المستهلك والحرب الإعلامية
قرأت في «الاقتصادية» الأسبوع الماضي تصريحا لمسؤول في وزارة التجارة، يفيد بأن تضارب النتائج بين الاستبيانين الأول والثاني لقياس رضا العملاء عن أداء وكالات السيارات في المملكة يعود إلى عدم معرفة المستهلكين بأسلوب الاستبيانات وكيفية التعامل معها، وأن بعض المستهلكين المشاركين في الاستبيانات “لا خلفية لديهم عن أصول كتابة الاستبيان، إذ هي ثقافة جديدة علينا ولا تتقنها جميع الطبقات الاجتماعية”.
وذكر الخبر أن اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات بحثت أخيرا الخيارات المتاحة أمامها وكيفية التعامل مع استبيان وزارة التجارة الأخير، الذي أظهر أن 67 في المائة غير راضين عن أداء وكالات السيارات في السعودية، حيث قال سابقا وكلاء سيارات في السعودية إن استبيان قياس رضا المستهلكين الذي أعلنته وزارة التجارة لم يتم بناؤه على أسس علمية وعملية دقيقة حتى يمكن أن تصب نتائجه في مصلحة المستهلك أو الوكيل، وأضافوا أن عينة المستهلكين التي ارتكز عليها القائمون على الاستبيان لا تمثل 0.5 في المائة من العملاء الذين تقوم وكالات السيارات بتقديم خدماتها لهم سواء فيما يتعلق بالصيانة أو تنافسية الأسعار، ووصف بعضهم البيان بأنه “يفتقد الشرعية القانونية”، ويدخل ضمن “حرب البيانات التعسفية التي تمارسها وزارة التجارة ضد الاستثمارات الوطنية”.. إلى آخر الخبر.
هنا نرى بوضوح تحرك الحرب الإعلامية بين وزارة التجارة ووكلاء السيارات في المملكة، وكل من الطرفين يلقي التهم على الآخر، في ظل غياب واضح لأنظمة أو قوانين تحكم الطرفين وتبين مسؤولية كل طرف والعقوبات المترتبة على من يخالفها، وهنا لا بد أن يأتي دور وزارة التجارة في استحداث نظام متكامل يوضح حقوق الطرفين سواء كان المستهلك أو وكالات السيارات، وتعمل بقوة على معاقبة من يتجاوز هذا النظام أو يخالفه، حيث تقوم الوزارة مبدئيا بوضع هذا النظام وتعمل على إعلانه فترة كافية للتعريف به ومن ثم تقوم بتطبيقه على الجميع. أتفق وأختلف مع مطالبات وزارة التجارة، أتفق معها من حيث المبدأ وأنا شخصيا أتعامل مع وكالات مختلفة للسيارات وأعاني كثيرا في التعامل معهم، وثقافة الحقوق مع الوكلاء جديدة على مجتمعنا والقليل جدا الذي يعرف ماهية هذه الحقوق، وأكاد أجزم أنه لا يوجد أحد من المستهلكين ملم بحقوقه مع وكالات السيارات، وكما ذكرت يعود ذلك إلى غياب النظام الواضح في هذه المسألة، وما أختلف فيه مع وزارة التجارة، أنها لم تسن أنظمة واضحة ومحددة تبين مسؤولية كل طرف والعقوبات المترتبة على من يخالفها، فهذا يعطي الطرف الأقوى، وهو وكالات السيارات، الحق في التهاون في حقوق المستهلكين وعدم خدمتهم على الوجه المطلوب، كما أن غياب النظام يهيم بالمستهلك وماذا يفعل؟ وما الجهة التي يلجأ إليها والآلية المتبعة في ذلك؟ وأحمل وزارة التجارة مسؤولية التوعية وسن الأنظمة في هذا المجال، فثقافة حقوق وواجبات مقدم الخدمة والمستهلك تكاد تكون معدومة لدينا، ولن توجد إلا مع وجود النظام، فليس من مصلحة وطننا تلك الحرب الإعلامية التي في نهاية المطاف ستضيع معها حقوق الأضعف.