الاقتصاد البريطاني الأسرع نموا بين دول «السبع».. وضغوط لرفع سعر الفائدة
أخيراً وبعد طول انتظار دام نحو ست سنوات سمع سكان المملكة المتحدة الخبر الذي انتظروه طويلا، والذي غزا جميع نشرات الأخبار وعناوين الصحف، وفحوي الخبر أن الاقتصاد البريطاني عاد إلى ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية.
ففيما يتعلق بمستوى النمو أصبح الاقتصاد البريطاني الآن في وضع أفضل مما كان عليه قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية عام 2008، حيث تشير آخر البيانات الرسمية من مكتب الإحصاءات الوطني إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام الحالي بنحو 0.8 في المائة.
ويعني ذلك أن الاقتصاد البريطاني أصبح أكبر حجما بنحو 0.2 في المائة عما كان عليه خلال الربع الأول من عام 2008 قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية بشهور معدودة، ووفقا لتلك البيانات فإن معدل النمو الاجمالي للاقتصاد البريطاني خلال عام اعتبارا من الربع الثاني من العام الماضي وحتى الآن بلغ 3.1 في المائة.
الإنجاز استدعى تعليقا مباشرا من جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني الذي صرح قائلا، "إنه بفضل العمل الشاق من الشعب البريطاني، فإننا نصل اليوم إلى معلم رئيسي في الخطة الاقتصادية لدينا على المدى الطويل".
تقول الدكتورة كيرا هانت أستاذة الاقتصاد في مدرسة لندن وعضو حزب المحافظين لـ "الاقتصادية"، "إنه يمكن وصف حالة الاقتصاد البريطاني خلال فترة الأزمة بأنه أصبح اقتصادا مسطحا، وأن الحياه دبت فيه منذ أواخر العام الماضي، والمتوقع الآن أن نكون الأسرع نموا بين مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى هذا العام".
وأشارت إلى أن الأفكار الكلاسيكية لا تزال هي الأكثر فاعلية في عالم الاقتصاد، فالنهج الاقتصادي لحكومة حزب المحافظين، اعتمد التقشف المالي وسيلة للخروج من الأزمة، فقلصنا الإنفاق الحكومي بقدر المستطاع، وعملنا على الاعتماد المتزايد على القطاع الخاص، ودعمنا التجارة الخارجية، وكل هذه عوامل ساعدت بقوة على التغلب على أزمتنا الاقتصادية.
إلا أن أجواء الفرحة لدى أنصار الحكومة بما تحقق اقتصاديا، تدفع بعض خصومها بتذكيرها بأن ما حققته لم يذهب بعيدا عن سياق المتحقق في الاقتصادات الرأسمالية عالية التطور، بل في الحقيقة تعد لندن متأخرة كثيرا عن منافسيها للخروج من أزمتها الاقتصادية، فألمانيا على سبيل المثال استطاعت عام 2010 أن تحقق معدل نمو فاق وضعها قبل الأزمة الاقتصادية، أما فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية فحققتا إنجازهما عام 2011.
ويتوقع أن يصل متوسط الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للفرد في بريطانيا إلى مستواه قبل الأزمة الاقتصادية عام 2017، وذلك نتيجة الزيادة الراهنة في السكان، وانخفاض إنتاجية العامل البريطاني حاليا. لكن ترحيب بعض الاقتصاديين من أصحاب التوجهات المحافظة بما حققته خطة التقشف الحكومية، لم يحل بطبيعة الحال أن ينظر اقتصاديون آخرون من مدرسة اليسار إلى النصف الفارغ من الكوب. فيما اعتبر الدكتور أيان بروك الباحث في المعهد البريطاني للاقتصاد التابع لجامعة كامبريدج، أن معدل النمو المتحقق لا يجب أن يثني الحكومة عن النظر في جوانب القصور التي لا تزال كامنة في تفاصيل المشهد الاقتصادي، ويضيف لـ "الاقتصادية"، "إذا حللنا منظومة النمو الراهن فسنجد أن قطاع الخدمات الذي يمثل 80 في المائة من الاقتصاد البريطاني هو القطاع الوحيد الذي حقق معدلات نمو تفوق ما كان عليه الوضع عام 2008، أما باقي القطاعات وأعني الإنتاج الصناعي مثلا فلم تفلح في ذلك بعد، فقطاع الخدمات توسع بـ 1 في المائة وهذا أعلى معدل نمو قطاعي في الاقتصاد البريطاني منذ عامين".
وأشار إلى أن تلك الأنباء الجيدة بشأن معدل النمو الاقتصادي لا يجب أن تنسينا أيضا الضغوط التي ستخلقها في المرحلة المقبلة خاصة فيما يتعلق بسعر الفائدة المصرفي.
وبالفعل فإن أغلب التكهنات الاقتصادية الراهنة تشير إلى أن معدل النمو الراهن للاقتصاد البريطاني، سيضع ضغوطا على بنك انجلترا لرفع معدل الفائدة البنكية قبل نهاية العام، ويخشى بعض أعضاء لجنة السياسات المالية في البنك من أن تؤدي هذه الخطوة إلى ردود فعل اقتصادية تطيح بمعدل النمو الحالي من خلال الضغط على القطاع العقاري وتقليص القدرات الاستهلاكية للمواطنين.
وتشير الإحصاءات إلى تراجع القوى الشرائية للبريطانيين في السنوات الأخيرة جراء معدلات التضخم، وتثبيت الأجور والرواتب، ما أدى إلى خسائر سنوية لكل مواطن قدرت بنحو 1600 استرليني منذ عام 2010.