نظارتك أنيقة
دائما أردد أنه عندما تمتدح شيئا أعجبك في أداء أو لبس شخص ما فإنك تشرح صدره وتسعد قلبه. لكن ربما أنسى أن أشير إلى أن هذا التصرف سيسعد من يقوم به عاجلا أو آجلا. تذكروا أن كل شيء إيجابي نقوم به سيسافر بعيدا، بيد أنه سيعود إلينا مهما طال الزمن. سيغادرنا صغيرا ضئيلا وسيعود إلينا كبيرا هائلا. يذهب بحقيبة صغيرة متواضعة ويرجع بحقائب ضخمة فاخرة.
هذا ما حدث لزميل روى له حادثة جديرة بالانتشار. اعتاد هذا الزميل أن يشيد بأي شيء يروق له سواء أمام قريب أو غريب. استمر في هذا الأسلوب رغم كل الانتقادات، التي كان يتعرض لها من المقربين منه. كان يدرك أن تصرفه سيبهج الطرف الآخر، لأن لو شخص آخر ردده على مسامعه فستنفرج أساريره وستتفجر في داخله كل مشاعر الفرح الخامدة. واظب زميلي على هذا السلوك مقاوما كل التحديات التي واجهته. استمر في إسداء المشاعر الإيجابية لمن يراه يستحقها. يعبر عن إعجابه بـ “كبك” هذا، وحزام ذاك.
لم تشفع لزميلي مشاعره الإيجابية في البقاء في إدارته التي يعمل فيها بسبب سياسة تقليص الموظفين التي انتهجتها. لقد طالبته بالبحث عن إدارة أخرى يجد فيها مكانا له. تقدم إلى وظيفة مغرية في إدارة أخرى بعيدة نوعا ما عن تخصصه الدراسي، لكن يتمنى العمل فيها لعل التوفيق يبتسم له. رفضت هذه الإدارة قبوله، واستدعاه أحد موظفي هذه الإدارة لإبلاغه بقرار الرفض بسبب اختلاف تخصّصه. المفاجأة كانت عندما قابله الموظف، وتذكر أن هذا الشخص الذي سيبلغه هذا النبأ السيئ هو الذي تلقى منه إشادة يوما ما بنظارته الشمسية في مواقف سيارات الشركة. استذكرا الموقف بابتسامة، وأخبره الموظف بأنه مكلف بإشعاره بعدم حاجة الإدارة إلى خدماته، لكن بسبب موقفه اللطيف سيبحث له عن وظيفة تناسبه في إدارته. وبعد أيام عدة فقط اتصل به الموظف الذي نقل له الخبر السيئ، صاحب النظارة الأنيقة، خبرا سعيدا يتمثل في توافر وظيفة أخرى مناسبة له بالمميزات نفسها. وتعتمد هذه الوظيفة على التعامل مع الجمهور، التي يعتقد أنها تناسب مهاراته الاجتماعية.
أخبرني هذا الزميل القصة وهو ممتن للفرصة التي أتيحت له. نسي زميلي أنه أشاد بنظارة شخص لا يعرفه. لكن لم ينسه العمل الإيجابي. منحه وظيفة يشتهيها وعملا يحبه. كلامنا الجميل للآخرين يزيدنا ويزيدهم جمالا.