استحواذات قطر العقارية تثير قلق البريطانيين
فتح رفض مالكي مجمع كاناري وارف التجاري في شرق لندن، سونجبيرد العقارية، عرض استحواذ مقدم من هيئة الاستثمار القطرية وشركة الاستثمار الكندية بروكفيلد بروبيرتي بارتنر، فتح الأبواب على مصراعيها لتساؤل العديد من المواطنين البريطانيين عن أسباب الرفض، والأكثر أهمية أسباب هذه الرغبة الشرهة من قبل الدوحة لشراء العقارات في لندن.
وتحت عنوان "المستثمرون يصفقون لرفض كناري وارف العرض القطري" عنونت صحيفة الإندبندنت اللندنية ذائعة الصيت مقالها بشأن العرض القطري ورفضه.
وإذا كان ديفيد بريتشارد، الرئيس التنفيذي لسونجبيرد، قد برر رفض العرض على أسس اقتصادية، لأنه يتضمن شراء أسهم الشركة مقابل 295 بنسا للسهم، وهو ما وصفه بأنه "ثمن بخس لقيمة السهم"، فإن آخرين اعتبروا أن الرفض ربما يكون مقدمة لتزايد الاعتراضات من كبرى الشركات العقارية البريطانية على ما يعتبرونها استثمارات قطرية كثيفة يمكنها أن تربك المشهد الاقتصادي مستقبلا ولربما ترتبط بنوايا "سياسية".
وأعربت وسائل إعلام بريطانية عن خشيتها من أن تكون الاستثمارات القطرية في إنجلترا عامة وفي قطاع العقارات خاصة وسيلة للضغط على الحكومة والإعلاميين لدفعهم إلى الصمت عن قضايا قطرية شائكة تحوم حولها العديد من الشبهات وفي مقدمتها نيل الدوحة حق استضافة كأس العالم عام 2022 بطرق "مشبوهة" كما يقول البعض.
وإذ تنفي قطر ومؤيدوها في الإعلام البريطاني هذه الاتهامات، معتبرين أن عوامل الربحية المرتفعة هي عامل الجذب الرئيسي للاستثمارات القطرية في لندن، فإن هذا لم يمنع محرر صحيفة صنداي تلجراف الشهيرة أن يكتب مقالا تحت عنوان "بريطانيا باعت نفسها لقطر" ويكشف المقال أن الاعتراضات على عمليات الشراء والاستثمارات القطرية في بريطانيا والتي بلغت نحو 30 مليار استرليني تعود بالأساس إلى ما يعتبره بعض البريطانيين أساليب غير "شريفة" من قبل قطر في مجال الاستثمار.
ويستبعد البعض أن تتوقف قطر عن مواصلة شراء العقارات في لندن حتى وإن لم يعد عليها ذلك بالربحية الاقتصادية المرجوة، إذ تضمن لها هذه الاستثمارات موطئ قدم مؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية البريطانية، إلا أن تصاعد الاعتراضات من قبل بعض رجال النخبة في المجتمع من النوايا القطرية ربما يؤدي إلى "فرملة" الاندفاع القطري، وتعزز احتمالات "الفرملة" التحقيقات الجارية الآن في باريس بشأن منح الدوحة امتيازات يعتبرها البعض غير قانونية مقابل زيادة حجم استثماراتها في فرنسا.
ويعتبر البعض أن تزايد الأصوات البريطانية المتشككة في الرغبات القطرية للاستحواذ على أسواق العقارات في المملكة المتحدة، يتجاوز القلق الاقتصادي إلى السياسية، فالمواقف القطرية في الحرب على الإرهاب في نظر الإعلام البريطاني محل شك وتساؤل.
وتنتقد الصحافة البريطانية ما تعتبره "عدم جدية" قطرية لإغلاق كافة السبل التمويلية على الإرهاب، وتستند تلك الصحف إلى العلاقات الخاصة التي تربط الدوحة بأنقرة، والاعتراض التركي على المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.
وقد هيمن طابع انتقادي في الأسلوب الذي غطى به الإعلام البريطاني الزيارة الأخيرة التي قام بها أمير قطر للندن، وذلك على الرغم من أن الاستثمارات القطرية تجاوزت الـ 30 مليار استرليني في المملكة المتحدة في وقت تعاني فيه الحكومة البريطانية مصاعب اقتصادية ملحوظة، وهو ما كشف وفقا لبعض المراقبين عن عدم ارتياح بريطاني لأنماط السلوك الاستثماري القطري في عاصمة الضباب.