل.. خلال رقيتي للقاضي اكتشفت جنيا مسيطرا عليه ويجبره على فعل ما لا يرغب دون وعي منه أو دراية، وأن من قام بالسرقة هو الجني وليس القاضي".
يجب أن ندرك أن العين حق.. وأن الجن موجود.. وأن السحر والسحرة موجودان، ولكن من المعيب أن نرمي كل شيء عليهم، وأن نحملهم أخطاءنا وفشلنا في الحياة.. وحتى سرقاتنا واختلاساتنا هي خاضعة لنفس أمارة بالسوء، لا أن نحملها للجن كما فعل صاحبنا القاضي الظريف.