قهوة «كوستا» تنافس «ستارباكس» الأمريكية في اجتذاب المستهلك البريطاني

قهوة «كوستا» تنافس «ستارباكس» الأمريكية في اجتذاب المستهلك البريطاني

لم يعرف عن البريطانيين أنهم من الشعوب المغرمة بشرب القهوة، فبريطانيا من أقل البلدان الأوروبية استهلاكا لها، ويأتي البريطانيون في ذيل قائمة المستهلكين الأوروبيين، وفي الواقع فإن متوسط استهلاك المواطن الإنجليزي من القهوة الآن أقل مما كان يستهلكه عام 2006.
وتبدو "كوستا" التي اشتهرت بتقديم القهوة من أكثر المستثمرين في هذا المجال، وهذا واضح من خلال خطتها التوسعية في بريطانيا، فهي تفتتح ثلاثة محل في الأسبوع في لندن، وحققت خلال الأشهر الثلاثة الماضية معدلات نمو بلغت 7.3 في المائة في المملكة المتحدة، وشهدت السنوات القليلة الماضية نموا ملحوظا لمبيعاتها مما دفعها إلى التوسع بفتح المزيد من المقاهي في بريطانيا.
وبحسب تقرير لمحللين اقتصاديين بريطانيين نشرته صحيفة "الديلي ميل"، فإن توسع "كوستا" وازدياد أرباحها بنسبة 16.5 في المائة، حيث حققت مبيعات وصلت إلى أكثر من 800 مليون جنيه استرليني (نحو1.3 مليار دولار)، قد يكون سببه ردود الفعل السلبية على شركة "ستارباكس" الأمريكية بعد فضيحة تهربها من دفع الضرائب في بريطانيا.
والسبب الآخر هو أن "كوستا" مملوكة من قبل شركة بريطانية "ويتبريد"، مما ساهم في إقبال البريطانيين على شراء القهوة من محالها كرد فعل ضد الشركة الأمريكية العملاقة المنافسة.
وحقق سوق مبيعات القهوة في بريطانيا نموا بلغ 6.4 في المائة في 2013 وبنهاية العام كان هناك 16501 محل لبيع القهوة في المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن يتواصل هذا الاتجاه في العام الراهن. وافتتحت كوستا 76 فرعا جديدة لها في أنحاء مختلفة من بريطانيا ليصل عدد فروعها الآن في المملكة المتحدة إلى1831 فرعاً، وسط طموحات بأن يبلغ عدد فروعها في المملكة المتحدة 2200 بحلول عام 2018.
ويعتقد المعنيون بأسواق القهوة في بريطانيا أن الخمسة عشر عاما الماضية شهدت توسعا في أعداد المقاهي البريطانية، ويقول هنري توماس أحد المتعاملين مع تجارة القهوة في بورصة لندن لـ "الاقتصادية"، إن التوسع في قطاع المقاهي في بريطانيا هو أحد أنجح قصص النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، إلا أن النمو المتواصل لسوق المقاهي لا يعني أن البريطانيين المعروفين بولعهم بشرب الشاي قد تخلوا عنه لصالح احتساء القهوة.
ويبلغ متوسط استهلاك الفرد في بريطانيا نحو 2.8 كيلو جرام من القهوة سنويا، بينما في ألمانيا 7 كيلو جرام، والسويد 7.1 كيلو جرام، أما فرنسا فيستهلك الفرد فيها نحو5.5 كيلو جرام في العام.
ويعتقد هنري ماكس المدير التنفيذي لشركة "كوستا" أن نمو أعداد المقاهي التابعة لشركته في بريطانيا لا يعني أن البريطانيين قد زادوا من استهلاكهم للقهوة، لكنه يعكس من وجهة نظره تغييرات أخرى.
وأضاف ماكس لـ "الاقتصادية" أن البريطانيين يستهلكون ذات الكميات التي اعتادوا استهلاكها من القهوة، ولكنهم بدلا من احتسائها في منازلهم، فإنهم يفضلون الآن تناولها في المقاهي، وبدلا من تحضير القهوة في أماكن العمل فإنهم صاروا يفضلون شراءها جاهزة التحضير من "كوستا".
وأشار إلى أن قطاعات متزايدة من الشعب البريطاني لم تعد تفضل أن يكون المقهي مركز التقاء الأصدقاء كما كان الأمر يحدث في الماضي، وخاصة النساء اللائي يفضلن أن تكون لقاءاتهن وجلساتهن الاجتماعية في المقهى، وعلينا أن نتذكر أن العقد الأخير شهد اندماجا شديدا للمرأة في سوق العمل، وأصبحن يتمتعن بقوة شرائية كبيرة مقارنة بالماضي فنصف عدد رواد مقاهينا من النساء.
وبالفعل فقد نما سوق المقاهي بنحو 5 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية حتى في أكثر مناطق المملكة المتحدة تأثرا بالأزمة، ويعتقد البعض أن المقاهي البريطانية فقدت بريقها نسبيا بالنسبة للبعض في بريطانيا، فلم تعد نقطة التقاء وخاصة في الصباح، كما أنها بالطبع ليست مركزا لعقد جلسات عائلية وخاصة إذا كان للأسرة أطفال.
وتسعى بعض المقاهي لتطوير نفسها من خلال الدمج بين خدمات المقهي والمطعم في آن واحد سواء عبر تقديم وجبات الإفطار الصباحي أو الغداء مع تقديم القهوة أيضا طوال اليوم حتى في أوقات المساء.
ومع هذا فإن نجاح "كوستا" لم يكن في بريطانيا فحسب، ولكن في فرنسا افتتحت كوستا 8 أفرع جديدة في باريس وتخطط لافتتاح 10 أفرع أخرى بنهاية العام، إلا أن هذه النجاحات تواجه إخفاقات في بولندا والصين والهند حيث أغلقت الشركة العديد من الأفرع التي تعرضت لخسائر مالية.
وتشهد أسواق مقاهي القهوة منافسة حادة بين "كوستا" التي أسسها الأخوان سيرجو وبرينو كوستا عام1971، وستاربكس الأمريكية التي تفتتح كل عام 1500 فرعا جديدا حول العالم. وتخطط الشركة الأمريكية لإطلاق تصميمات جديدة لبعض فروعها في كانون الأول (ديسمبر) المقبل تتضمن بيع أنواع مميزة للغاية من القهوة.
وتهدف "كوستا" إلى أن يصل عدد محالها في لندن وخارجها إلى 2200 محل في غضون عام 2018، ولا يقتصر استثمار "كوستا" على بريطانيا فقط، بل يتعدى ذلك ليطال باريس وبكين، فالشركة تملك ألف محل في الخارج، بما فيها 326 محلا في الصين، وهي بصدد تنفيذ خطة توسعية.
ونجحت "كوستا" في خلق ثقافة جديدة ونمطا عصريا لتناول القهوة ليشمل جميع الأوقات مع تقديم الفطور والوجبات الخفيفة، وإضافة إلى المحال الثابتة، استطاعت "كوستا" اختراق سوق الشباب في الجامعات والمكاتب من خلال نقاط بيع للقهوة تحمل اسمها، واستغلت في ذلك أكبر المحال التجارية والسوبر ماركت.
يشار إلى أن "كوستا" باعت عالميا 400
مليون كوب من القهوة في أقل من عام، ووصلت الأرباح الصافية إلى مليار ونصف المليار جنيه استرليني (نحو مليار ونصف المليار دولار) بزيادة 21.9 في المائة، فيما لا تزال شركة "ستارباكس" الأمريكية تعاني بسبب أزمة الضرائب الأخيرة التي تعرضت لها في بريطانيا، حيث انخفضت أرباحها بشكل ملحوظ لأول مرة خلال 16 سنة.

الأكثر قراءة