«ما راح تموت قبل يومك» .. آخر كلمات الشهيد الرشيد
"إن دنت دنت وما راح تموت قبل يومك" .. كانت هذه الكلمات هي الكلمات الأخيرة التي ودع بها الشهيد تركي الرشيد أشقاءه وأصدقاءه خلال الطلعة البرية وسط النفود في شمال غرب حائل، عندما تلقى اتصالا من مقر عمله يطلب منه الالتحاق بالدوام للمرابطة حيث كان في إجازة اعتيادية .. ولم يتوان الرشيد بعد الاتصال مباشرة في الاستعداد للسفر للقصيم حيث عمله في قوات الطوارئ الخاصة التي أصر على الالتحاق بها قبل ثماني سنوات مفضلا إياها على الوظائف الأخرى .. وودع الرشيد أشقاءه وزملاءه الذي طالبوه بأخذ الحيطة والحذر، فرد عليهم قائلا: "إن دنت دنت ولا راح تموت قبل يومك".
ونهض متوجها إلى منزله في حائل، لتوديع والديه وجلس قرابة ساعتين بجوارهما حسبما أكده لـ"الاقتصادية" شقيقه أحمد الذي قال والعبرات تخنقه "إن وداعه كان وداع رجل راحل وحاولنا ثنيه عن الذهاب ليلا والانتظار حتى الصباح ولكنه رفض، وطالبه والدي بالمبيت هذه الليلة والالتحاق بالعمل في الصباح لأخذ قسط من الراحة، حيث إنه منذ الصباح الباكر وهو في رحلة برية، إلا أنه رفض طلب والده وقال له (الوقت ضيق والوطن بحاجتي الآن) وقبّل رأسي والديه في الحادية عشرة ليلا وتوجه للقصيم".
وتابع شقيقه: "كنت على تواصل مستمر معه عبر الواتساب وكان يرسل لي صورا له وهو في الدورية وفجأة أرسلت رسالة له لم يتسلمها وحاولت الاتصال به لكنه لم يرد، ثم تلقيت خبر وفاته من أحد زملائه في الصباح الباكر". وأضاف أن الشهيد عريف مظلي وكان محبا للعمل العسكري دون مبالغة وكان يحاول الحصول على أكبر عدد ممكن من الدورات.
وقال خالد العميري الذي قام بتغسيله في مغسلة مسجد الراجحي "إن وجهه عندما قمت بغسله كان منورا أبيض وكان يرفع السبابة علامة الشهادة". فيما قال عمه محمد يوسف الرشيد: إن الشهيد كان شجاعا ومحبا للخير ورجلا اجتماعيا ومحبوبا من الجميع وقد جاءني في زيارة لجده لأبيه في مستشفى الملك خالد قبل وفاته بيومين وبعدما أراد الذهاب قام وقبل رأسي أربع مرات متتالية وكأنه يودعني وفاضت الدموع من عيني وقلت له أنا لست كبيرا في السن حتى تقبل رأسي ورد مبتسما (أنت عمي ومثل والدي) وغادر المستشفى وكنت مشغولا البال عليه، وبعدها بـ 48 ساعة تلقيت خبر استشهاده. وأضاف: تعرض الشهيد لعدة كسور أثناء دورة (مظلي) حيث قفز وتعطلت المظلة، ما أدى إلى سقوطه على الأرض وتعرضه لكسور متفرقة مكث خلالها في المستشفى لمدة شهرين متتابعين وعاد إلى مواصله عمله للدفاع عن الوطن .. وتابع أن الشهيد ـــ ولله الحمد ـــ أدى فريضة الحج لهذا العام برفقته والدته وزوجته. وقال عبدالرحمن الزامل أحد زملائه في الاستراحة: إن الشهيد هو (كبير الاستراحة) ورأيه محل تقدير الجميع وكان محبا لعمل الخير خاصة مع الضعفاء فكان عمال الاستراحة وعمال النظافة في الحي يحبونه، فبين الحين والآخر يقدم لهم مبالغ مالية كهدية منه ويقول هؤلاء مساكين وضعفاء يجب أن نقف معهم ونساعدهم. وأضاف: كان الشهيد يردد دائماً كلاما عن فضل الشهيد ومنزلته عند ربه وكان من أمنياته نيل الشهادة فنالها، وقد رددها عبر حسابه الشخصي قبل عدة أشهر وتحققت أمنيته.
والأبيات هي:
ما عطفت إلا على ناسي الصلاة
وما حسدت بدنيتي إلا الشهيد
ما أبي من هل الحياة إلا النجاة
وما أبي إلا العفو يوم الوعيد