الغياب والخصم
ما إن تدخل السيارات المواقع التي تتبع شركة أرامكو السعودية إلا وتتراجع سرعتها بشكل لافت، ويربط ركابها الأحزمة ويلتزم السائق بالسرعات المحددة. تلك الظاهرة كانت وما زالت مثار إعجابي، لكنها توقع الآخرين في فخ لماذا؟
لماذا يتحول قائدو السيارات بشكل مفاجئ إلى قنابل موقوتة بمجرد الخروج من بوابات الشركة إلى الشوارع العامة؟ لم أجد مبررا منطقيا لهذا السلوك سوى ما ذكره أحد موظفي الشركة حين أكد أن الموظف محاسب من قبل الشركة على كل المخالفات التي يرتكبها هو أو أي من أبنائه أو حتى ضيوفه. لذلك كان موظفو الأمن في الشركة يتعاملون بكل هدوء مع المخالفين من الضيوف، فهم يعلمون أن هناك من سيحاسب في النهاية على المخالفة.
هذا السلوك الإيجابي يفيد الكثير من المؤسسات والجهات التي تنشئ المساكن لموظفيها، كما يفيد في تقييد سلوك ساكني المدن المحصورة بعدد معين من الشركات والجهات الحكومية كمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين اللتين لم تستفيدا من هذا المفهوم في التعامل مع سكانهما، وقد يكون ذلك أكثر أهمية مع إنشاء مدينة الجبيل رقم 2.
تنقص الكثير من الجهود المهمة في مجال حماية المجتمع ومكتسبات الوطن قضية مهمة وهي الجدية في التعامل مع القضايا الخطيرة على سلامة وأمن الناس. تجد من الشباب من يدين للدولة بمبالغ تزيد على 20 ألف ريـال في شكل مخالفات غير مدفوعة. يستمر الشاب في المخالفات لأنه لا يحاسب على هذه المبالغ إلا في وقت لاحق؛ إن هو احتاج إلى خدمات أخرى من وزارة الداخلية.
أدى هذا السلوك لانتشار المخالفات وعدم اهتمام المجتمع، خصوصاً الشباب، بسداد المستحقات القانونية التي تطالبهم بها جهات رسمية لها من الصلاحية؛ ما يسمح لها بأخذ حق المجتمع بوسائل تشمل الحسم على ولي الأمر الذي اشترى سيارة الشاب وتركه يعبث بها في شوارع المدينة.
يمكن كذلك إيقاف الخدمات عن أولياء الأمور حال عدم تسديد المستحقات على الأبناء وهذا يضمن السداد، والالتزام الذي يحمي الأبناء في النهاية من مخاطر مخالفاتهم.
جاءتني هذه الخواطر وأنا أقرأ عن إقرار الخصم على ولي الأمر عندما يتغيب الأبناء عن المدرسة في الإمارات، أضمن لكم أن يكون الآباء عند باب المدرسة قبل أبنائهم.