أطفال سوريون يولدون لاجئين في لبنان
تجد نساء سوريات لجأن الى لبنان بعض العزاء في مواليدهن الجدد يشوبه قلق شديد على مستقبلهم في ظل الظروف القاسية التي سينشأون فيها في البلد الذي لجات اليه عائلاتهم هربا من نزاع دام المستمر منذ اكثر من ثلاثة اعوام.
وتقول ام خالد وهي تحمل مولودها الجديد في عيادة تديرها منظمة "اطباء بلا حدود" في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، لوكالة فرانس برس "ابني ولد لاجئا، ويواجه مستقبلا صعبا هنا".
وتضيف وقد وقف الى جانبها ابنها الآخر البالغ من العمر عامين "انا سعيدة لانني وضعت مولودا، لكن الظروف شديدة الصعوبة لتربية اولاد".
ونزحت ام خالد من منطقة القلمون شمال دمشق على الحدود مع لبنان والتي سيطرت عليها القوات النظامية مدعومة بعناصر من حزب الله اللبناني، بشكل شبه كامل منتصف نيسان/ابريل بعد معارك عنيفة في عدد من قراها وبلداتها.
وتعزي هذه المرأة الشابة البالغة من العمر 25 عاما نفسها بان زوجها وجدا عملا في عرسال، البلدة ذات الغالبية السنية المتعاطفة اجمالا مع المعارضة السورية. رغم ذلك، يواجه الزوجان صعوبات بالغة في توفير أدنى مستلزمات الحياة لاولادهما الثلاثة.
وتقول ام خالد بتأثر "احب اولادي، لكنني احيانا انظر اليهم وأبكي. حين كنت أقيم في سوريا، كان لدي منزل وحديقة يمكنهم اللعب فيها. هنا، لا يمكنني ان اقدم لهم اي شيء".
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، يستضيف لبنان اكثر من مليون لاجىء سوري نزحوا هربا من النزاع في بلادهم منذ منتصف آذار/مارس 2011. ويشكل الاطفال نحو نصف هؤلاء.
وحذرت المنظمة الدولية من ان يصبح الاولاد السوريون "جيلا ضائعا".
وفي بلدة عرسال وحدها، ارتفع عدد السكان من اربعين الفا قبل اندلاع النزاع السوري، الى اكثر من 100 الف حاليا.
وتقيم غالبية اللاجئين لدى عائلات مضيفة، او في مخيمات عشوائية بالكاد تتوافر فيها ادنى مقومات الحياة. وبقي العدد الاكبر من الاطفال خارج المدارس، ويمضون اياهم في اللعب وسط ظروف غير ملائمة صحيا.
وتبذل الامهات أقصى جهودهن لتوفير اماكن آمنة لاولادهن داخل الخيم، ويغطينهم بملاءات بيضاء وزهرية للوقاية من البرد شتاء والشمس صيفا.
وغادرت نساء عديدات منازلهن في سوريا وهن حوامل في اشهر متقدمة.
وتقول ام محمد "كنت حاملا في شهري السابع عندما هربنا من النبك (في القلمون). كانت الطريق التي استخدمناها تتعرض للقصف من طائرة حربية، لكننا نجحنا في الوصول".
وتضيف المرأة وهي ام لاربعة اولاد "مولودي الجديد عدي يعطيني الامل، حتى ولو خسرنا كل شيء. الا ان ايا من اخوته لا يذهب الى المدرسة. لا املك ادنى فكرة كيف سأوفر حاجات اي منهم"، مشيرة الى ان زوجها عاطل عن العمل حاليا.
وتقول ماريا لوز رويز، وهي ممرضة وقابلة قانونية مسؤولة عن مركز العناية بالام والطفل التابع لاطباء بلا حدود في عرسال، ان معدل الولادات اكبر لدى النساء اللاجئات مقارنة مع اللواتي بقين في بلادهن، وان العديد منهن يحملن بعد وصولهن الى بلد اللجوء.
وتوضح ان "الامر يصعب فهمه بالنسبة الينا في بعض الاحيان، لكن هذا جزء من حالة اللجوء".
وبدأ المركز عمله في آذار/مارس، ويتيح للنساء ان يلدن اطفالهن من دون دفع بدل مادي. كما يوفر عناية للحوامل والامهات قبل الولادة وبعدها.
وتعتبر رويز ان "الامومة مسألة اساسية بالنسبة للنساء السوريات"، وهي تساعدهن على التأقلم مع صعوبات ترك منازلهن وعائلاتهن واصدقائهن.
وتضاف الى معاناة النساء الظروف الصحية والاقتصادية السيئة التي يواجهها النازحون في البلد ذي الموارد المحدودة.
وتوضح رويز ان غالبية الاطفال الذين يحضرون الى مركز "اطباء بلا حدود" يعانون "مشكلات في التنفس والتهابات واضطرابات في الامعاء".
ويستضيف المركز أزواجا يستعدون لاستقبال مولودهم الاول، ومنهم عامر وزوجته أمل، النازحان من مدينة يبرود في القلمون.
وتقول المراة الشابة ذات العينين البنيتين والبالغة من العمر 22 عاما "عندما حملت، كانت يبرود على خير ما يرام. لم اتخيل ولو للحظة اننا سنصبح لاجئين".
في احدى غرف المركز، تلمع عينا كل من عامر وأمل تأثرا لدى سماعهما نبض قلب الجنين خلال فحص الرنين الصوتي الاخير قبل الولادة.
ويقول عامر "شعرت بسعادة غامرة. سيأتيني طفل وسأكون والدا. الحمد لله. لكنني ايضا أشعر بالحزن عليه لاننا لا نملك منزلا".
وترك الزوجان يبرود بعد اصابة عامر في المعارك التي انتهت بسيطرة النظام على المدينة في نهاية آذار/مارس.