توجه أمريكي - أوروبي لتضييق الخناق الاقتصادي على روسيا
كشفت مسودة وثيقة أن زعماء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد تعهدوا أمس بالعمل معا بشأن العقوبات وتعزيز أوروبا وأمن الطاقة في أوكرانيا في إطار سعيهم لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة روسيا.
وتزعمت الولايات المتحدة طوال العام مسعى لفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا فيما اتسمت العديد من الحكومات الأوروبية بالحذر خشية أن تضر الإجراءات الاقتصادية ضد روسيا بها كما تضر بموسكو.
وبحسب "رويترز"، فقد أجرى جون كيري وإيرنست مونيز وزيرا الخارجية والطاقة الأمريكيان محادثات أمس مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وجاء في مسودة البيان "أجمع المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الحاجة إلى تنسيق تطبيق أنظمة العقوبات الخاصة بنا مع تشديد الإجراءات ضد الانفصاليين بما في ذلك عدم الاعتراف بالضم غير القانوني للقرم".
ورحبت المسودة أيضا بآفاق تصدير الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا لتنويع الإمدادات، وذكرت أيضا أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يقفان كتفا بكتف في دعمهما للحكومة الجديدة في أوكرانيا وأكدا ضرورة استمرار الإصلاحات في قطاع الطاقة في أوكرانيا.
وكان كيري قد أشار في مؤتمر صحافي إلى أن العقوبات الغربية لم توقف دعم روسيا للانفصاليين في أوكرانيا، لكنها أضرت باقتصادها الذي من المتوقع الآن أن ينزلق إلى الركود في العام القادم، مضيفاً أن بوسع موسكو تفادي مزيد من العقوبات بالموافقة على خطوات من أجل إنهاء الدعم للمتمردين الذين سيطروا على مناطق تسكنها أغلبية ناطقة روسية في شرق أوكرانيا بعد احتجاجات أطاحت بالرئيس المؤيد لموسكو في شباط (فبراير)، فيما تنفي روسيا دعم الانفصاليين عسكريا.
واستشهد كيري بضعف العملة الروسية الروبل وتصريحات لمسؤول روسي كبير بأن الاقتصاد سيسقط في براثن الركود في عام 2015، مضيفاً أنه من الواضح أن الاقتصاد يشعر بتأثير هذه العقوبات.
ويتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الروسي 0.8 في المائة على الأرجح في العام المقبل متأثرا بانخفاض سعر النفط وبالعقوبات في تغيير حاد من توقعات سابقة بنمو قدره 1.2 في المائة.
وفرض الغرب سلسلة من العقوبات ضد موسكو بسبب سياساتها تجاه أوكرانيا وكان أبرزها عرقلة الواردات الروسية ومنع وصول البنوك الروسية إلى أسواق المال العالمية، وجمد الاتحاد الأوروبي أصول 119 شخصا ومنعهم من الحصول على تأشيرات بما في ذلك بعض مساعدي بوتين المقربين.
وقال أنطون سيلوانوف وزير المالية الروسي الشهر الماضي إنه من المتوقع أن تخسر الدولة 40 مليار دولار قيمة الاستثمارات الأجنبية هذا العام بسبب العقوبات الغربية، إلا أن تلك العقوبات لم تنجح إلى حد بعيد حتى الآن في تغيير سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فيما أكد دبلوماسيون أوروبيون أنه لا توجد رغبة قوية داخل الاتحاد لفرض المزيد من العقوبات ما لم يحدث تدهور حاد في الوضع في أوكرانيا، وتعد روسيا مورد الطاقة الرئيسي لأوروبا ويخشى كثير من دول الاتحاد أن تضر العقوبات وردود الفعل الروسية باقتصادهم.
من جهة أخرى، انتقد ميخائيل خودوركوفسكي إمبراطور النفط الروسي السابق والمعارض البارز للكرملين العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا قائلا إن الشعب الروسي سيكون أكثر المتضررين.
وأشار خودوركوفسكي أمام برلمانيين خلال جلسة استماع في البرلمان الأوروبي إلى أن تطبيق العقوبات ضد الاقتصاد الروسي ككل سيكون خطأ، وأيا كان الأمر، فإن التأثير، الذي يمكن تحقيقه على المدى القصير قد يقابله كثير من السلبيات في المستقبل.
وأضاف أن المنطق القائل إنه إذا ساءت الأمور أمام المواطنين الروس فسيفهمون أسرع مدى سوء الحكام الذين انتخبوهم، يبدو لي غير مقبول مطلقا، فلا يجب أن يتم إبعاد المواطنين الروس عن أوروبا.
ودعا، بدلا عن ذلك، إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على المسؤولين الفاسدين والقائمين على تطبيق القانون وشركائهم التجاريين، مشيرا إلى الأشخاص "المحيطين ببوتين"، ونحن نتحدث عن 10 في المائة تقريبا من الهيكل السياسي والإداري الحالي، لذلك فإن عددهم يبلغ بضع عشرات من الآلاف من الأشخاص، وعلى الرغم من أنهم يخشون العقوبات، إلا أن خوفهم يظل أمرا تخيليا، إذ إن الأمر بعيد عنهم وليس ملحا.