«الإسكان» وفتح سوق الأسهم للأجانب وأنظمة التمويل تسيطر على المشهد الاقتصادي في 2014
إذا ما تم استثناء ما تعرضت له السوق النفطية من هبوط حاد، أفقدها قرابة 40 في المائة من قيمتها، وانعكاس ذلك على قطاعات اقتصادية في المملكة على رأسها السوق المالية السعودية، فإن هناك تطورات شهدتها قطاعات اقتصادية، كانت ستكون هي المسيطر على مجمل الأحداث الاقتصادية في المملكة خلال عام 2014م، الذي نطوي صفحته اليوم.
أبرز أحداث هذا العام تمثلت في إعلان وزارة الإسكان عن طرح منتجات تهدف لتلبية حاجة المواطنين من الوحدات السكنية، مدعومة بلوائح تنظيمية أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) فيما يتعلق بالتمويل العقاري والترخيص لعدد من المصارف والشركات لمزاولة هذا النشاط وفق ضوابط محددة.
كما لم تغب التطورات في السوق المالية السعودية "تداول" عن مشهد الأحداث الاقتصادية لعام 2014م، بعد أن تم اعتماد اللوائح التي تسمح للمستثمرين الأجانب بدخول سوق الأسهم في منتصف العام المقبل، والاستمرار في سياسة إصلاح سوق العمل واستمرار الحملات التفتيشية لتطهير السوق من المخالفين، فضلا عن اتخاذ قرار لضبط إيقاع أسعار المواد الأساسية في السوق وفي مقدمتها تحديد أسعار حليب الأطفال.
وكان لمشاريع النقل العام حصة كبيرة من قرارات العام الجاري المنتهي اليوم، وخصوصا فيما يتعلق بإنشاء هيئات عليا لتطوير النقل العام في عدد من المناطق، والبدء في ورشة عمل متكاملة لإنشاء مترو الرياض.
زيارات ولي العهد إلى الاقتصادات الناشئة
سعت الحكومة السعودية خلال عام 2014م لتوثيق وربط اقتصادها باقتصادات الدول الناشئة في شرق آسيا كالهند، الصين، واليابان، وأيضا التوجه نحو اقتصاد الدول الغربية خاصة فرنسا وأستراليا.
وشهدت تلك الدول زيارات رسمية قام بها الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع هذه الدول، وتمخض عن هذه الزيارات توقيع بروتكولات اقتصادية تدعم الاقتصاد السعودي وتنوع مصادر دخله.
انعكاسات هبوط أسعار النفط
كان لهبوط أسعار النفط وإعلان منظمة "أوبك" إبقاء حجم إنتاجها النفطي البالغ 30 مليون برميل يوميا، انعكاسات بشكل مباشر على السوق المالية السعودية، جعلتها تتخلى بسبب ذلك عن كثير من المكاسب التي حققتها خلال الفترة الماضية.
#3#
وقال الدكتور سعيد الشيخ، المحلل الاقتصادي وكبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، إن الحدث الاقتصادي الأهم هذا العام يتمثل في هبوط أسعار النفط، وهو متغير انعكس على الأداء العام للاقتصاد في الربع الأخير من العام وسينعكس على الأداء في عام 2015م.
ولفت إلى أن تراجع أسعار النفط، سيؤدي إلى تراجع الإيرادات النفطية وهي التي تحدد مستوى الإنفاق العام للدولة.
وذكر أن الأسعار انكسرت هذا العام للمرة الأولى منذ 2009 م، عندما هبط النفط بسبب الأزمة المالية، لكنها عاودت الارتفاع عام 2010 واستمر هذا الوضع حتى الربع الأخير من عام 2014م، وبدأت الأسعار تنخفض إلى مستوى 60 دولارا، وهو ما يعتبر متغيرا كبيرا أثّر في الأداء العام للاقتصاد السعودي.
النقل العام في الرياض
أشار الدكتور الشيخ إلى حدث اقتصادي آخر هو البدء في تنفيذ مشروع النقل العام، الذي بدأت مراحل تنفيذه خلال عام 2014م، وهو من المشاريع الضخمة التي أعلن عنها خلال عام 2013م ولكن بدأ التنفيذ 2014م.
وذكر أن الإعلان عن إنشاء هيئة عليا لتطوير مشروع النقل العام بالشرقية يعتبر من الأحداث الاقتصادية المهمة التي سينعكس أثرها على الاقتصاد والمواطن خلال السنوات المقبلة كما قال.
وتشكّل شبكة قطار الرياض العمود الفقري لنظام النقل العام في الرياض، حيث جرى اختيار ستة محاور رئيسة بطول إجمالي يبلغ 176 كيلومترا وبمحطات عددها 85 محطة، تغطي معظم المناطق ذات الكثافة السكانية والمنشآت الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية، وترتبط بمطار الملك خالد الدولي ومركز الملك عبدالله المالي والجامعات الكبرى ووسط المدينة ومركز النقل العام.
كما تعتبر شبكة الحافلات الرافد الرئيس لشبكة القطارات في مدينة الرياض، كما أنها تمثل ناقلا رئيسا للركاب ضمن الأحياء وعبر مناطق المدينة.
وتشير الدراسات إلى أن تكلفة تنفيذ مشروع النقل العام في المنطقة الشرقية، والذي سينفذ في حاضرتي الدمام والقطيف، تصل إلى 60 مليار ريال، وينتهي تنفيذه بحلول عام 2021م مستغرقا سبع سنوات.
تطورات سوق العمل
قال الشيخ إن تطورات سوق العمل تعتبر من الأحداث الاقتصادية المهمة التي حدثت خلال عام 2014م، حيث شهد التخلص من أعداد كبيرة من العمالة السائبة وغير النظامية، وتم التركيز على دعم قضايا السعودة، والتوسع في توظيف السعوديين والسعوديات خلال 2014م.
وحدثت قفزة في الأرقام من 2012 إلى 2014 م، بزيادة لا تقل عن 600 ألف وظيفة نسائية، وهذا تطور اقتصادي إيجابي حدث في سوق العمل.
قطاع الإسكان
شهد 2014م اهتماما متزايدا بقطاع الإسكان، حيث قامت وزارة الإسكان بإطلاق البوابة الإلكترونية لبرنامج الدعم السكني "إسكان" لجميع المواطنين في كل مناطق المملكة.
وأتاحت البوابة للمواطنين الذين لا يملكون سكنا عدة خيارات تشمل (الوحدات السكنية) أو (أرض) أو (قرض) أو (أرض وقرض)، ضمن مشاريع الوزارة في عديد من مناطق المملكة.
كما قالت الوزارة في كانون الثاني (يناير) الماضي إنها ستبدا بتسليم مساكن للمواطنين خلال ستة أشهر. كما أطلقت المنصة الإلكترونية لمشروع "إيجار"، لتبدأ المكاتب العقارية بالتسجيل وإدخال الوحدات السكنية المعدة للإيجار حتى يتسنى لها مع باقي الأطراف المرتبطة بالعملية الإيجارية من المستأجرين والملاك والوسطاء العقاريين، الاطلاع عليها والاستفادة من المزايا والخدمات التي يقدمها " إيجار".
وهدفت الوزارة من خلال "إيجار" إلى إيجاد حلول شاملة لقطاع الإسكان الإيجاري وتنظيمه استنادا إلى الدور التنظيمي الذي تقوم به الوزارة، والذي تضمنته الاستراتيجية الوطنية للإسكان، وذلك لإحداث توازن بين العرض والطلب من خلال زيادة الثقة بين أطراف العملية الإيجارية ما ينعكس إيجابا على تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الوحدات السكنية المعدة لغرض الإيجار وبالتالي توفّر مزيدا من الوحدات السكنية المؤجرة وتحقق أسعارا عادلة ومناسبة للمستأجرين. وكانت قد نصت اللائحة التنفيذية للتمويل العقاري على أنه لا يجوز للممول العقاري منح ائتمان بأي صيغة من صيغ التمويل بما يزيد على 70 في المائة من قيمة المسكن محل عقد التمويل العقاري، والحصول على ضمانات ملائمة قبل منح التمويل، إضافة إلى التأكد من قدرة طالبي التمويل على سداد التمويل قبل منحه. وهدف النظام لحفظ حقوق المستفيد فيما يتعلق بكلفة التمويل والإفصاح عنها وإتاحة السداد المبكر، والارتقاء بأسس الحوكمة في الشركات. وتم إصدار تراخيص لشركات ومصارف محلية لممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة التمويل في المملكة.
التمويل الاستهلاكي
أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" ضوابط التمويل الاستهلاكي، التي تضمنت قواعد جديدة من شأنها الارتقاء بمستوى حماية حقوق المستفيد من التمويل الاستهلاكي وتعزيز مبادئ الشفافية والإفصاح بما يمكّن المستفيد من معرفة حقوقه والتزاماته بوضوح، ويسهل عليه المقارنة بين المنتجات التي تقدمها جهات التمويل المرخصة من المؤسسة واختيار الأنسب منها.
ويتوقع أن تحقق الضوابط آثارا إيجابية على مستوى حماية حقوق المستفيد من التمويل الاستهلاكي وتعزيزا لمبادئ الشفافية والإفصاح، إضافة إلى تكوين بيئة تنافسية تسهم في توفير خدمات أفضل بأسعار تنافسية، وبما يلبي احتياجات السوق ويخدم المستفيد في نهاية المطاف. كما شهد عام 2014م السماح للشركات المساهمة المقفلة بالتداول خارج المنصة "سوق ثانوية".
فتح الاستثمار الأجنبي في الأسهم
في تموز (يوليو) تمت الموافقة على فتح سوق الأسهم السعودية للمستثمرين الأجانب، بشرط أن تتم تعاملاتهم عن طريق شركات الوساطة المرخص لها، حيث تحتفظ هذه الشركات بالملكية القانونية للأسهم.
وسيتم السماح للأشخاص المرخص لهم بإبرام اتفاقيات مبادلة مع الأشخاص الأجانب غير المقيمين سواء كانوا مؤسسات مالية أم أفرادا، بهدف نقل المنافع الاقتصادية لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية السعودية "تداول" لأولئك الأشخاص مع احتفاظ الأشخاص المرخص لهم بالملكية القانونية للأسهم وفقا للضوابط والشروط التي أقرتها السوق.
#2#
وهدفت هيئة السوق من وراء ذلك إلى تطوير السوق المالية، وفتح السوق بالكامل للمستثمرين وتنشيط حركة السوق وسيساعد على ضخ مزيد من الأموال ويعزز من الخبرات في مختلف المجالات. وهو ما يفتح آفاقا واعدة أمام سوق تنطوي على فرص هائلة.
وهنا يقول الدكتور سعيد الشيخ إنه من الملاحظ أن تطورات سوق الأسهم كانت متقلبة خلال العام الجاري ولم تكن بإيجابية 2013م نفسها. وأشار إلى أنه خلال الربع الأول من عام 2014م وحتى أيار (مايو) كان هناك صعود في السوق بنحو 17 في المائة، تعزز أيضا بعد إعلان هيئة سوق المال السماح للأجانب بدخول السوق.وفي ظل الأحداث الأخيرة وهبوط أسعار النفط، وتوقعات التباطؤ الاقتصادي العالمي، أدت إلى تراجع مؤشر السوق ربما إلى مستواه نفسه في بداية العام. وقال إن المؤشر لم يحافظ على مكانته التي حققها خلال عام 2013، ورغم أن السوق شهدت خلال هذا العام نحو ستة اكتتابات، ولكن إجمالي قيمة هذه الاكتتابات كان عاليا نظرا لحجم الاكتتاب للبنك الأهلي التجاري، ما جعل ما تم اكتتابه في عام 2014م كبيرا جدا مقارنة بعدد الاكتتابات.
أما الدكتور السلطان فيقول، إن عام 2014م، باستثناء تطورات أسواق النفط، شهد صدور القرار الخاص بالسماح للمستثمرين الأجانب بالدخول في سوق الأسهم، مما يحقق دعما إيجابيا للسوق، ويزيد من الطلب على الأسهم المحلية.
وأشار إلى أن دخول المستثمرين الأجانب السوق يتطلب مستوى أعلى من الشفافية وكفاءة إدارة السوق، بحيث يسهم في تحسين بيئة الاستثمار في السوق، ويحد من التعاملات المشبوهة والمضاربات غير النظامية.
السماح للشركات الأجنبية بتنفيذ المشاريع الحكومية
في عام 2014م فتحت السعودية الباب أمام الشركات الأجنبية المعروفة، بتنفيذ مشاريع حكومية، بعد أن تقوم الجهات المعنية برصد هذه الشركات والتأكد من تصنيفها في بلدانها قبل السماح لها بالعمل داخل السعودية.
وسيكون أمام هذه الشركات الفرصة لدخول مجالات تشمل الطرق، وأعمال المياه والصرف الصحي، وأعمال تنفيذ أنظمة نقل المياه، ومحطات تحلية المياه، والطاقة الكهربائية، والأعمال الفنية الكهربائية، والميكانيكية، والإلكترونية، والصناعية، والبحرية، وتقنية الاتصالات، والصيانة والتشغيل، على أن يتم التحقق من تصنيف هذه الشركات في بلدانها.إلى ذلك، اهتمت السعودية برفع مستوى تنفيذ المشاريع ومراقبتها من خلال ربط وزارة الشؤون البلدية والقروية الأمانات والبلديات بشبكة مراقبة موحدة لمنع تعثر تنفيذ المشاريع. كما شهد العام الحالي صدور قرار مجلس الوزراء بنقل خدمات عمالة عقد المشروع المتعثر (من عمال وفنيين ومشرفين) من المقاول المتعثر إلى المقاول الجديد. هناك كثير من المشاريع المتعثرة التي واجهت مشكلات في عمليات نقل العمالة، وإرباكا في سوق العمل.
التصنيف السيادي
تم رفع التصنيف السيادي للسعودية خلال العام الجاري من قبل وكالة فيتش من AA- إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما عزز الثقة بالاقتصاد السعودي وأبرز قوته الائتمانية المميزة وذلك بفضل تنويع مصادر الدخل، وتسخير السياسة المالية والإنفاق الحكومي لتنفيذ مشاريع البنية الأساسية ومشاريع التنمية كالتعليم والصحة والإسكان والمواصلات.