أزمة البطالة الأوروبية تهيمن على قمة ميلانو
رغم أن ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي وصف أزمة البطالة بأنها "العدو الرئيس" لأوروبا فإن قليلين هم الذين يتوقعون أن تسفر القمة الأوروبية اليوم في مدينة ميلانو الإيطالية لبحث هذه الأزمة عن خطوات ملموسة تفتح باب الآمال أمام ملايين العاطلين خاصة من الشباب في الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لـ "الألمانية"، فمن المتوقع أن يشارك في القمة قادة الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، كما يشارك في القمة وزراء العمل في دول الاتحاد. وقلل المسؤولون الإيطاليون الذين تستضيف بلادهم القمة سقف التوقعات بالنسبة إلى القمة واعتبروا أنها فقط تمثل "خطوة أولى" في اتجاه إقرار إجراءات مواجهة أزمة البطالة خلال الشهور المقبلة. وقال برناديت سيجول رئيس اتحاد النقابات العمالية في الاتحاد الأوروبي أمس خلال اجتماع عمالي أوروبي في روما، إننا لسنا متأكدين من نتائج هذه القمة، والشيء الذي لا نريده هو الكلمات الجميلة دون أفعال.
وتعهد جان كلود يونيكر الرئيس المنتخب للمفوضية الأوروبية بالعمل على إعداد خطة استثمارية بقيمة 300 مليار يورو (375 مليار دولار) لتحفيز اقتصاد الاتحاد الأوروبي، لكنه لم يكشف تفاصيل الخطة لأنه لم يتول بعد منصبه في رئاسة المفوضية.
ومن المتوقع أن تتركز المناقشات على برنامج "ضمانات الشباب" الذي تبلغ قيمته ستة مليارات يورو ويستهدف تقديم مساعدات مالية للحكومة الأوروبية التي تلتزم بتقديم فرص عمل أو تدريب للشباب الذين تركوا دراستهم خلال أربعة أشهر.
وأفادت بيا أهرينكيلده المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية في بروكسل، بأن الهدف هو مناقشة كيف يمكن أن نضمن التطبيق الكامل لبرنامج ضمانات الشباب، من ناحية، ومن ناحية أخرى التركيز على نطاق أوسع على كيفية معالجة مشكلة التوظيف على المدى الطويل.
ويواجه برنامج ضمانات الشباب بطئا في التطبيق بسبب العقبات البيروقراطية وقيود الميزانية في العديد من الدول، حيث لم يبدأ تطبيق البرنامج حتى الآن إلا في فرنسا وإيطاليا بحسب ما ذكره سيجول في اجتماع اتحاد النقابات العمالية الأوروبي.
وأشار ميكيل بارسلوند المحلل الاقتصادي الدنماركي في مركز دراسات السياسة الأوروبية ببروكسل، إلى أن برامج مثل ضمانات الشباب يمكن أن تحقق نتائج بعد خمس أو عشر سنوات إذا ما تم تطبيقها بطريقة جيدة، مضيفا أن المبادرات الأخرى التي تستهدف انتقال العمال من المناطق عالية البطالة مثل إسبانيا إلى المناطق منخفضة البطالة مثل ألمانيا لها تأثير ضعيف، ولكي نوفر علاجا حقيقيا لأزمة الوظائف على المدى القصير نحتاج إلى زيادة الطلب في الاقتصاد.
وما زال الاتحاد الأوروبي يعاني حتى الآن تداعيات الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في 2008 على عكس الاقتصاد الأمريكي، فيما تقف منطقة اليورو التي تقع في قلب الأزمة الاقتصادية الأوروبية على حافة جولة ثالثة من الركود خلال ست سنوات، مع وصول معدل البطالة إلى مستوى قياسي قدره 12 في المائة تقريبا.
ويشهد الاتحاد الأوروبي انقساما بين دوله حول سبل التعامل مع الموقف الاقتصادي الصعب، حيث تحث ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، نظراءها على القيام بواجبهم في الإصلاح الاقتصادي ومقاومة الدعوات إلى زيادة الإنفاق العام، في حين أن فرنسا وإيطاليا تشددان على أن هناك حاجة إلى تخفيف القيود المفروضة على عجز الميزانية في الدول التي تتبنى إصلاحات اقتصادية مؤلمة، ومن غير المحتمل إنهاء هذا الانقسام القائم منذ وقت طويل خلال قمة ميلانو.
ويعتزم ماتيو رينزي رئيس الوزراء الإيطالي استغلال القمة للترويج لإصلاحات سوق العمل في بلاده التي يقوم بها رغم المعارضة القوية من جانب النقابات العمالية والجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي يقوده.