معضلة التعليم الكبرى
صورة مؤلمة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر طالبا لم يتجاوز السابعة من عمره وقد أسند ظهره إلى البوابة المغلقة لمدرسته، بعد أن انصرف كافة الطلاب والمعلمين، وبدأ مستغرقا في نوم عميق تحت أشعة الشمس الحارقة.
ذلك المشهد دلالة على أن سلك التعليم أصبح وظيفة لدى بعض المعلمين، لا غاية منها ولا هدف إلا مقدار ما يجنونه من راتب نهاية الشهر، ضاربين بدورهم التربوي عرض الحائط، وهو الأمر الذي دفع الأمير خالد الفيصل في بداية العام الدراسي للقول "لا مكان في قطاع التعليم لمن ينظر لهذه المهنة الجليلة على أنها مجرد مصدر رزق سهل، لا يحول بينه وبين نيل راتبه منها سوى بضع ساعات دوام يمضيها كيفما اتفق".
لا ننكر دور الأب في مشهد الإهمال الذي فتحت فيه إدارة التربية والتعليم تحقيقا، فهو يشترك مع إدارة المدرسة في الخطأ الذي جعل الطفل أمام باب المدرسة "نائما" بلا رقيب، ووضع كـ "فريسة" سهلة لمن تسول له نفسه الأمارة بالسوء خطفه أو التنكيل به، وما أحداث خطف الأطفال بغائبة عن أحد.
الطفل ــ ولله الحمد والمنة ــ عاد لمنزله وفق تصريح صحافي لوالده، وهو بصحة جيدة وعافية، وقد فتحت الوزارة تحقيقا في هذا الشأن مع مدير المدرسة، واطلعت على دفتر المناوبات في المدرسة، ولم تسفر التحقيقات عن عقوبات حتى كتابة هذا المقال.
سلامة الطفل لا تعني أن الباب أغلق أمام القضية، ويجب ألا نعالجها وحدها، بل يجب أن تكون تلك الحادثة "خريطة طريق" لمعالجة الكثير من السلبيات التي تطول سلك التعليم في السعودية، ومن أبرزها حالة التسيب الفاضح والواضح من قبل الطلاب وكثرة الغياب، التي تسبب فيها حزم مفقود وعقوبات غائبة وغير مفعلة منذ سنوات.
للمعلم دور كبير في قطاع التعليم، فهو المربي والمعلم والضابط الصارم، ولا يمكن أن يتحلى بتلك الصفات السابقة إلا بعد دورات تدريبية مكثفة أو من خلال الخبرة.
في زعمي أن المعضلة الكبرى التي تواجه قطاع التعليم في السعودية هي الزج بخريجي الجامعات وكليات التعليم في سلك التعليم بعيد التخرج مباشرة، دون إخضاعهم لبرامج ودورات تربوية تنمي فيهم الإحساس بعظمة المهنة التي وصفها الفيصل بـ"الجليلة" في خطابه الأخير.. فجُل الخريجين من الجامعات المنخرطين في السلك التعليمي لم يتجاوزوا الـ 24 من العمر، وهو عمر يكون فيه الشخص "قليل الانضباط.. مندفعا.. غير مدرك للمسؤولية".. ومن هنا يكون "الخلل".