شبح الانكماش لا يزال يلاحق منطقة اليورو
يبعث التباطؤ الجديد للتضخم في منطقة اليورو المخاوف من انزلاق المنطقة في حلقة مشؤومة من انخفاض الأسعار ويضغط من جديد على البنك المركزي الأوروبي لمعالجة هذه المشكلة التي تعوق الانتعاش الاقتصادي.
وبحسب المكتب الأوروبي للإحصاءات (يوروستات)، فإن التضخم تباطأ إلى 0.4 في المائة خلال تموز (يوليو) الماضي وفق الوتيرة السنوية، بعدما بلغ 0.5 في المائة في الشهر السابق، وهو يتجه بذلك نحو أدنى مستوى له في غضون أربعة أعوام ونصف العام منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009 عندما سجل -0.1 في المائة.
وشكل انخفاض أسعار الطاقة العامل الرئيس في ذلك، حيث تراجعت بنسبة 1 في المائة، كما تراجعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات الكحولية والتبغ هي الأخرى بنسبة 0.3 في المائة، لكن أسعار السلع الصناعية باستثناء الطاقة ثبتت عند مستواها (0.0 في المائة)، وحدها الخدمات سجلت ارتفاعا في أسعارها بلغ +1.3 في المائة وهي نسبة تعد مستقرة مقارنة بحزيران (يونيو).
ولا تشكل هذه الأرقام أي مفاجأة علما أن مستوى التضخم بلغ في ألمانيا أعلى مستوى له منذ أكثر من أربعة أعوام في الشهر المنصرم، مع 0.8 في المائة، أما في إسبانيا، فقد عادت أسعار الاستهلاك إلى النسبة السلبية، أي -0.3 في المائة.
ورأى جوناثان لوينز من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس أنه يتعين على البنك المركزي الأوروبي القيام بالمزيد لمواجهة خطر الانكماش الذي يعني انخفاضا عاما للأسعار والرواتب الأمر الذي يؤثر سلبا على مجمل الوضع الاقتصادي.
وقد يكون لمثل هذا السيناريو تأثير مثبط على مشتريات المستهلكين والشركات الذين يفضلون إرجاءها على أمل تراجع الأسعار ودفع ثمن أقل في وقت لاحق.
ويكمن هدف المركزي الأوروبي بالتحديد في العمل على تثبيت الأسعار وإبقاء التضخم دون نسبة 2 في المائة، إلا أن هذه النسبة توجد منذ أشهر في مستوى ضعيف تحت عتبة الـ 1 في المائة التي تعتبرها المؤسسة النقدية الأوروبية منطقة الخطر.
وأمام هذا التهديد، اتخذ البنك المركزي الأوروبي إجراءات في حزيران (يونيو) لتحفيز النمو والتضخم في آن واحد، وقد خفض معدل فائدته الرئيسة إلى 0.15 في المائة، وأعلن سلة إجراءات استثنائية لتشجيع المصارف على منح المزيد من القروض، ولهذا السبب، سيختار المحافظة على الأمر الواقع الأسبوع المقبل أثناء اجتماعه الشهري، كما أكد العديد من المحللين.
وبينما قال سيدريك ثيلييه من مؤسسة ناتيكسيس إن البنك المركزي الأوروبي سينتظر ليرى إن كانت سلة إجراءات حزيران (يونيو) ستفعل فعلها ولن يتحرك قبل نهاية السنة، أشارت كليمانت دو لوتشيا من بنك "بي إن بي باريبا" إلى أن تداعيات برنامج القروض على المدى الطويل الذي سيسمح للمصارف بتمويل ذاتها بشروط تشجيعية، ستخضع لمراقبة خاصة.
واعتبر بيتر فاندن هوت من مؤسسة "آي إن جي" أن "النبأ السار هو أن الضعف الأخير في سعر صرف اليورو يترك هامشا صغيرا للبنك المركزي الأوروبي لاتخاذ إجراءات مرونة نقدية جديدة مثل خفض معدلات فوائده.
وبلغ سعر صرف اليورو أمس أدنى مستوياته منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، ما يمثل نبأ سارا للصادرات في منطقة اليورو وبالتالي للنمو.
وستنشر الأرقام الرسمية للنمو في الفصل الثاني في 14 آب (أغسطس)، وقد تشهد على تباطؤ النشاط، في إشارة إلى نهوض اقتصادي خجول للغاية.
وفي الانتظار، فإن أرقام البطالة قدمت بصيص أمل، فقد دلت على أن تراجع البطالة تواصل في حزيران (يونيو) في منطقة اليورو مع نسبة 11.5 في المائة مقابل 12 في المائة قبل عام، وهو ما ترجم بتراجع عدد العاطلين عن العمل بنحو 783 ألفا.
إلا أن تباينات كبيرة لا تزال قائمة بين النمسا التي تعلن أدنى معدل بطالة 5 في المائة، واليونان التي بلغت نسبة البطالة فيها 27.3 في المائة في نيسان (أبريل) وفقاً لآخر المعطيات المتوافرة.