«الشرقية».. الاحتراف أضاع الهوية
"الشرقية" اسم كبير في عالم كرة القدم السعودية، تحتضن أندية لها جذور ضاربة في تاريخها، ولها صولات وجولات وإنجازات، كيف لا والاتفاق من أقدم الفرق صعوداً لمنصات التتويج محلياً وخارجياً.
لم يكن الاتفاق وحيدا هو العلامة المضيئة في الشرقية، هذه المنطقة الحبلى بالفرق العريقة على نحو القادسية والنهضة، وغيرهما، بل نجدها فرّخت العديد من المواهب التي ركضت في الملاعب السعودية والخارجية وكانت وما تزال ملء السمع والبصر، على رأسهم الأخوان صالح وعيسى خليفة، ورايلي أول هداف للدوري السعودي، وياسر القحطاني وسعود كريري وغيرهم الكثير.
وبدل أن تمضي الشرقية في طريق التطور، أخذت تتراجع للخلف بسرعة كبيرة، وبدأ بريقها يخبو شيئاً فشيئاً حتى كاد أن يتلاشى، مما أوجد العديد من علامات الاستفهام، وإن كانت الأغلبية حملت هذا التدهور والتراجع إلى دخول الاحتراف إلى أضابير أنديتها، وبدل أن يفيدها، خصم من رصيدها الكثير، كون أن المواهب تجد من يغلفها عبر إغرائها بالأموال والإعلام والشهرة.
والشيء المبكي حالياً أن الاتفاق، النهضة، والقادسية، ثلاثتها تقبع في دوري ركاء، ويبقى الخليج الذي صعد هذا الموسم إلى دوري عبد اللطيف جميل، يصارع فيه وحيداً يحمل اسمها بجانب الفتح الموجود في الأحساء.
من جهته، قال جاسم ياقوت رئيس القادسية: "لقد ناقشنا موضوع ظروف أندية الشرقية ليس في هذه الفترة ولكن منذ زمن بعيد ونعترف أننا كإدارات أندية لم نستطع تحقيق رغبات الكثير من اللاعبين خاصة في ظل الاحتراف الحالي". وأضاف "ويعلم الجميع أن أندية المنطقة الشرقية تزخر كثيراً بالمواهب، ولكن لا نستطيع أن نواجه العروض التي تصل إلى اللاعب، فنحن إن لم ندفع له بالتأكيد سيذهب إلى من يقدم له العرض الأفضل، خاصة من بعد تطور أنظمة الاحتراف".
وزاد "اللاعب في المنطقة سيرحل رضيت أم أبيت فحتى لو كابرنا ومنحناه ما يريده ففي هذه الحالة ستفتح باباً آخر، لأنك لا بد أن تلبي مطالب اللاعبين الآخرين وهذا سيجعل الديون ترهق كاهل الأندية".
واختتم حديثه "هناك بعض الأندية خارج المنطقة تمتلك قوة مالية وهي ليست موجودة عندك ونحن في زمن الاحتراف وليس في زمن الولاء الذي ولى"، ومطالباً في الوقت ذاته بتوظيف إداري محترف وقوي والقصد في القوة أن يطبق النظام بحذافيره ولا يأبه بمشكلات اللاعبين وهذا قد يكون هناك قوة لبقاء اللاعب ولكن لا بد من تنفيذ ما يريده.
وفي المقابل قال عبدالعزيز الدوسري رئيس الاتفاق: "أنظمة الاحتراف تتغيّر من وقت لآخر، وأنديتنا قد تتضرر من هذه الناحية". وتابع "اللاعب الآن يبحث عن العرض الأفضل خاصة في عالم الاحتراف، وهو مهما كانت العروض التي نمنحها إياه إلا أنه يرى العرض الآخر أفضل وربما ينظر لمميزات أخرى، إذا فرضنا عليه البقاء قد لا يعطينا في الملعب ما نريده، بسبب تفكيره في العروض الأخرى".
وأَضاف "اللاعب إذا دخل الفترة الحرة قد يذهب إلى نادٍ آخر دون الرجوع إلى ناديه وفي الوقت الذي نحن نحاول فيه أن نبقي اللاعبين ليقودوا الفريق ولكن العروض المغرية وأنظمة الاحتراف تجعله أكثر قوة مما يجعلنا أن نوافق على انتقاله، بالرغم من أن هذه الخطوة تثير غضب الجمهور علينا، ولكنه أصبح واعياً أكثر من أي وقت مضى". من جانبه، أكّد عادل المقبل عضو شرف القادسية ومرشح سابق للرئاسة أن الاحتراف قد يكون أضر بالأندية ولكنه يرى أن ذلك أمر ايجابي من خلال أن الأندية تستطيع أن تسير أمورها المالية من قيمة صفقات اللاعبين، في ظل العزوف الشرفي في دعمها.
وقال: "حينما نبيع اللاعبين، اعتبره خطوة للحفاظ على البقية من خلال صقلهم وتطويرهم ودعمهم مستقبلاً، وكم من لاعب خرج من نادٍ وبرز في آخر، وعموماً في زمن الاحتراف ليس هناك مجال للولاء".
وشدّد على أن الاحتراف بالرغم من أنه أضر بالأندية إلا أنه يبقى واقعاً عليهم أن يتعايشوا معه، معترفاً بوجود مواهب ولكنها تحتاج للدعم المادي وألا ستذهب لتجده في نادٍ آخر.
أما موفق السنيد نائب رئيس النهضة، أشار إلى أن نظام الاحتراف أضر كثيراً بأندية المنطقة وقال: "الكل يرى أن معظم الأندية سواء في دوري عبد اللطيف جميل أو ركاء تجد فيهم ما لا يقل عن ثلاثة لاعبين من المنطقة الشرقية، وتراهم بارزين بشكل كبير ومنهم من يساعد في تحقيق نتائج إيجابية".
وتابع "مهما يحدث إلا أن الشرقية تعد ولادة، ولكن هؤلاء لا يجدون الدعم الكافي من الشرفيين، إضافة إلى أن الإعلام لا يسلّط الضوء عليهم إلا إذا انتقلوا للعب في أندية كبيرة".
ومن جهته اتفق نزيه النصر نائب رئيس الخليج مع الجميع على أن الاحتراف أضر بأندية الشرقية وعزا ذلك لقلة الدعم المادي خاصة أن بعض الأندية يكون اعتمادها على دعم الشرفيين خاصة في ظل عدم وجود راع لها. وقال: "اللاعب يبحث عن تأمين مستقبله ونحن نحاول بشتّى الطرق تنفيذ مطالبه، ولكن اليد القصيرة لا تساعدنا في دفع المبالغ الكبيرة إذا أرادها، الأندية هنا تحاول وتحاول، وكما ذكرنا أن نظام الاحتراف يصب في مصلحة اللاعب، ونتمنى أن يأتي النظام الجديد في صالحنا ويضع حداً للاعب المحترف، ولكن حتى لو منحنا للاعب ما يريده فهو يريد أن يصل إلى شهرة أكبر من خلال الأندية الكبيرة وهذا من حقه ولو دخل فترة الستة أشهر فمن حقه أن يرحل".