مراكز صحية غير مرخصة تصدر شهادات «مزورة» بأسعار رخيصة

مراكز صحية غير مرخصة تصدر شهادات «مزورة» بأسعار رخيصة

في ظل المنافسة الشرسة التي يشهدها عدد من قطاع المراكز الصحية الأهلية لاستقطاب أكبر عدد من العمالة الأجنبية، التي تشترط الجهات التي تعمل لديها حصولها على "كشف طبي" يفيد سلامتها وأهليتها للعمل داخل السعودية، تنشط عدد من المراكز الصحية غير المرخص لها بإصدار مثل تلك الكشوف للعمالة لتقوم بإصدارها، مستغلين جهل العمالة الأجنبية، وغياب الرقابة الصارمة عليها، وضعف العقوبات والغرامات المطبقة ضدها، والتي لا تتجاوز 50 ألف ريال في أحسن الأحوال.
وعلق الدكتور عبد الرحيم قاري، استشار أمراض الدم أن الشهادات الصحية التي تعطى للعمالة الوافدة لابد أن تكون مصدقة من إدارات الشؤون الصحية، وتكون مستخرجة من مراكز صحية معتمدة ومتخصصة في فحص العمالة المنزلية، وتابع: "كما لابد أن يكون هناك ربط إلكتروني بين المراكز الصحية التي تصدر تلك الشهادات الصحية وبين وزارة الصحة ومديرية الجوازات من جهة أخرى"، إذ أن إصدار تلك الشهادات مرتبط بإصدار الإقامات، أو بطاقة العمل للمهن المتخصصة مثل المهن الصحية للعاملين في الفنادق والمطاعم والبوفيهات، "لذا لابد من ربط تلك المراكز المعتمدة من البلديات بوزارة الشؤون البلدية والقروية، والجوازات للتحقق من مدى نظامية المركز الصحي ومطابقته للمعايير العالمية".
وشدد قاري على ضرورة مراقبة المراكز المعتمدة التي تقدم تلك الخدمات بالكاميرات، ويتم ربط نتائج تلك التحاليل إلكترونيا بالجهات الحكومية المختصة، حيث لا يسمح لشخص إجراء الفحوص وسحب عينات الدم بدلا من شخص آخر قد يكون مريضا.
وتابع الدكتور قاري: "وما يستدعي الاهتمام والتحقق هو أن بعض المراكز الصحية تقدم تلك الفحوص مقابل أسعار زهيدة جداً لا تتوازى مع التكلفة الأساسية لتلك التحاليل، مما لا يعقل معه أن تكون تلك المراكز تقوم بالعمل المطلوب منها على أكمل وجه، مشيراً لحالة حضرها بنفسه لعامل أجنبي اكتشف أنه مصاب بمرض معد، ويحمل شهادة طبية تفيد خلوه من الأمراض المعدية، وبالحديث معه تبين أنه لم يجر له أشعة للصدر، وأعطي الشهادة الصحية دون أن يخضع للأشعة الصدرية.
واستطرد: "أعتقد أن من الأفضل اتباع تجربة وزارة الخارجية السعودية فيما يتعلق بشروط فحص العمالة الأجنبية المستقدمة للمملكة، حيث لا تعتمد "الخارجية"، أي فحوص لا تجرى في مراكز صحية محددة ومقننة، وغالبا ما تكون من الفئة الأولى أو الثانية في الدولة الأجنبية، لضمان موثوقيتها ونزاهتها في إصدار الشهادات الصحية للعمالة"، بدلا من تخصيص مراكز مستقلة لفحص العمالة دون التأكد من التزامها بالمعايير الصحية العالية، وتحقيق أرباح مرتفعة دون التأكد من جودة التحاليل الخاضع لها عدد كبير من العمالة الوافدة شهرياً.
من جانبه قال لـ"الاقتصادية" حسن البهكلي، مدير الشؤون الإعلامية والعلاقات العامة المكلف في مديرية الشؤون الصحية في محافظة جدة: إنه لا يوجد مركز صحي يعطي شهادات فحص العمالة حول المملكة إلا المراكز المصرح لها بذلك، إذ أن الجوازات، ووزارة الصحة لا تعترف بأي ورقة من أي مركز صحي عدا المراكز المصرح لها.
وأشار إلى أن تلك المراكز المرخصة تقوم بإرسال النتائج إلكترونياً عن طريق برنامج "الإنترانيت" الذي يربط الجوازات بالصحة وبالمراكز الصحية المرخصة، وبالتالي لا يوجد مركز من المراكز غير المرخصة يرسل النتائج للجوازات، مشيراً لعدم احتمالية أن يقوم عامل آخر بإجراء الفحوص بدلا من العامل الأساسي، إذ أن من إجراءات التحاليل التأكد من تطابق العامل المجرى له التحليل مع الصورة ورقم الجواز الموجود بالنظام.
وأوضح أن ما يحدث من بعض المراكز المرخصة مثل عدم إجراء الأشعة الصدرية للعامل أو السماح بتواجد عامل بدلاً من آخر أثناء التحليل، "هي مخالفات من قبل المراكز، ووزارة الصحة تقوم بدورها الرقابي والتفتيشي لضبط مثل تلك الحالات، إذ أن نظام المهن الصحية لديه لائحة اشتراطات صحية، ولائحة عقوبات تطبقها في حال اكتشاف المخالفات، وتتدرج من الغرامات إلى الإغلاق، حسب حجم المخالفة وتكررها".
وعن الأسعار المنخفضة التي تقدمها تلك المراكز، والتي تراوح ما بين 40 و100 ريال، والتي قد لا تكون متوازية مع التكلفة الأساسية لقيمة التحليل والأشعة، أبان البهكلي أن تلك الأسعار تأتي مقابل ضمان توافد عدد كبير من العمالة، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي من خفض التكاليف هي عدم تكبيد المواطن السعودي عبئا ماليا مضاعفا، إذ أن المواطنين هم عادة من يقومون بدفع تلك الرسوم.

الأكثر قراءة