خفض الفائدة الصينية وتحفيز النمو الأوروبي يدعمان النفط
قرار اقتصادي للصين، وتصريح صادر عن أعلى سلطة مالية في الاتحاد الأوروبي يبعد بينهما آلاف الأميال، لكنهما كانا كفيلين بإحداث هزة في الأسواق العالمية.
القرار الصيني تمثل في خفض أسعار الفائدة المصرفية، أما التصريح فكان مصدره محافظ البنك المركزي الأوروبي الذى تعهد فيه بزيادة الضغط لتحفيز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.
التداعيات الإيجابية طالت الأسواق العالمية من نواح متعددة، فتحسن سعر النفط نسبيا، وانتعشت أسعار المعادن وخاصة الذهب والفضة، وقفزت البورصات الدولية من شنغهاي إلى نيويورك، وتأثرت قيمة العملات وفي مقدمتها الدولار.
وللمرة الأولى منذ عامين، قررت الصين خفض معدل الفائدة على الودائع السنوية من 3 إلى 2.75 في المائة، وكذلك تقليص معدل الفائدة على الإقراض السنوي من 6 إلى 5.6 في المائة، وهى خطوة اعتبرتها الأسواق الدولية ترجمة حقيقية لتعهدات بكين في قمة العشرين المنعقدة أخيرا في أستراليا، باتخاذ الإجراءات الممكنة كافة لرفع معدلات النمو الاقتصادي لديها.
أما تصريح ماريو دراجي محافظ المصرف المركزي الأوروبي بالعمل بكل طاقة ممكنة لتعزيز نمو منطقة اليورو، فقد منح الأسواق الدولية مؤشرا على أن البنك الأوروبي يتجه لتقليص معدل الفائدة الراهن المقدم للبنوك التجارية والبالغ 0.05 في المائة، كما أنه سيعزز سياسة التيسير الكمي التي يتبعها حاليا.
أسواق النفط كانت في مقدمة المتأثرين بالإجراء الصيني وتصريحات محافظ البنك الأوروبي، فقد أغلقت بورصة نيويورك عند سعر 76.51 دولار لبرميل الخام الخفيف؛ أي بزيادة تقدر بـ 0.9 في المائة؛ أي ما يعادل 66 سنتا، لتحقق بذلك أعلى سعر إغلاق منذ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بينما حقق خام نايمكس أعلى مكاسب له منذ شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
أما خام برنت فقد حقق زيادة سعرية بلغت 1.3 في المائة ليصل سعر البرميل 80.36 دولار، وهذا هو أيضا أعلى سعر يتحقق منذ 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، ليحقق الخام بذلك أعلى مكسب له منذ منتصف العام الجاري. وأوضح جون ليستينج الخبير النفطي والاستشاري في مجموعة "جيفريز باتش إل إل سي" لـ "الاقتصادية"، أن التحسن في أسعار النفط ربما يكون طفيفا نسبيا، لكن علينا أن نتذكر أنها المرة الأولى هذا الأسبوع التي يتجاوز فيها خام برنت حاجز الـ 80 دولارا، مضيفاً أن أهمية التطور الراهن أنه يعكس تفاؤل أسواق النفط بإمكانية زيادة الطلب الصيني، فالصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة.
وأشار ليستينج إلى أن خفض أسعار الفائدة المحلية يشجع الحكومة على زيادة استهلاكها من البترول بما يقارب 100 ألف برميل يوميا، وهذا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي خلال العام المقبل.
ومع هذا فإن هناك خبراء آخرين يعتقدون أن القرار الصيني، وعلى الرغم من تداعياته الإيجابية على الأسواق سيكون مؤقتا، ويقول الدكتور ستيفن بوسن المحلل الاقتصادي في شركة شل لـ "الاقتصادية"، إن الأسعار المستقبلية للنفط ستتوقف على القرارات الصادرة من اجتماع منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" والمنعقد في فيينا يوم 27 القادم، أما تأثير زيادة الطلب الصيني فسيكون محدودا ومؤقتا.