هذا الوطن ما نبيعه

جاءت ردود الأفعال على الجريمة التي استهدفت حسينية في الدالوة في محافظة الأحساء عفوية وسريعة. عاد أمير المنطقة من إجازة خاصة خارج البلاد ليطمئن على أهالي المصابين، ويواسي ويعزي أسر المتوفين. انطلق أبناء الأحساء في مسيرة عزاء وتشييع وهم ينادون بشعارات تؤلم قلوب المخططين لهذا العمل الجبان، وتدحض ادعاءاتهم بأن الوطن لا يستوعب كل أبنائه. جاء المعزون من كل مناطق ومحافظات المملكة تلقائيا.
إخوان سنة وشيعة ... هذا الوطن ما نبيعه، كلمات عبرت عن ردة الفعل التي لم يتوقعها مجرمو الدالوة. كانوا يعتقدون أنهم أيقظوا الفتنة، وسيتحول الناس لضرب أعناق بعضهم. لكن هذا الوطن أكبر من الجميع، فتاريخ هذه البلاد يشهد بأنها احتوت كل الفرق وعاشت فيها كل المذاهب، وستظل تحتوي أبناءها وترعى مصالحهم.
إن تغلغل المخابرات الأجنبية في دول عربية مجاورة أدى إلى تفكيك مكونات المجتمع، وإلى تحويل الناس إلى أدوات تقع في الفتنة وتزرع الشقاق والكراهية والحقد. هذا التغلغل نراه ماثلا فيما حولنا من الدول اليوم، بينما يقف الشعب السعودي صفا واحدا ضد كل من يحاول أن يفرق وحدتنا ويقسم بلادنا.
المخطط معلوم، والنتائج هي المجهول الأكبر في معادلة دولية فاسدة تحاول أن تسيطر على القرار في دولنا. إن اغترار كثير ممن استهوتهم فكرة السيطرة على الناس وتحويل القرار إلى أيديهم التي روجت لها المخابرات الأجنبية، تكرار لأخطاء ارتكبها من سبقوهم في تاريخنا القديم والحديث، والعاقل من يتعظ بغيره.
التشرذم والقلاقل والخوف والفقر هي ما ينتظر أي دولة تحاول فئة فيها أن تغير معادلة التعايش التي رسخت وبقيت على مدى قرون. نشاهد ذلك اليوم في أربع دول عربية على الأقل، وما زالوا مختلفين.
الاختلاف هو سنة كونية يواجهها العالم بالتقبل والاحتواء والاحترام، هذا هو ما يصنع الحضارة ويضمن الحياة للجميع. نرى ذلك في دول العالم المتقدم، وهو ما نحتاج إليه في عالمنا العربي الذي أمعن فيه الأعداء تقتيلا وتشريدا وإهانة وتمزيقا على يد أبنائنا الذين تحولوا إلى أدوات بيد أعدائهم.
أما نحن في هذه البلاد فعلينا أن نكون حذرين ومتيقظين لكل ما يحاك ضدنا، فهذه الواحة محسود كل من فيها مهما كان مذهبه أو طائفته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي