هل هي حرب ضد الأطفال السوريين ؟!
ما يرد في وسائل الإعلام حول وضع الأطفال السوريين يثير القلق فعلاً، حيث هناك جيل كامل معرَّض للضياع. وأولى معالم الضياع مسألة انعدام الجنسية في بعض بلدان اللجوء حيث لا يتم تسجيل المواليد بسبب عدم حصول الوالدين على الإقامة القانونية. إنهم الضحايا المنسيين في خضم الأوضاع الصعبة في سوريا. أما التعليم فهو المَعْلم الثاني في الضياع. ففي بلدان اللجوء، هناك أعداد ضخمة من الأطفال لا يلتحقون بالتعليم لأسباب عديدة، مثل عدم توفره، أو عدم استطاعة الأهل دفع الرسوم، أو حاجة الأهل لأن يعمل الطفل وينفق على أهله.
والتعليم في المناطق الساخنة في الداخل السوري ليس أحسن حالاً. فقد ورد خبر يقول بأن 3994 مدرسة على الأقل إما مدمرة بشكل كامل أو متضررة بأضرار نسبية، من بينها 450 مدرسة مدمرة بالكامل أغلبها في محافظات حلب وحمص وريف دمشق. وهذه المدارس المدمرة لا يمكن ترميمها أو اصلاحها، بل تحتاج إلى جرف وإعادة بناء بحسب تقديرات المهندسين. وتتراوح أحوال 3423 مدرسة ما بين الأضرار المتوسطة والنسبية، ويمكن إعادة ترميمها وتشغيلها، لكن 1500 مدرسة منها أضحت مقرات للنازحين داخل الأراضي السورية، وتحولت 150 مدرسة إلى مشاف ميدانية لمعالجة الجرحى والمصابين من جراء القصف العشوائي التي تقوم بها قوات النظام. ويُضاف إلى ذلك تحويل قرابة 1200 مدرسة إلى مراكز اعتقال وتعذيب في ظل اكتظاظ السجون المركزية النظامية بأعداد هائلة من المعتقلين تجاوزت 215 ألفا، بالإضافة إلى استخدام عدد من المدارس كمقرات أمنية يقيم فيها عناصر الأمن ويتم من خلالها قصف الأحياء المجاورة.
تلك هي صورة السندان، فما هي صورة المطرقة؟ تقول الأخبار بأن تنظيم داعش أغلق معظم المدارس في مدن وبلدات محافظة دير الزور، التي يسيطر عليها، وذلك ريثما يتم إخضاع المدرّسين لدورة شرعية، ولحين الانتهاء من إعداد مناهج تعليمية جديدة، بديلة عن المناهج الكفرية الحالية. وفي المناطق المحاصرة يعيش الأطفال ظروفاً معيشية صعبة، بعد فقدانهم لحقهم في التعليم وتدمير مدارسهم. هذا عدا الجوع والعطش وانعدام حليب الأطفال والدواء والقتل اليومي بالبراميل المتفجرة النازلة من الطائرات.
وقد وجّه أطفال حي الوعر المحاصر في مدينة حمص رسالة مؤثرة إلى الأمم المتحدة بشأن الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشونها، وفي شريط فيديو قدمه التجمع المدني في حمص ظهر مجموعةٌ من الأطفال يتناوبون على الحديث من وراء سياج يبدو وكأنه سياج لمعتقل كبير، وهذا ما يشير إليه أحد الأطفال صراحة في مقدمة الشريط، حيث يقول وهو يمسك بحديد السياج (أكبر معتقل في العالم). ولقد أضاف بردُ الشتاء القارس مأساةً جديدة للمناطق المحاصرة التي لا يجد أهلها ما يقتاتون به، فضلا عن أن يفكروا في تعليم أولادهم. وكما ورد في الأخبار فإن كثيرين يعتمدون على ما تبقى من مقاعد دراسية في المدراس التي هدمها القصف لإشعالها كحطب للمدافئ لعلها تقي أطفالهم ساعة من البرد.
ربما تكون هناك صورة مشرقة، لكنها على بعد بضعة آلاف من الكيلومترات. فقد قال اتحاد المعلمين الألمان إن هناك حاجة إلى ألفي وظيفة إضافية لمواجهة التنامي في أعداد أبناء اللاجئين الذين يتلقون تعليمهم في ألمانيا، حيث هناك حاجة إلى أخصائيين اجتماعيين وأطباء نفسيين ومترجمين فوريين. وتتراوح الكلفة المادية لهذا المشروع بين عشرة إلى عشرين مليون يورو. نعم إنهم يفكرون بطرق مختلفة، لكن كم عدد اللاجئين لديهم؟.