إمارة الرياض .. أنقذت الاتحاد
تحشد المدن العالمية طاقاتها لإنجاح المهرجانات والأحداث التي تقام على أراضيها، حتى لو كانت الجهة الإدارية المنوط بها تنظيمها مؤسسة أخرى غيرها، كذلك فعلت إمارة مدينة الرياض في تعاطيها مع كأس الخليج العربي الحالية.
أظهرت إمارة العاصمة روحا شابة مسؤولة في تعاملها مع الحدث، وتفاعلت معه كما يجب بتنظيم مهرجانات عائلية وشبابية على هامشه، وسعت لإقامة حفلين تكريميين لشخصيات بارزة أسهمت في دوران عجلة المونديال الخليجي.
حتى وإن ظهرت بعض الفعاليات أقل درجة من المأمول في التنظيم والفقرات، إلا أن إحساس الهيئة الإدارية للمدينة الكبرى بالحدث، وتحملها جزءا من مسؤولياته كان لافتا ومحل تقدير الكثير من المتابعين، بل إن الأمير الشاب تركي بن عبد الله وفريقه الإداري، أعادوا تأسيس ثقافة مفقودة في العمل المؤسساتي السعودي وهي تضافر كل الجهود والأطراف نحو إنجاح حدث، في النهاية هو باسم البلاد كلها.
ما فعله تركي بن عبد الله في الأيام الماضية، يبعث على التفاؤل بولادة جيل من الحكام الإداريين الشباب، يتفاعلون مع الأحداث، ويلامسون رغبات الجمهور، ويضطلعون بمسؤولياتهم الحقيقية دون توجيه من أحد ودون انتظار نقد الصحافة والإعلام ومطالباتهم.
هذا الجيل الجديد، لم يكن ليفعل ذلك ما لم يشعر بأنه جزء من الكل، وعليه واجبات تفرضها المسؤولية والمنصب، إضافة إلى أن هناك تقاطعات إيجابية بينه والآخرين تسهل لغة الحوار، وتخلق أرضية مشتركة يقف عليها الجميع، تجعل من العمل أكثر انسيابية وتخلق أجواء من التفاهم والانسجام.
.. كثير من المتابعين أزعجتهم الحالة الرثة التي كان عليها اتحاد الكرة ولجانه في تنظيم كأس الخليج الحالية، وتحدّث متابعون عن بعد تجاه سوء تسويق البطولة قبل بدايتها، ما انعكس على الحضور الجماهيري، ناهيك عن تفاصيل ينظر لها البعض على أنها صغيرة ولكنها كبيرة إذا ما ربطت بحجم المضيف والضيوف، مثل تيسير دخول الشخصيات الاعتبارية الكبيرة إلى الملاعب التي شكا منها همسا بعض الضيوف وليس نهاية بغياب بوفيه صغير في المنصة لا يكلف أكثر من خمسة آلاف ريال في كل مباراة.
.. تربطني علاقات بمسؤولي اتحادات خليجية شقيقة، وسمعت منهم أحاديث قدمت بصيغة الاستغراب أكثر من العتب، تجاه غياب بعض التقاليد الخاصة بالضيوف، وكان حديثهم الدائم: لأول مرة نشاهد الاتحاد السعودي بهذه الفوضى في لجانه وتنظيماته.
.. كون هذه البطولة الأولى التي ينظمها الاتحاد السعودي الجديد ليس مبررا، فأغلب أعضائه شغلوا لجانا تنظيمية فيما سبق ولديهم من العلم والخبرة ما يسمح بتعليق الآمال والتطلعات عليهم، لكنه مشهد ينبئ عن الفوضى العارمة التي تدق أطنابها بوضوح في مجلس الاتحاد، بداية بأمانته العامة، وليس نهاية بتنافر أعضائه وغيابهم أو تغييبهم عن المشهد، ما دعا الرئيس العام إلى التدخل في الرمق الأخير وزرع رجاله في اللجان التنظيمية.
مقابل ذلك، ما قامت به إمارة الرياض في الحدث، كان وجها جميلا، أنقذ ما يمكن إنقاذه أمام الضيوف والمتابعين، وبعث التفاؤل من جديد في جيل الشباب القادم.