طالبات .. ومخدرات
أعتمد دوماً إحصائية ذاتية، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الشرف والأسرة والكرامة. تقول معادلتي إن المُعلن من هذه القضايا لا يتجاوز 10 في المائة، والعقوبات لا تطول أكثر من 20 في المائة منها. طبقت هذه النظرية على كثير مما أشاهده من قضايا المخدرات والشرف والاعتداءات الجنسية، فوجدتني أمام مشكلة حقيقية، على أن هذه النظرية قريبة جداً مما تتوقعه الإحصائيات العالمية، وليس المحلية. مما يدفع بي للخوف من أن أرقامي هذه متحفظة، ذلك أن مجتمعنا من أقسى المجتمعات في التعامل مع أصحاب السوابق من هذا النوع، وأن تدمير مثل هذه القضايا "إن هي اشتهرت" يطول كل الأسرة، وقد يتجاوزها.
هذا مصدر قلقي وأنا أقرأ أن 16 طالبة من طالبات المرحلة الثانوية في محافظة جدة تمت إحالتهن إلى مراكز "الإرشاد المعنوي والمعرفي والسلوكي" بسبب تورطهن في قضايا ترويج واستخدام المخدرات، وما تبعها من تكوين علاقات مشبوهة وسلوكيات مرفوضة.
إن كانت إحصائيتي الذهنية دقيقة فالعدد سيكون في حدود 800 طالبة. ذلك أمر جد خطير، لكن الأخطر منه هو أن هناك من يتعاطى تلك المخدرات، فالطالبات مروجات. أسوأ من هذا وذاك أن هذه الإحصائية تخص مدارس التعليم العام. فماذا عن التعليم الخاص، وهل هناك عقوبات وتوجيه وإرشاد لطالباته؟
كلنا يعلم أن المجتمع يمر بتغيرات مصيرية، وأن السلوكيات بدأت تتماثل بين مكونات المجتمع من الذكور والإناث، هذا يعني أن المشكلات التي تعانيها مدارس البنات ستكون مماثلة إن لم تكن أكبر مما تعانيه مدارس الأبناء. السبب الأهم هو أن مدارس البنات مغلقة على المجتمع الخارجي.
مراعاة أمور أخرى تخص مجتمعنا من أهمها حساسية وضع المرأة، وضرورة حماية سمعتها، وما يمكن أن تتعرض له من الابتزاز والأذى الذي يمكن أن يطولها، دون علم أقرب أقربائها في عصر التواصل الاجتماعي الهائل، هو من الأمور الحتمية في عصرنا هذا.
يستدعي الأمر أن تكون الرقابة على مدارس البنات أكثر تكراراً وصرامة واحترافية. فما يمكن أن ينتشر عن الشاب سواء في أخلاقه أو سلوكه لا يؤثر فيه بالقدر الذي يؤثر به أمر أقل أهمية في أخته. هذا عيب مجتمع، ولكنه واقع يجب التعامل معه.