مكاتب وهمية دون عاملين للتحايل على نظام التأشيرات

مكاتب وهمية دون عاملين للتحايل على نظام التأشيرات

تنتشر في أحياء الدمام القديمة سلسلة مكاتب وهمية تحت مسمى نشاط "مقاولات عامة"، وهذه الدكاكين التي لا تعمل رغم اكتمالها من حيث التجهيزات تتكرر في مدن كبرى في السعودية، حتى بات وضع هذه المحال لافتا للأنظار.
ويدعي مراجعون لمكاتب عمل راغبون في ممارسة العمل التجاري، أن هذه الظاهرة كانت نتاج نصائح قدمها بعض العاملين في المكاتب، مفادها: "إذا رغبت في الحصول على حاجتك من التأشيرات استأجر أكثر من مقر لتزداد فرصك في الحصول على عدد أكبر من العمالة".
ولأن هذه المقار "وهمية" فإن تأسيسها يكون غالبا في الأحياء القديمة التي تتسم برخص أسعار الإيجارات، وهو ما جعل أحياء مثل القزاز والعدامة والخليج في الدمام، تحتوي على عشرات المحال التي تحمل لافتات باسم "مقاولات عامة"، مجهزة بطاولة صغيرة وقطع معدودة من الأثاث.
وهذه التجهيزات من أجل أن تمر زيارة مفتش مكتب العمل، التي تكون ضمن خطوات التقديم على طلب إصدار تأشيرات عمل، بسلام.
ورغم تضافر جهود جملة من مؤسسات المجتمع الحكومية وغير الحكومية في برامج دعم المنشآت الصغيرة، إلا أن البعض من صغار المستثمرين ما زال يرى أن واقع نظام مكتب العمل وأنظمة أخرى تقف موقف المهدد لبقاء المؤسسات الصغيرة ونموها.
يحدث هذا في الوقت الذي تحظى فيه المؤسسات الكبيرة بتسهيلات أوجه عدة من الدعم الحكومي، في حين يعاني آلاف من أصحاب المؤسسات الصغيرة تعدد الإجراءات وبيروقراطية النظام للحصول على تأشيرات لا يتجاوز عددها الآحاد. ويقول طه الرشيد مدير مؤسسة متعددة الأنشطة إنه بينما كان يحاول التغلب على متطلبات النظام للحصول على 15 تأشيرة عمل في الأسبوع الثاني من شهر شوال الماضي، كان يصطف معه في الانتظار أمام الموظف المختص لدى مكتب العمل في الدمام، مندوب لشركة مقاولات صدرت لها في رمضان نحو ثلاثة آلاف تأشيرة في طلب واحد. وأضاف، أن مؤسسته تعمل في أنشطة متعددة مثل المقاولات العامة وخدمات استشارية وأخرى تجارية، وتؤدي جميع أعمالها من خلال مكتب تجاري في عمارة في مدينة الدمام، لأن متطلبات عمله لا تحتاج إلى وجود محال تجارية ولا مقار متعددة في السوق. وتابع: "نظام وزارة العمل عند استخراج تأشيرات العمال، لا يعترف سوى بنشاط واحد فقط للمقر الواحد، ما يجعل طلبات الاستقدام للأنشطة الأخرى مستحيلة ما لم تتعدد المقار". وطالب في الوقت ذاته وزارة الشؤون البلدية والقروية بتشكيل لجنة لدراسة هذه المقار الوهمية للمؤسسات التي فرض عليها تطبيق نظام وزارة العمل.
لكن مسؤولا في وزارة العمل قال إنه لا استثناء لمنشآت دون غيرها في منح التأشيرات، بل يتم منحها بجميع أحجامها بموجب المعايير والضوابط التي حددتها الوزارة في دليل برنامج "نطاقات".
وأوضح تيسير المفرج مدير المركز الإعلامي لوزارة العمل، أن دليل "نطاقات" يوضح آلية تقدير عدد القوى العاملة المسموح باستقدامها وفقا لكل نشاط، أما ما يتعلق بنشاط مقاولات التشييد والبناء، فقد تم تقسيمه إلى أربعة كيانات (حديثة التأسيس، العقود الحكومية، العقود الأهلية، وعقود الباطن وعقود التضامن) يتم احتساب كل كيان عبر معادلة رياضية محددة.
ويتم منح الكيانات حديثة التأسيس ثلاث تأشيرات في أول طلب استقدام، ويجوز للمنشأة أن تتقدم للحصول على تأشيرات بموجب كتاب تأييد على عقود حكومية أو أهلية حتى في حال كون الطلب لأول مرة "تأسيس".
وفي حال تضمن الطلب الأول عقدا حكوميا مباشرا أو من الباطن مكتمل الشروط فيطبق عليه معادلة نشاط التشييد والبناء "وفقا لطبيعة العقد" ويمنح العدد المتاح له وفقا للمعادلة، إضافة إلى تأشيرات التأسيس. وإذا تضمن الطلب الأول عقدا أهليا فيتم منحه التأشيرات وفقا لمعادلة العقود الأهلية، إضافة إلى تأشيرات التأسيس.
وفيما يتعلق بتأشيرات "العقود الحكومية" قال مدير المركز الإعلامي للوزارة أنه يتم اختيار العدد الأقل من التأشيرات بين العدد الوارد في كتاب التأييد بما لا يخفض نطاق المنشأة دون الحد الأدنى للنطاق الأصفر، أو العدد الناتج من تطبيق معادلة "العقود الحكومية".
أما تأشيرات "العقود الأهلية" فيتم احتسابها عن طريق العدد الوارد في تصديق لجنة المقاولين في الغرف التجارية الصناعية بما لا يخفض نطاق المنشأة دون الحد الأدنى للنطاق الأخضر المنخفض، أو تطبيق المعادلة الخاصة بها.
وفي حال "عقود الباطن وعقود التضامن" يتم منحها وفق آلية منح تأشيرات "العقود الحكومية"، إضافة إلى موافقة الجهة صاحبة المشروع، سواء كانت حكومية أو أهلية، وتعهد من المقاول الرئيسي بأنه لم ولن يستقدم على هذا العقد.
وقال المفرج: إن للوزارة ضوابط وآليات يمكن من خلالها التأكد من وضعية المنشأة قبل الموافقة على منح التأشيرات بمعاينة الموقع، وبعد وصول العمالة تتم الزيارات التفتيشية للتأكد من جدية المنشأة ومدى تطبيقها لأحكام مواد نظام العمل. وشدد على أن عدد مقار العمل في نشاط المقاولات ليس له أي دور في تحديد عدد التأشيرات الممنوحة للمنشأة. من جهته، أشار عبد الحكيم العمار، رئيس لجنة المقاولات في غرفة الشرقية، إن هنالك آلية واضحة لوزارة العمل لفتح المحال في عدة قطاعات.
وأضاف في حديثه لـ"الاقتصادية" أن الحال سابقا كان عشوائيا إلا أنه مع التغيرات الجديدة بدأت تتلاشى هذه الظاهرة بفضل حملة التصحيح والأنظمة التي وضعت في السوق.
وقال العمار: "منذ عامين بدا واضحا أن كثيرا من هذه المحال بدأ يتقلص ويخرج من السوق والآن اختلف الوضع ولن يستمر بالسوق سواء أصحاب الأنشطة الجادة، وهذا ما كنا نبحث عنه".
وأضاف رئيس لجنة المقاولات أن تطور تنظيمات هيئة الاستثمار الجديدة أسهمت في الحد من العشوائية في القطاع، وأصبح بيئة جاذبة للشركات القوية والجيدة وطاردة للشركات المتسترة أو تلك التي لا تحقق قيمة مضافة للاقتصاد.

الأكثر قراءة