الطلب في فصل الشتاء يرفع أسعار النفط في الربع الأخير
توقع تقرير صادر عن شركة جدوى للاستثمار أن يدعم استمرار النمو الاقتصادي في السعودية وبدء تشغيل مصفاة ياسريف المتوقع قريباً حجم الطلب المحلي على النفط في الربع الأخير من العام الجاري وكذلك العام المقبل 2015.
ورجح التقرير أن يتراجع إنتاج المملكة من النفط إلى 9,5 مليون برميل يومياً كمتوسط للربع الأخير من عام 2014، ما يؤدي إلى متوسط إنتاج عند 9,7 مليون برميل في اليوم كمتوسط لعام 2014 ككل. كذلك، متوقعا أن يبلغ متوسط الإنتاج في العام المقبل نحو 9,6 مليون برميل يومياً بفضل ارتفاع الطلب العالمي على النفط نتيجة للانتعاش المتوقع في الاقتصاد العالمي.
وكان إنتاج المملكة قد سجل انخفاضا بنسبة 3.1 في المائة خلال الربع الثالث من هذا العام ليبلغ الإنتاج 9.8 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 10.1 مليون برميل للفترة نفسها من العام الماضي، وذلك نتيجة لتباطؤ الطلب العالمي وزيادة العرض من الدول خارج "أوبك"، خاصة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
ويؤكد التقرير أن المملكة ستحافظ على مستوى حصتها الحالية من إجمالي إنتاج "أوبك"، عند 32 في المائة، في ظل توقعات عدم عودة إنتاج ليبيا إلى مستوياته الطبيعية في المديين القصير أو المتوسط، كما أن المشكلات الأمنية في العراق ستحول دون ارتفاع الإنتاج فوق المستويات الحالية خلال الفترة المتبقية من العام ومطلع 2015.
كما تكهن بارتفاع أسعار النفط لكن بمعدل قليل في الربع الأخير من العام الجاري، نتيجة الزيادة الطفيفة في الطلب على الخام خلال فصل الشتاء.
وذكر التقرير أن وفرة الإمدادات من الدول خارج منظمة "أوبك" سيؤدي إلى ارتفاع فائض النفط على مستوى العالم إلى 1.73 مليون برميل يوميا كمتوسط لعام 2014 ككل، ما سيحول دون ارتفاع الأسعار بدرجة كبيرة فوق مستوى 100 دولار للبرميل. وتوقعت الشركة في تقريرها عدم حدوث أي خفض كبير للإنتاج لدى دول "أوبك". إلا أنه في حال حدوث تدهور في الأوضاع الجيوسياسية في العراق أو النزاع الروسي الأوكراني أو ليبيا؛ فربما تعود الأسعار لترتفع فوق مستوى 105 دولارات للبرميل.
#2#
وتحدث التقرير عن أسواق النفط العالمية في الربع الثالث الذي شهد تراجعا مفاجئا في الأسعار، حيث هبط سعر خام برنت بنسبة 7.3 في المائة ليصل إلى 102 دولار للبرميل في المتوسط متراجعا من 110 دولارات للبرميل خلال الربع الثاني من عام 2014. ويعود هذا التراجع - وفقا للتقرير - إلى تضافر عدة عوامل أهمها تعاظم الإمدادات من الولايات المتحدة التي أدت إلى وفرة في الخام الحلو الخفيف في حوض الأطلنطي، وضعف الطلب العالمي بأكثر مما كان متوقعا، والاستقرار النسبي في الأوضاع الجيوسياسية (التحسن في ليبيا وأوكرانيا)، وارتفاع قيمة الدولار.
رغم تسارع نمو إنتاج الولايات المتحدة من الخام الحلو الخفيف خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن انقطاع الإنتاج في عدد من الدول أدى إلى تأجيل تأثير تلك الإمدادات الأمريكية في أسعار النفط.
وزاد إنتاج الولايات المتحدة بنحو ثلاثة مليون برميل يوميا خلال السنوات الخمس الماضية التي بدأت في الربع الثالث لعام 2009، لكن انقطاع الإمدادات من خمس دول (ليبيا وإيران واليمن وجنوب السودان وسورية) التي يبلغ إجماليها 2.4 مليون برميل في اليوم أتاح للإمدادات النفطية التي لم تعد تذهب إلى الولايات المتحدة أسواقا بديلة بكل سهولة.
كذلك، ظلت زيادة إنتاج النفط الأمريكي منذ عام 2012 تؤدي إلى خفض واردات الخام من غرب أفريقيا، وخاصة الخام النيجيري.
وجاءت الوفرة في الخام من غرب إفريقيا متزامنة مع تراجع حدة المخاوف بشأن الأوضاع الجيوسياسية، التي تسببت سابقا في الإبقاء على حد أدنى لسعر النفط. ففي العراق، لم يشهد الربع الثالث لعام 2014 حدوث خراب كبير في البنيات التحتية للنفط، حيث لم ينتشر العنف إلى مناطق تصدير النفط في الجنوب.
كذلك، لم تؤد العقوبات المتبادلة الناتجة عن النزاع الأوكراني - الروسي إلى تأثير كبير في إمدادات النفط في المديين القصير والمتوسط، كما أن إنتاج ليبيا من النفط زاد رغم استمرار الصراع هناك.
ونتيجة لبقاء تلك الأوضاع الجيوسياسية الرئيسة على حالها وعدم تفاقمها، تراجعت علاوة المخاطر ومن ثم انخفضت الأسعار.
وأخيرا، سجل الدولار أعلى نقطة له خلال فترة تزيد على العام بفضل ارتفاعه خلال الشهرين الماضيين، وقد ساهم ذلك الارتفاع في خفض الطلب العالمي على النفط ومن ثم زيادة الضغوط التنازلية على أسعار النفط.
هناك علاقة تبادلية عكسية بين أسعار النفط وسعر صرف الدولار، لأن النفط الخام في السوق العالمية يتم تسعيره بالدولار. لذا، فإن أي زيادة في قيمة الدولار يصحبها في الغالب تراجع في أسعار النفط العالمية، لأن غلاء الأسعار للمستهلكين غير الأمريكيين يؤدي إلى تراجع الطلب، والعكس بالعكس.
الطلب على النفط
توقع تقرير "جدوى" أن يواصل ضعف النمو الاقتصادي، خاصة في دول الاتحاد الأوربي واليابان، تأثيره السلبي في استهلاك النفط وسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. إلا أن زيادة النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة والتوقع بارتفاع الطلب خلال أشهر الشتاء سيؤدي إلى زيادة الاستهلاك خلال الربع الأخير من عام 2014. كما يُتوقع أن ينمو الطلب العالمي بنسبة 1.3 في المائة عام 2015، أو بنحو 1.1 مليون برميل في اليوم، مدعوما بارتفاع الطلب في الدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث لن تشهد دول المنظمة زيادة في الطلب إلا في الربع الأخير من عام 2015. وتشكل الولايات المتحدة المصدر الرئيس لنمو الطلب وسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وهناك مؤشرات جيدة لتحسن نمو الاقتصاد الأمريكي كما يقول التقرير، حيث سجل الناتج الإجمالي المحلي في الربع الثاني نموا عند 4.2 في المائة على أساس سنوي، كما بقي مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي فوق مستوى 58 نقطة في ستة من الأشهر الثمانية الأخيرة، وسجل معدل البطالة أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية.
حجم الطلب على الطاقة في الولايات المتحدة كان على الدوام يقتفي أثر معدلات نمو الناتج الإجمالي المحلي، وحيث يتوقع نمو الناتج الإجمالي خلال الربع الأخير لعام 2014 وكذلك عام 2015، فإن النمو في استهلاك الطاقة سيكون إيجابيا كذلك.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي يقول التقرير إن نمو الطلب على النفط لا يزال ضعيفا بسبب الاقتصاد المتعثر. وجاءت البيانات الاقتصادية للربع الثالث من عام 2014 لاثنين من أكبر الاقتصادات الأوروبية، وهما فرنسا وألمانيا، مخيبة للآمال.
وفي اليابان أدى إغلاق عدد كبير من مصافي تكرير النفط مع زيادة استخدام الغاز الطبيعي المسال في توليد الطاقة إلى تراجع واردات اليابان من النفط الخام في الربع الثالث لعام 2014. كما أدت وفرة الغاز الطبيعي المسال، التي تعود جزئيا إلى زيادة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة، إلى تراجع الأسعار الفورية للغاز إلى أدنى مستوى لها منذ الربع الأول لعام 2011.
وفي الصين تشير أحدث المؤشرات الاقتصادية إلى حدوث بعض التباطؤ في وتيرة النمو خلال الربع الثالث من عام 2014، حيث بقي مؤشر مديري المشتريات دون تغيير في أيلول (سبتمبر) عند 50.5 نقطة.
وتوقعت "جدوى" نمو الطلب على النفط في الصين بأكثر من 3 في المائة لعام 2014 ككل، حيث ارتفعت واردات النفط منذ بداية العام وحتى تاريخه بنسبة 7.4 في المائة على أساس سنوي، كما أن مشاريع البنيات التحتية الحكومية والمصافي الجديدة ومخزونات النفط ستسهم في تعزيز الطلب خلال الربع الأخير.
وسيبقى نمو الطلب على النفط في الهند عند 2 في المائة في الربع المقبل، مع معدل نمو مشابه خلال عام 2015 أيضا، كما يقول التقرير.
وعلى الصعيد المحلي، بلغ متوسط الاستهلاك في السعودية نحو مليوني برميل في اليوم خلال النصف الأول من عام 2014، مرتفعا بنحو 31 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعود هذا الارتفاع الحاد في الطلب على النفط بالدرجة الأولى إلى بدء تشغيل مصفاة ساتورب في الجبيل بطاقة قدرها 0.4 مليون برميل يوميا في الربع الأخير من عام 2013، ما أدى إلى زيادة كبيرة في احتياجات المصافي منذ بداية العام الحالي.
وفي الربع الثالث لعام 2014 أدت زيادة مستويات استخدام النفط في توليد الكهرباء محليا إلى ارتفاع متوسط إنتاج المملكة من الخام إلى 9.8 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 9.7 مليون برميل خلال النصف الأول من العام نفسه.
ونتوقع أن يتعزز الطلب على النفط خلال الفترة المتبقية من عام 2014 بفضل استمرار النمو الاقتصادي، كما نتوقع أن يؤدي بدء تشغيل مصفاة ياسريف في ينبع التي تبلغ طاقتها التشغيلية 400 ألف برميل يوميا والمتوقع في أواخر عام 2014 إلى زيادة الطلب المحلي على النفط.
إمدادات النفط
زادت إمدادات النفط العالمية بنحو 1.7 مليون برميل يوميا خلال الربع الثالث من عام 2014 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وجاءت كل الزيادة من الدول خارج "أوبك" التي ارتفعت إمداداتها بـ 1.8 مليون برميل يوميا نتيجة لزيادة الإنتاج من الولايات المتحدة.
ويتوقع أن يشهد الربع الأخير لعام 2014 استمرار الزيادات من الدول خارج "أوبك"، تقودها الولايات المتحدة، كما ستأتي بعض الزيادات من دول "أوبك"، حيث يُنتظر أن يسهم استئناف ليبيا جزئيا لعمليات الإنتاج في الزيادة السنوية.
تتواصل ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة بوتيرة سريعة، حيث ارتفع الإنتاج بنسبة 13 في المائة في الربع الثالث لعام 2014 على أساس المقارنة السنوية. وفي ظل الزخم الذي يشهده الانتعاش الاقتصادي، تتوقع الشركة زيادة الاستثمارات في مصادر النفط التقليدية وغير التقليدية على حد سواء، ما يؤدي إلى الإبقاء على نمو الإنتاج بنسبة 13 في المائة في الربع الأخير لعام 2014.
وسيبلغ متوسط إنتاج الولايات المتحدة لعام 2014 ككل نحو 8.46 مليون برميل في اليوم وسيرتفع إلى 9.28 مليون برميل في اليوم في عام 2015، وسيصحب ذلك تراجع في وارداتها من النفط التي سيبلغ متوسطها سبعة ملايين برميل في اليوم لعام 2014 ثم ينخفض إلى 6.2 مليون برميل في اليوم عام 2015.
وبحلول عام 2015، ستصبح واردات النفط تشكل فقط 36 في المائة من إجمالي استهلاك الولايات المتحدة من الطاقة، مقارنة بـ 58 في المائة عام 2010. ويُتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج روسيا من الخام خلال عام 2014 بنسبة تقل عن 1 في المائة. وظل نمو إنتاج النفط في روسيا يتخذ مسارا تنازليا في السنوات الأخيرة، نتيجة لدخول العديد من حقول النفط في سيبيريا الغربية. إضافة إلى ذلك، يرجح أن تؤثر العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة التي تم تطبيقها في أول أيلول (سبتمبر) على أعمال التنقيب في المدى البعيد، كما أنها تجعل حصول شركات الطاقة الروسية الكبيرة على التمويل أكثر صعوبة.
وتراجع إنتاج "أوبك" بنسبة 5.1 في المائة في الربع الثالث من عام 2014 على أساس المقارنة السنوية. لا تزال "أوبك" متأثرة بالتراجعات الكبيرة في إنتاج ليبيا رغم بعض التحسن الذي طرأ أخيرا على الإنتاج.
كذلك، حدثت تراجعات مهمة خلال الربع الثالث لعام 2014 على أساس المقارنة السنوية، شملت إيران (-17.7 في المائة)، فنزويلا (-7.8 في المائة)، نيجيريا (-5.5 في المائة) والسعودية (-3.1).