شركات نفط بريطانية تتسابق لتقليص إنفاقها

شركات نفط بريطانية تتسابق لتقليص إنفاقها

تتسابق شركات النفط البريطانية العملاقة من أجل تقليص إنفاقها وتكاليفها على نحو ينسجم مع الحقائق الجديدة لسوق النفط العالمية حتى تبدأ الفجوة في التضييق بسرعة.
والمساهمون في" بي بي" و"رويال داتش شل" – أكبر شركتي نفط دوليتين في بريطانيا – يجدون أنفسهم الآن عالقين في مرمى النيران في لعبة أكبر بكثير، تجري أحداثها الآن بين أقوى البلدان المنتجة للنفط في العالم من أجل السيطرة على السوق.
وبعد أن أمضى 100 من كبار المساهمين في بي بي عشر ساعات كاملة في جلسات إحاطة سرية في فندق لانجهام في لندن هذا الأسبوع، خرجوا إلى الهواء البارد لهذا المساء الشتوي ليجدوا أمامهم الخبر الكئيب الذي يقول: إن أسعار النفط هبطت إلى مستوى جديد هو الأدنى منذ خمس سنوات.
وبالنظر إلى التحديات التي تواجه كبار شركات إنتاج النفط، كان المزاج العام أثناء الجلسات، برئاسة لامار ماكاي، الرئيس التنفيذي لعمليات ما بعد الإنتاج في شركة بي بي، "جديا"، على حد تعبير الحاضرين. لكن فكرة أن ينهار سعر الخام الأمريكي إلى ما دون 60 دولارا للبرميل، وهو السيناريو الأساسي التي تستخدمه شركات النفط الكبرى لإجراء اختبار الإجهاد على ربحية مشاريعها المستقبلية، دفعت الروح المعنوية إلى مستوى هابط جديد.
وإلى جانب معظم الشركات الأخرى، فقد تراجعت أسهم هاتين الشركتين العملاقتين بعد التراجع بنسبة 44 في المائة في خام برنت منذ حزيران (يونيو) الماضي، لكن الآن، وفي مقابلة مع صحيفة "تلجراف"، قال عبدالله بن حمد العطية، وزير الطاقة القطري السابق ورئيس أوبك: "كل بلد منتج للنفط يتعرض للأذى بشكل كبير." وهو يجادل بأن الصناعة بأكملها، بما في ذلك البلدان المنتجة خارج منظمة أوبك، التي تنتشر فيها أغلبية شركات النفط الدولية، لا بد أن تكون مستعدة لتخفيضات كبيرة.
وبالنظر إلى التحدي الذي لا يستهان به الذي يواجه الشركات من قبيل "بي بي" نتيجة استمرار أسعار النفط الهابطة، كان من المتوقع أن تكشف الشركة عن عملية إعادة هيكلة التخفيضات بشكل أعمق حتى من التخفيضات التي كشفت النقاب عنها عن السنة المقبلة، بقيمة مليار دولار (637 مليون جنيه). وهذا سيعني أنه سيكون في حكم المؤكد فقدان عدد لا يستهان به من الوظائف. المساهمون المتشائمون كانوا يتوقعون إمكانية تخفيضات أقوى من أجل حماية الخط الأساسي.
جزء من التحدي بالنسبة إلى فريق إدارة ما بعد الإنتاج في بي بي سيكون في تحديد المشاريع التي لا بد أن يقاتل من أجل المحافظة عليها في وجه الضغط من المساهمين.
وقال ماكاي: "نتوقع أن نرى النمو من أصولنا التقليدية ومن المناطق المغمورة العميقة، ومساهمة متزايدة من الغاز. كما أن لدينا أيضا فرصا طيبة في خطوط الأنابيب، التي نعتقد أنها قادرة على مواصلة النمو الكامن إلى فترة طويلة بعد عام 2020."
ويمكن لهذه البرامج مجتمعة أن تنتج كميات إضافية من النفط مقدارها 900 ألف برميل في اليوم من معادِل النفط بحلول نهاية العقد، وهو ما يعزز حركة النقد المهمة للغاية في الشركة، التي يتوقع دويتشه بانك أن تنمو بمعدل 5.3 في المائة حتى نهاية عام 2017.
وقال بنك باركليز بعد اجتماع المساهمين: "من الواضح أن أسعار النفط الهابطة ستلقي بثقلها على حركة النقد في القطاع، وهذا ينطبق أيضا على "بي بي"، لكننا نرى أن هناك زخما تشغيليا كامنا، ومرونة في قاعدة الإنفاق الرأسمالي، والتزاما من أجل تبسيط الأعمال، ومستويات مديونية منخفضة، على نحو يساند دفعات أرباح الأسهم، وهو ما سيكون كافيا على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، حيث يطغى على مخاوفنا بخوص مشكلات ماكوندو وروسنفت."
"بي بي" و"شل" ليستا شركات النفط العالمية الوحيدة التي تضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة حول ما إذا يجدر بها الاستثمار في تطوير الحقول واستكشاف موارد جديدة. شيفرون، ثاني أكبر شركة نفط في الولايات المتحدة، أجلت ميزانية الحفر للسنة المقبلة، كما أن كونوكو فيليبس قالت إنها ستقلص الإنفاق الرأسمالي بنسبة 20 في المائة ليصل إلى 13.5 مليار دولار في السنة المقبلة.
من منظور المساهمين، سيؤدي الهبوط الحالي في أسعار النفط إلى المزيد من التركيز على اقتناء الأسهم فيما يسمى "شركات النفط الفائقة" بدلا من الشركات الأصغر ذات المخاطر الأعلى، مثل شركة كيرن للطاقة وشركة بريميير للنفط.
قال نيل جريجسون، مدير صندوق في صندوق جيه بي مورجان للموارد الطبيعية: "على الرغم من الهبوط الكبير في أسعار النفط، نحن نحتفظ بتعاملات في أفضل شركات التنقيب والإنتاج في مختلف أنحاء العالم."
هذا اللجوء إلى النوعية يمكن أن يشعل فتيل عمليات الاستحواذ والاندماج في القطاع، الذي لم يشهد صفقة كبرى منذ الصفقات التي أعقبت استحواذ "بي بي" على "أموكو" في عام 1998، حين كانت أسعار النفط هابطة تماما. وكانت هناك أقوال حول عملية اندماج بين "شل" و"بي بي"، وهو ما سيؤدي إلى إنشاء شركة عالمية رائدة بقيمة 200 مليار جنيه استرليني.
وقد أثارت هذه الأقوال حماس سيتي جروب في الفترة الأخيرة، لكن المطلعين على الموضوع في الشركتين يقولون: إن الصفقة غير مرجحة طالما بقيت التداعيات المالية (على شركة بي بي) من كارثة خليج المكسيك غير محلولة.
وقال جريجسون، الذي لا يمتلك في محفظته أسهما في "بي بي": "نتوقع أن تقوم الصناعة بأكملها بتقليص التكاليف في ظل البيئة الحالية. هناك أيضا إمكانية لنشاط عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع ."

الأكثر قراءة