نمو ضعيف وغير متوازن للاقتصاد العالمي في 2014 .. والحدث الأبرز انهيار النفط

نمو ضعيف وغير متوازن للاقتصاد العالمي في 2014 .. والحدث الأبرز انهيار النفط
نمو ضعيف وغير متوازن للاقتصاد العالمي في 2014 .. والحدث الأبرز انهيار النفط
نمو ضعيف وغير متوازن للاقتصاد العالمي في 2014 .. والحدث الأبرز انهيار النفط

في أواخر عام 2013 أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا بشأن توقعاته الاقتصادية لعام 2014، وصف فيه الاقتصاد العالمي بأنه سيشهد عاما انتقاليا. جردة حساب أداء العام المنصرم لا تذهب بأي حال من الأحوال بعيدا عن توقعات الصندوق، فقد أخفق الاقتصاد العالمي في الخروج من أزمته الاقتصادية التي ضربته أواخر عام 2008، وبدت المحصلة النهائية لعام 2014 مزيجا من خيبة أمل وإحباطات لدى كثيرين وتقدما إيجابيا طفيفا لدى البعض، لكن دون أن يعوض التراجع الحادث في العديد من الاقتصادات الدولية.

الصورة النهائية أصبحت ذات تعاف ضعيف وغير متوازن، مع إخفاق في جهود تحسين أوضاع المالية العامة والحسابات الخارجية، وتزايد الدعوات لمزيد من الانضباط المالي وخاصة في مجال الإنفاق الحكومي، وتبني إصلاحات هيكلية عميقة. ترجم هذا خفض تنبؤات نمو الاقتصاد العالمي إلى ما يراوح بين 3.2 و3.3 في المائة في عام 2014.

انهيار أسعار النفط الحدث الأبرز

لا شك أن انهيار أسعار النفط وتراجعها إلى نحو 60 دولارا للبرميل، وسط احتمالات بمزيد من الانخفاض، لربما كان الحدث الاقتصادي الأبرز للعام المنصرم. لكن قصة أسعار البترول وخسارته 40 في المائة من قيمته مقارنة بما وصلت إليه الأسعار في حزيران (يونيو) الماضي، تبدو أكثر تعقيدا وتأثيرا في الوضع الاقتصادي العالمي مما هي عليه للوهلة الأولى.
الدكتور سام رو الخبير الاقتصادي الدولي وأستاذ الاستراتيجية في جامعة مانشستر يعتبر أن انخفاض أسعار النفط وتراجع معدلات نمو الاقتصاد الصيني ليس فقط أبرز الأحداث الاقتصادية لعام 2014، وإنما الأكثر تأثيرا في آفاق النمو أيضا في العام المقبل.

وقال لـ "الاقتصادية": قد يبدو انخفاض أسعار النفط أمرا مؤثرا اقتصاديا ليس فقط في المنتجين بل في الاقتصاد العالمي ككل.

وأضاف "إذا كان صندوق النقد الدولي قد رحب بتراجع الأسعار من منطلق أن الانخفاض يساهم في دعم الاقتصاد العالمي بما يراوح بين 0.3 و0.8 في المائة، فإني أعتقد أن أسباب تراجعه هذه المرة عوامل اقتصادية محضة لا علاقة لها بالتطورات السياسية في الشرق الأوسط".

وذكر رو أن "الحلول يجب أن تكون اقتصادية أيضا وليست سياسية، أي ترك الأمر للعرض والطلب وليس لقرارات تحكمية من «أوبك»، لذلك يعد قرار وزير النفط السعودي بشأن عدم خفض الإنتاج قرارا حكيما، لأنه يترك تحديد الأسعار لآليات السوق وليس لقرارات أوبك البيروقراطية".

#2#

وأكد أن انخفاض الأسعار لم يكن "بسبب سيطرة تنظيم داعش على أجزاء من العراق وسورية، كما لم تتراجع لعدم الاستقرار في ليبيا، أو بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، مضيفا "انخفضت الأسعار ببساطة لزيادة المعروض عن الطلب، والطلب متراجع من جراء انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في الصين، والركود التضخمي في اليابان، والوضع الاقتصادي المضطرب في الاتحاد الأوروبي خاصة منطقة اليورو". بطبيعة الحال حدد النفط، سواء مع ارتفاع أسعاره في النصف الأول من العام أو تراجعها بدءا من حزيران (يونيو) الماضي، الوضع الاقتصادي ليس فقط لدى البلدان العربية المنتجة للبترول وإنما لمجمل اقتصاد الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من عدم صدور البيانات الاقتصادية النهائية للمنطقة لهذا العام بعد، فإن آخر بيانات متاحة والتي تغطي حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر) تشير وفقا لصندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو في البلدان العربية المصدرة للنفط لن يزيد على 2.5 في المائة جراء الأوضاع المتدهورة في العراق وليبيا.
إلا أن بلدان مجلس التعاون الخليجي ستكون في وضعية أفضل بمعدل نمو قدره 4.5 في المائة في عامي 2014 و2015.

ويقدر صندوق النقد معدل التضخم في بلدان مجلس التعاون الخليجي بنحو 3 في المائة نتيجة لربط أسعار الصرف بسلة من العملات، وانخفاض معدلات التضخم على المستوى العالمي، وتوظيف أعداد وفيرة من العمالة المهاجرة في قطاع السلع غير التجارية.
وسيحافظ مجلس التعاون الخليجي على وضعه الحالي باعتباره وجهة آمنة نسبيا لرأس المال أثناء فترات تقلب أسواق المال العالمية.

على النقيض من بلدان مجلس التعاون الخليجي فإن استمرار التوترات الاجتماعية والسياسية والأمنية في البلدان العربية غير النفطية خلال العام المنصرم، وارتفاع مستويات الدين العام، وترافق ذلك مع معوقات هيكلية عميقة الجذور، مثلت بوتقة من العوامل المركبة التي حدت من إمكانية إحداث زخم اقتصادي ملموس، مما يجعل توقعات النمو لدى هذه البلدان في أفضل تقدير عند حدود 3 في المائة هذا العام و4 في المائة العام المقبل.
وتكشف جردة حساب الأداء الاقتصادي في البلدان العربية غير النفطية خلال عام 2014 عن توجهات حكومية في بعض الأقطار العربية لخفض الدعم الذي يفتقر إلى الكفاءة، مع العمل على إعادة توجيهه لدعم النمو عبر شبكات الضمان الاجتماعي.

ومع هذا فإن عدم اليقين الناجم عن غياب الاستقرار السياسي ثبط من عزيمة الاستثمار الخاص، خاصة أن عام 2014 كشف حالة الضعف الهيكلي والمؤسسي ومخاطر الائتمان الموجودة لدى البلدان العربية غير النفطية، إضافة إلى وجود مشاكل هيكلية تعيق عملية التنمية كانقطاع إمدادات الكهرباء في مصر ولبنان.
وسيكون من الضروري أن تحقق البلدان العربية غير المصدرة للنفط معدل نمو 8 في المائة في الأجل المتوسط إذا أرادت تضييق الفجوة في المستويات المعيشية إلى النصف بينها وبين البلدان العربية المصدرة للنفط.

تدهور الاقتصاد الروسي

النفط ومشاكله لم تنحصر تداعياته في الشرق الأوسط، إذ تجلت بشكل ملحوظ في الوضع المتدهور للاقتصاد الروسي وتحديدا الروبل الذي خسر نحو 50-45 في المائة من قيمته أمام الدولار.
تراجع الأسعار والعقوبات الأمريكية والأوروبية على موسكو أدى مجتمعا إلى انخفاض تنبؤات النمو الاقتصادي لروسيا من 0.8 في المائة إلى 0.4 في المائة. ومع هذا فإن المشكلة الاقتصادية الروسية لا تبدو في نظر البعض قضية يمكن حصرها في حدود روسيا الجغرافية.
وقال لـ "الاقتصادية" الباحث الاقتصادي والخبير في الاقتصاد الروسي آرثر ألن "الاقتصاد الروسي مرتبط بمحورين اقتصاديين خارجيين شديدي الأهمية، المحور الآسيوي والمحور الأوروبي".
وأضاف ألن "تراجع الاقتصاد الروسي سيؤدي إلى إضعاف المنظومة التجارية لجميع بلدان آسيا الوسطى التي ترتبط بروسيا بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، إذ ستتقلص الصادرات والواردات بين الطرفين جراء تراجع نمو الاقتصاد الروسي الذي يمثل قاطرة لجذب اقتصادات تلك البلدان، كما ستنخفض أعداد العمالة الآسيوية المتدفقة على الاقتصاد الروسي وهي تمثل مصدرا للعملة الصعبة لاقتصادات وسط آسيا".

#3#

وعلى صعيد التقارب الاقتصادي بين روسيا والصين قال " من المرجح أن تدفع العقوبات الأوروبية موسكو للتقارب من بكين. هذا لن يظهر أثره الاقتصادي في 2014 أو حتى العامين المقبلين لكن بحلول عام 2020 فإن العلاقات الاقتصادية القوية بين موسكو وبكين خاصة في مجال الطاقة يمكن أن تمثل تحديا حقيقيا للغرب".
أما بشأن المحور الروسي - الأوروبي فالعقوبات أضرت بالاقتصاد الألماني واقتصادات عدد آخر من البلدان الأوروبية التي تعتمد على الأسواق الروسية كما قال ألن.
وقال "ربما لا يكون تأثير الضرر موازيا لما أصاب موسكو من خسائر، لكن يجب أن نأخذ في الحسبان أن أداء الاقتصاد الألماني هذا العام، لم يكن جيدا ومن ثم خسائره نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا تركت بصمات سلبية عليه أيضا".

النمو الصيني يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي

ومع هذا فإن الأزمة الروسية، مهما اتسع نطاقها، فإن تأثيرها العالمي لا يقارن بأحد أهم الأحداث الاقتصادية في عام 2014، وهو تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني لأدنى مستوى خلال 24 عاما تقريبا.
فالحكومة الصينية كانت تستهدف تحقيق معدل نمو يبلغ نحو 7.5 في المائة لكن من غير المأمول أن تفلح في تحقيق هذا المعدل في ظل عدم تجاوز معدل النمو التجاري 3.5 في المائة.

ويعتقد العديد من المسؤولين الصينين والخبراء الاقتصاديين أن عام 2014 كان عاما مؤلما للاقتصاد الصيني. وقد أثار الوضع الاقتصادي للصين هذا العام مخاوف المسؤولين الصينيين من أن يدخل الاقتصاد الوطني دائرة "المرحلة الانتقالية" دون أن يكون قادرا على الخروج منها.
فالصين الساعية إلى التحول من مرحلة الاقتصاد الصناعي إلى مرحلة ما بعد الاقتصاد الصناعي بدت عاجزة هذا العام عن تحقيق ما ترمي اليه، فالسوق الداخلية فشلت في دعم معدلات النمو العالية المرجوة، وتواكب هذا الفشل الداخلي مع إخفاق الاقتصاد الدولي في مساعدة الصين على تحقيق معدلات النمو المرتفعة المطلوبة جراء الوضع الاقتصادي السلبي في الاتحاد الأوروبي وتحديدا منطقة اليورو.

وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور مارتن جونسون أستاذ الاقتصاد الكلي "انخفاض معدل النمو الصيني يمكن أن يؤثر في الاقتصاد العالمي من زاويتين. أولا صادرات العالم للصين يمكن أن تتراجع، وهذا سيؤثر في اقتصاد ألمانيا وبالطبع أوروبا، كما سيؤثر في أستراليا لأنها من أكبر مصدري المواد الخام للصين".

والجانب الثاني وهو أكثر خطورة ويتمثل في أن تقوم الصين بتصدير الانكماش الاقتصادي لديها إلى العالمي الخارجي. فتراجع معدلات النمو سيدفعها إلى خفض أسعار صادراتها، لكسب مزيد من الأسواق.

وستؤدي هذه الخطوة إلى إغراق الأسواق الأمريكية والأوروبية والشرق الأوسط بسلع صينية رخيصة، وهذا سيؤدي حتما إلى انخفاض معدلات التضخم في منطقة اليورو، ويعزز ذلك إمكانية إصابة أوروبا بالركود.
الأداء الاقتصادي السيئ في القارة الآسيوية لم يكن حصرا على الصين خلال هذا العام. فالاقتصاد الياباني يواجه أزمة ركود حادة وسط توقعات بانكماش اقتصادي يبلغ 0.5 في المائة لعام 2014، ولم يكن أمام الحكومة غير المصادقة على حزمة دعم اقتصادي تبلغ نحو 29.06 مليار دولار للنهوض بالاقتصاد.

شيخوخة الاقتصاد الياباني

ومع هذا فإن التشاؤم لا يزال سيد الموقف في اليابان، إلا أن مشكلة الاقتصاد الياباني في نظر بعض الخبراء لن تتوقف عند حدود عام 2014، وإن الوضع سيظل سيئا خلال العام وربما الأعوام المقبلة، وسط شكوك في قدرة اليابان على الخروج من أزمتها عبر حلول اقتصادية فقط، بل إنها في أمسّ الحاجة إلى إحداث تغييرات في هيكلها الديمغرافي.
الدكتورة أنجولا فليتشر أستاذ مادة الموارد البشرية في مدرسة لندن للأعمال، تعتقد أن الخلل السكاني الراهن في بلاد الشمس المشرقة، هو السبب الأساسي وراء مشكلتها الاقتصادية هذا العام والأعوام السابقة والمقبلة أيضا.
وقالت لـ "الاقتصادية" "الشيخوخة السكانية هي السبب الأساسي وراء مشكلة اليابان الاقتصادية، فمعدل العمر المتوقع في اليابان 83 سنة وهو من أعلى المعدلات في العالم، ومنذ أن بلغ عدد السكان 128 مليون نسمة عام 2010، فإن عدد السكان تقلص خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا يعني أن قوة العمل وهي الفترة العمرية بين 15 - 65 عاما ستنخفض من 79 مليون نسمة الآن إلى 52 مليون نسمة بحلول عام 2050".
وتضيف "اليابان يعاني مشاكل اقتصادية منذ سنوات وستتفاقم في المستقبل".

الاقتصادات الناشئة ليست في وضع أفضل

مع الأزمة الاقتصادية المستفحلة في روسيا وتراجع معدلات صرف الروبل إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، وإخفاق الصين في تحقيق معدلات النمو المستهدفة، وتراجع أسعار النفط من 115 دولارا للبرميل في حزيران (يونيو) الماضي إلى نحو 60 دولارا الآن، فإن أداء الاقتصادات الناشئة لم يكن إيجابيا أيضا.
ولكن في حقيقة الإمر فإن الوضع الاقتصادي للأسواق الناشئة خلال عام 2014 تأثر بعامل رئيسي نتيجة ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، فجزء كبير مما يمكن أن نطلق عليه "المعجزة الاقتصادية" للأسواق الصاعدة، كان مرجعه انخفاض قيمة الدولار الأمريكي نتيجة سياسة التحفيز الكمي التي كانت تترجم عمليا في صب المجلس الفيدرالي الأمريكي 85 مليار دولار شهريا في الاقتصاد العالمي.

وقال لـ "الاقتصادية" المختص الاقتصادي مارك فابر "الاقتصادات الناشئة تمثل الآن نصف الاقتصاد العالمي، وسياسة التحفيز الكمي الأمريكية مثلت في حقيقتها نوعا من الديون للشركات وليس للحكومات، وهذه السياسة هي ما سمح ببقاء الأسواق الناشئة حية منذ الأزمة الكبرى عام 2008، وقدمت لهم قبلة الحياة".

وأضاف "الآن مع اتجاه واشنطن لإلغاء سياسة التحفيز الكمي، وارتفاع قيمة الدولار فإن الأداء السيئ للأسواق الناشئة برز على السطح، وأعتقد أنها ستكون في خطر العام المقبل".
إلا أن هذه النظرة السلبية لأداء الاقتصادات الناشئة خلال العام المنصرم، تواجه بالرفض من بعض الاقتصاديين الذين يعتقدون أن الاقتصادات الناشئة لا تتحرك في اتجاه واحد، ولا تتأثر بذات العوامل الاقتصادية بنفس الدرجة أو الاتجاه، ويضربون بانخفاض أسعار النفط مثلا لذلك.
ويؤكدون أن الأسواق الصاعدة تعمل جاهدة على التكيف مع معدلات النمو الاقتصادي التي انخفضت عما كانت عليه في فترة الرواج السابق للأزمة الاقتصادية.
وسط هذه النكسات التي شهدها عام 2014 تعد أمريكا قصة نجاح بارز عام 2014. فإلى حد كبير أفلحت في إصلاح مكينتها الاقتصادية، فالاقتصاد استطاع إضافة 3 ملايين فرصة عمل وهي الأعلى منذ 15 عاما، والبورصة حققت أرقاما مرتفعة، ومعدل التضخم لم يتجاوز 2 في المائة.

وقد شجع هذا الأداء الاحتياطي الفيدرالي على المضي قدما بإلغاء تدريجي لسياسة التحفيز الكمي، وسط توقعات برفع معدل الفائدة العام المقبل، ويتوقع أن يبلغ معدل النمو الإجمالي للاقتصاد الأمريكي هذا العام أكثر من 2.5 في المائة وهي نسبة أعلى من أي توقعات اقتصادية.
الا أن النجاح الاقتصادي الأمريكي خلال عام 2014، لم يمنح واشنطن القدرة على أن تكون قاطرة تجذب الاقتصاد العالمي. لكنه بلا شك أدى دورا مهما في منع المنظومة الاقتصادية العالمية من التدهور.

التقشف الأوروبي يضعف الطلب

ويبقى أداء بلدان منطقة اليورو مثار جدل اقتصادي خلال العام المنصرم. فالبيانات المتاحة تشير إلى توسع في القطاع الخاص، وذلك على الرغم من ضعف الأداء الاقتصادي لكل من ألمانيا وفرنسا، اللتين تمثلان القلب النابض اقتصاديا لمنطقة اليورو.

وقد خفض البنك المركزي الأوروبي توقعاته بشأن معدل النمو من 0.9 في المائة إلى 0.8 في المائة خلال هذا العام، وسط توقعات بألا تزيد نسبة النمو خلال العام المقبل على 1 في المائة.
ويعتقد بعض الخبراء أن السياسات التقشفية التي تتبناها ألمانيا وتفرضها على باقي بلدان الاتحاد قد لعبت دورا رئيسيا في إضعاف الطلب الكلي، وعدم تحفيز الاستهلاك الداخلي، ما أدى إلى تحقيق معدلات نمو منخفضة، وخاصة في ظل انخفاض الطلب الصيني على المعدات الصناعية من ألمانيا، وتراجع الصادرات الأوروبية إلى روسيا نتيجة العقوبات.

ومع هذا يتوقع المختصون أوضاعا اقتصادية أفضل لأوروبا خلال العام المقبل. إذ من المرجح أن يزيد الطلب على الصادرات الأوروبية من 3.4 في المائة خلال عام 2014 إلى 3.7 في المائة خلال عام 2015 وإلى 4 في المائة في المتوسط بين 2016 و 2018.

ويدعو بعض العاملين في القطاع المالي الأوروبي إلى عملية إصلاح هيكلي واسعة النطاق، وذلك في ظل المخاوف من إمكانية تعرض الاقتصاد الأوروبي لهزة قوية في ضوء أن ثماني دول من بلدان منطقة اليورو يمثل فيها الدين العام 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وستا أخرى تتجاوز ديونها 100 في المائة من الناتج المحلي، وهو ما يجعل الحيز المتاح للحكومات لاستخدام السياسات المالية لإنعاش الاقتصاد محدودة للغاية.
الاقتصاد البريطاني قصة لا تختلف كثيرا عن باقي بلدان الاتحاد الأوروبي، فعلى الرغم من أن المملكة المتحدة لا تعد أحد بلدان اليورو، إلا أن أداءها الاقتصادي لم يختلف كثيرا عن بلدان اليورو، وإن كان أفضل نسبيا.

فقبل أن يختتم العام كانت بريطانيا تحتل المرتبة الخامسة في الاقتصاد العالمي لتتفوق بذلك على فرنسا، وسط توقعات أن تتجاوز ألمانيا بحلول عام 2030.
ومع هذا فإن هذه الخطوة لم تفلح في تحقيق طموح وزير المالية جورج أوزبورن بإنجاز معدل نمو 3 في المائة، ومن ثم ذهبت تصريحاته السابقة بأن الاقتصاد البريطاني "هو الأسرع نموا مقارنة بأي اقتصاد متقدم آخر في العالم" أدراج الرياح، وفتحت عليه نيران المعارضة، التي اعتبرت أن سياسته التقشفية المستوحاة من النموذج الألماني لم تحقق المراد في ظل عجز في الحساب الجاري بلغ 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
بالنسبة للقارة الإفريقية فإن عام 2014 حمل في بدايته العديد من الآمال والتوقعات الإيجابية. وإذ نجحت العديد من البلدان الإفريقية في تعبئة مواردها والقيام بمشروعات قومية ضخمة، إلا أن مجموعة من العوامل أبرزها تفشي مرض الإيبولا وانخفاض أسعار النفط مثلت صدمة انعكست بشدة على الأداء الاقتصادي للقارة السمراء. ويتوقع البعض أن تمتد آثار هذه العوامل إلى العام المقبل، يضاف إلى ذلك عقد الانتخابات الرئاسية في عدد من بلدان القارة خلال عام 2015 وهو ما يدفع بالكثير من المستثمرين إلى التريث لما بعد إعلان النتيجة واستقرار الأوضاع.

ربما تكون العديد من بلدان أمريكا اللاتينية هي الأكثر سعادة بانتهاء عام 2014، فالأداء الاقتصادي لمعظم بلدان القارة كان الأسوأ منذ سنوات، فبعد معدل نمو بلغ 6.4 في المائة عام 2010 انخفض معدل النمو في عام 2014 إلى 1 في المائة فقط.
وتظل البرازيل هي حجر الزاوية لاقتصاد بلدان أمريكا اللاتينية، إذ تدخل ضمن أكبر عشر اقتصادات على مستوى العالم.

وإذا كانت مجموعة من العوامل المركبة قد أسهمت في الأداء الاقتصادي السيئ لأمريكا اللاتينية هذا العام، فمن المؤكد أن أبرزها هو تراجع معدل النمو في الصين، المستورد الرئيسي للعديد من المواد الخام التي تنتجها القارة. وتواكب تراجع صادرات المواد الخام للصين مع انخفاض في أسعار المواد الخام ذاتها، وقدرت الأمم المتحدة الانخفاض في أسعار المواد الخام خلال عام 2014 بما يقرب من 10.5 في المائة.

وعلى الرغم من أن بعض البلدان الصغيرة في أمريكا اللاتينية مثل بنما وجمهورية الدومنيكان حققتا معدل نمو بلغ 6 في المائة، إلا أن صغر حجم اقتصادهما لم يؤثر كثيرا في الاتجاه العام السلبي للنمو الاقتصادي في القارة، وسط حالة من التشاؤم بأن الوضع لن يكون أفضل العام المقبل.

الأكثر قراءة