أسهم المصارف الأوروبية تخالف نتائج اختبارات التحمل بتسجيلها أداء سلبيا
في الوقت الذي سجلت البورصات الآسيوية ردود فعل متباينة بشأن نجاح 106 مصارف أوروبية في تجاوز اختبار التحمل وإخفاق 25 مصرفا، إلا أن أسهم المصارف الأوروبية خالفت التوقعات مسجلة أداء سلبيا.
الاختبار الذي قام به المصرف المركزي الأوروبي لمعرفة قدرة النظام المالي في أوروبا على مواجهة أزمة مالية واقتصادية على غرار التي وقعت عام 2008 ولم يشف منها الاقتصاد العالمي تماما منها حتى الآن، مثلت مؤشرا للبورصات العالمية بشأن قوة النظام المالي الأوروبي.
البورصة اليابانية رحبت بالنتائج فأغلقت على ارتفاع 0.6 في المائة. أما كوريا الجنوبية وأستراليا فقد أغلقت البورصة فيهما على ارتفاع 0.3 في المائة و0.9 في المائة على التوالي. وغردت البورصة الصينية خارج السرب واختتمت بورصة هونج كونج وشنغهاي تداولهما بانخفاض 0.8 في المائة و0.5 في المائة.
البورصات الأوروبية بدأت تداولاتها على ارتفاع، مرحبة بالنتيجة، ما دفع بعض كبار المستثمرين على غرار نيو سميث إلى التخلص من أسهمهم المصرفية، قبل أن تبدأ الأسعار في التراجع.
وقال لـ"الاقتصادية" جاري ميلر المحلل في بورصة لندن، "النتيجة تبدو مغرية، ولكن من يستطيع أن يثق بها في وقت يعلم الجميع أن منطقة اليورو ومعظم بلدان الاتحاد الأوروبي تواجه أزمة اقتصادية حادة".
وبعكس المصارف الايطالية واليونانية التي اعتبرت الخاسر الأكبر من اختبار الصحة والسلامة، الذي قام به المركزي الأوروبي، فإن شعورا بالثقة والتفاؤل هيمنا على المصارف البريطانية، بعد أن تجاوزت المصارف الأربعة الرئيسة الاختبار الذي طال 130 مصرفا أوروبيا، وتركز على قدرة تلك المصارف على التعامل مع ارتفاع حاد في معدلات البطالة، وانخفاض معدلات النمو، بافتراض أن هذا الوضع السلبي سيتواصل لمدة ثلاث سنوات.
النتيجة باختصار أن 25 مصرفا أوروبيا أخفقت في تجاوز الاختبار، إلا أن مصارف بريطانيا الأربعة الرئيسة (لويدز، رويال بانك أوف سكوتلاند، باركليز، إتش إس بي سي) نجحت بدرجات مختلفة في تجاوزه، لتظهر مقدرة على مواجهة أي أزمة مالية تضرب النظام الرأسمالي البريطاني كما حدث عام 2008.
وكان رويال بانك أوف اسكوتلندا أحد المصارف البريطانية التي خضعت لهذا الاختبار قد تجاوزه على الرغم من شكوك العديدين في قدرته على مواجهة التحدي في ظل تملك الحكومة نحو 80 في المائة من أسهمه.
كما أفلحت مجموعة لويدز المصرفية التي يملك دافعو الضرائب البريطانية قرابة 25 في المائة من أسهمها في تجاوز الاختبار أيضا.
وقال لـ"الاقتصادية" تشارلز توماس المدير التنفيذي في رويال بانك أوف سكوتلاند، "النتيجة المعلنة من قبل المصرف المركزي الأوروبي تعيد الثقة مرة أخرى للنظام المالي البريطاني بعد هزة الأزمة الاقتصادية، وتثبت أن إجراءات الإصلاح المالي التي تم تبنيها في السنوات الثلاث الماضية نجحت، وهو ما يؤهل المصارف البريطانية الآن للقيام بدور أكبر في النهوض بالنظام الاقتصادي".
وتجاوز المصارف البريطانية اختبار المرونة، لا يعني من وجهة نظر بنك إنجلترا أنها بلغت المستوى الذي يتطلع إليه المحافظ مارك كارني. فالاختبار الأوروبي تركز في الأساس على القدرة المصرفية في مراكمة ما يمكن اعتباره احتياطيا رأسماليا قادرا على التصدي لأي انهيار مالي في النظام الاقتصادي.
إلا أن بنك إنجلترا يتبنى معايير أكثر صرامة من المعايير الأوروبية، حيث وضع "سيناريو" تخيليا تتراجع فيه أسعار العقارات بنحو 35 في المائة، وترتفع فيه نسبة الفائدة إلى 6 في المائة وهي معايير يرى كثير من الخبراء الماليين في بريطانيا أن تطبيقها في الوقت الراهن يعني فشل العديد من المصارف الرئيسة في تلبيتها.
وأصدر بنك إنجلترا بيانا يوضح فيه الوضع جاء فيه، "من المهم ملاحظة أن نتائج اختبار المرونة المصرفية الذي حدده المصرف المركزي الأوروبي لست بديلا عن اختبارات بنك إنجلترا".
وقال لـ"الاقتصادية" وليم جونس الاستشاري في لجنة السياسات المالية التابعة للبنك "نعتبر الاختبار الأوروبي اختبارا مهما، لكنه أولي ولا يغطي التحديدات التي يمكن أن تواجه النظام المالي البريطاني".
وأضاف "لهذا فإن تطبيق اختبار معايير المرونة المحددة من قبل بنك إنجلترا ربما يأتي بنتائج عكسية لما أظهره اختبار المركزي الأوروبي".
إلا أن تجاوز المصارف البريطانية اختبار المرونة، لا يعني أن خطتها من اجل الإصلاح المالي قد بلغت مبتغاها، فعلى سبيل المثال من المقرر أن تعلن مجموعة لويدز المصرفية غدا خطتها لإنهاء خدمات تسعة آلاف موظف، وإغلاق العديد من فروعها المصرفية في بريطانيا.
ومع هذا فإن الطابع الإيجابي لنتائج اختبار المرونة للمركزي الأوروبي، لا ينفي أن "عامل الوقت" والتحديات المستقبلية هي الحكم الفصل في قدرة مصارف أوروبا على مواجهة أي أزمة اقتصادية مستقبلية، خاصة في ظل أجواء التشاؤم التي تهيمن الآن على اقتصادات منطقة اليورو، بأنها تتجه إلى جولة جديدة من الركود الاقتصادي.