«الدمة».. رقصة الحرب والسلام في ثوب جديد
باتت الموسيقى عنصرا مهما في جسد الثقافة الشعبية من خلال حفلات جازان الشعبية التي ظلت لفترة طويلة تعتمد على الإيقاع فقط، وساعد التنوع الثقافي والجغرافي في جازان على فرز العديد من الأنماط والتعبيرات الخاصة في فنونها الشعبية المتنوعة لكل ناحية فيها، خاصة أنها تضم العديد من المناطق الجبلية والساحلية وكل ناحية منها تتمايز وتنفرد بلون خاص يعبر عن ثقافتها من خلال اللغة الجسدية الخاصة والإيقاعات المميزة التي تميز الفنون الشعبية في جازان عن بقية المناطق في المملكة، ورغم هذا التنوع إلا أن كافة الألوان الشعبية في جازان تشترك وترتبط بخيط واحد وهناك نغمة مشتركة بينها تجمعها مع بعضها البعض في إطار مشترك.
وأوضح لـ "الاقتصادية" عيسى غزاوي رئيس لجنة الفنون الشعبية في جمعية الثقافة والفنون في جازان أن جازان تعيش صحوة فنية شعبية بعد أن دخلت الآلات الموسيقية مثل آلة الأورج والعود على حفلات الفن الشعبي على نطاق واسع، حيث مثلت الموسيقي بعدا فنيا جديدا يضاف إلى هيكل الفن الشعبي في جازان وتم تسخيره لإضافة بعد جمالي على هذه الفنون التي تتنوع فيها الإيقاعات وتتشكل فيها الألحان التي يتسابق فيها الفنانون لإحياء هذه الحفلات الفنية الشعبية وخاصة الاجتماعية منها.
ولفت غزاوي إلى أن بيئة جازان الفنية والشعبية غنية بالموروث الشعبي المتنوع على ثلاثة اتجاهات، السهل والجبل والبحر، وكل منطقة لها ألوانها الخاصة، وأبرزها "الدمة" التي كانت تعزف وقت الحروب بين القبائل ولها قصائد خاصة بالحماسة، وأيضا قد تعزف لدى إعلان الصلح بين المختلفين، إضافة إلى ألوان أخرى مثل الخطوة والمعشى والزيفة والدلع، وفي الآونة الأخيرة اهتمت الجمعية بكافة هذه الجوانب مع الاحتفاظ بأساسها، وأدخلت بعض التعددية في الألحان ومنها أتيحت الفرصة للفنانين أن يضيفوا إلى هذه الألوان شيئا من الجمال الموسيقي بهدف إثراء هذه الألوان وإعادة تجديدها وتقديمها للأجيال الجديدة بقالب جديد لم تفقد معه ألوان جازان أي أصالة أو عراقة. وخصصت الجمعية برامج شعبية في إطار لجنة الفنون الشعبية تعنى باستقبال وتهيئة مناخ فني شعبي متناسق وإتاحة الفرصة أمام المبدعين من كتاب الكلمة واللحن والغناء لإعادة إحياء ألوان كانت في طريقها للاندثار محافظين بذلك على روح هذه الألوان وهي المسؤولية التي ترى الجمعية أهميتها أمام هذا الجيل.
وأضاف غزاوي "وضعت الجمعية في صلب اهتمامها دعم الفرق الشعبية وتهيئة كل الإمكانيات لكن يظل شح الدعم عائقا أمام الكثير من جهودنا إلا ذلك لن يثنينا عن تقديم أي جهد وفق الإمكانيات المتاحة. وهناك تنسيق عام مع عدد من فرق المنطقة لدمجها في مناسبات رسمية مثل مهرجان الجنادرية والأعياد ومناسبات الوطن ومناشط السياحة المختلفة، وهو الأمر الذي كون تنافسا حميما حتى يكون المخرج أفضل في إطار موسيقي وشعبي. وما زال لدينا الكثير من الأفكار والمقترحات المتاحة وننتظر تنفيذها قريبا وتهدف إلى اكتشاف المواهب بشكل عام".