الداعون للخروج للقتال في اليمن .. محرضون لا بد من ملاحقتهم
فيما تواصل الجهات الأمنية جهودها في استعادة الشباب المقاتلين في الخارج، خرجت خلال اليومين الماضيين دعوات من قبل عدد من الدعاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعا أفرادها إلى نصرة الشعب اليمني وإنقاذه من تمرد الحوثيين، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين بمثابة دق ناقوس الخطر بالتحريض وإعلان النفير أسوة بالأحداث في العراق وسورية خلال السنوات الماضية.
ويأتي ذلك إثر تداول تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لبعض من الدعاة فسر مضمونها أنها تعد بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لدعم الشعب اليمني في مواجهة التمرد الحوثي، في حين اعتبرت أن جهادهم واجب ونصرة للحق، لإنقاذ اليمن على حد قولهم.
#2#
واعتبر عبد المنعم المشوح رئيس حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية أن إعلان النفير من قبل الأفراد يعد افتياتا على ولي الأمر، موضحا أنه يجب الالتزام بالأصول والقواعد الشرعية والنظامية التي تسري على فئات المجتمع كافة، مرجحا عدم تكرار ما حدث في سورية والعراق أخيراً في الحالة اليمنية بالنظر إلى عدم وجود تنظيمات إرهابية تستقطب المغرر بهم من الشباب.
من جانبه، أكد المحامي الدكتور عمر الخولي ضرورة ملاحقة المحرضين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفقاً لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية أو مكافحة الإرهاب، مضيفاً أن المحرض يقع تحت طائلة المحاكمة والعقاب لمخالفة الأنظمة الصادرة في ذات الشأن، فيما أوضح الدكتور خالد الفرم أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام أن الدعوة للنفير بطريقة غير شرعية خارج إطار الدولة والزج بأبناء المملكة والتغرير بهم إلى مناطق الصراع جريمة كبرى، داعياً في الوقت نفسه إلى أخذ العبرة والدروس مما جرى في أفغانستان وسورية والعراق والتقيد بالأنظمة والقوانين.
#3#
وهنا عاد رئيس حملة السكينة ليؤكد أن الصورة لم تتضح بعد في الأحداث اليمنية إلا أنه من المعلوم الالتزام بالأصول الكلية التي تؤكد عدم أحقية الأفراد في إعلان النفير للقتال في أي بلد، خاصة أنه يعود لولي الأمر أو من ينيبه سواء في جهاد الطلب أو الدفع.
وقال المشوح: "إن الالتزام بالأصول والقواعد الشرعية والنظامية يسري على الجميع فلدينا هيئة كبار علماء تختص بالجوانب الشرعية، وموقف المملكة واضح وصريح في هذا الشأن، وأي دعوات أو تحريض للقتال في الخارج تعد من الافتيات على ولي الأمر".
وحول اختلاف إن كانت الدعوة للقتال تضمنت تحريضاً مباشراً أو لا ، قال المحامي عمر الخولي: "القضاء هو من يحدد إن كانت التغريدات تضمنت تحريضاً مباشراً وإن كانت عامة ولا تحتوي على تحريض مباشر وليست موجهة لفئة معينة، وهذه من اختصاصات القاضي في إصدار الأحكام، لذلك نصت الأنظمة والقوانين على وضع حدود دنيا وعليا للجرائم يفصل فيها بين صيغة العموم أو تخصيصها".
#4#
وأضاف :"مع الأسف أصبحنا محاطين بمناطق الصراع لذا لا بد من الحذر من التغرير بخروج الشباب لمناطق الحروب والأزمات وهذا يجب أن يوضع في عين الاعتبار، فالدعوة للخروج على ولي الأمر والالتحاق بجيوش غير معلومة في مناطق الصراع يعد تحريضاً.
وأوضح الخولي أن الجهات الأمنية هي المخولة بمتابعة المحرضين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كونها تعتبر جهات ضبط تتولى الرفع لهيئة التحقيق والادعاء العام ليتم التحقيق فيها مع الاستعانة بالخبرة في الجهات الفنية للاستعانة بتقارير فنية حال المحاكمة، لافتاً إلى أن تغريدات التحريض صاحبها مسؤول عنها حتى لو كان حساباً وهمياً، فالمحرض يجب أن يقع تحت طائلة المحاكمة والعقاب.
وحول الصراع الجاري في اليمن، اعتبر الدكتور خالد الفرم أستاذ الإعلام السياسي أن ما يحدث في اليمن هو صراع سياسي بين الجماعات اليمنية على الحكم سواء الرئيس السابق أو الحوثيين أو مطالبة الجنوب بالانفصال هو شأن يمني داخلي، موضحاً أن ما يحدث هو صراع على السيطرة على مقاليد الدولة ونحن في السعودية ساهمنا مع دول الخليج بطرح المبادرة الخليجية لحفظ دماء الأشقاء في اليمن.
وأكد الدكتور الفرم أن رجال اليمن ليسوا بحاجة إلى مقاتلين إنما إلى مبادرات عبر العلاقات السياسية الاستراتيجية بين الدول، كما أنهم ليسوا في حاجة إلى أي انفعالات عاطفية غير منضبطة تلقي بأبناء البلد إلى التهلكة وتعارض أنظمة الدول خاصة مع تجريم المشاركة في القتال بمناطق الصراع.
وأوضح أستاذ الإعلام السياسي أن الجهات المختصة وضعت آليات متبعة لتطبيقها ، متمنياً من الفعاليات الدينية والفكرية كافة الانخراط في خطاب وطني واضح أساسه البعد عن الغلو والتطرف والاستفادة من عبر الماضي عبر جهد مواز للجهود الرسمية للدولة.
وحول دور الصراعات الطائفية فيما يحصل، اعتبر الدكتور خالد الفرم وجود خطاب ديني متصادم في الرؤى والأفكار مع هيئة كبار العلماء أمراً يساهم في التشويش على المتلقي خاصة من لديه عدم وضوح في الرؤية، في الوقت الذي تشهد فيه مناطق الصراع غموضا كبيرا أساسه غير ديني وإنما سياسي يهدف للنزاع على السلطة.
وتابع أستاذ الإعلام السياسي حديثه قائلاً "نرفض أن يكون أبناؤنا وقود للفئات المتصارعة على الحكم ، حيث لاحظنا خلال الفترة الماضية أن الخطاب الطائفي الداعي للتطرف والتصنيف المذهبي والتحريض ما يندى له الجبين من ممارسات وسلوكيات خطيرة، مثل هروب الإيزيدية والمسيحيين في العراق وعرض صور جز الرقاب للصحافيين وهو ما دعا قوى التحالف الدولي إلى مواجهة الجماعات المتطرفة التي تتعارض ومقاصد الشريعة الإسلامية في جمع كلمة المسلمين".
الجدير بالذكر أن القرار الملكي الصادر في الثالث من شباط (فبراير) الماضي أكد المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 20 سنة " لكل من ارتكب – كائناً من كان – أياً من الأفعال التالية: المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، محمولة على التوصيف المشار إليه في ديباجة هذا الأمر".
ويأتي ذلك ضمن منظومة تشريعات اتخذتها الدولة أخيراً بهدف تنظيم الفضاء القانوني فيما يختص بالإرهاب والتطرف والتحريض عليهما، خصوصاً مع ارتفاع موجات إرهاب غير مسبوقة في العامين الأخيرين على مستوى العالم، وعلى المستوى الإقليمي، بعد أحداث ما اصطلح على تعريفه بـ "الربيع العربي".
ونص الأمر على أنه إذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها في هذا البند من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على 30 سنة.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التشريع القانوني يأتي ضمن نسق تنظيمي متراكم لا يتعلق بالجرائم "الإرهابية" المتطرفة المباشرة فقط، بل تعداه إلى إقرار تطبيق النظام الموحد لمكافحة جرائم تقنية المعلومات لدول مجلس التعاون الخليجي الذي يضم 39 مادة تسهم في الحد من الجرائم المعلوماتية بين دول المجلس، عبر تصنيف الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها ما يسهم في تحقيق الأمن المعلوماتي بين الدول ومواطنيها، وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية، وحماية المصلحة العامة، والأخلاق، والآداب العامة، وحماية الاقتصادات الوطنية.