تراجع النفط يعزز فرص الاستثمار فى أسهم شركات الطاقة
أكد محللون نفطيون لـ"الاقتصادية"، أن انتعاش أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2015، مرهون بتباطؤ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وتقليص تخمة الإمدادات في السوق التي زادت حدة الصراع بين المنتجين للحفاظ على الحصص السوقية.
وتوقعوا أن تشهد أسهم شركات النفط والطاقة ارتفاعا في الأسواق العالمية نتيجة انخفاض أسعارها الحالية، ما يجعلها فرصا استثمارية ناجحة.
وطالب محللون نفطيون الدول المنتجة للنفط الخام بإجراءات أكثر مرونة وفاعلية لمواجهة أزمة تراجع الأسعار، التي اعتبرها البعض قد وصلت إلى مرحلة الخطر لبعض الدول وتسببت في نسب عجز ميزانيات هذه الدول، مؤكدين أنه لا بديل عن ضبط الإنفاق العام وتبني خطط تقشفية في الدول التي تعاني أزمات كبيرة، خاصة روسيا وإيران وفنزويلا.
يذكر أن أسعار النفط في نهاية عام 2014 اختتمت عند مستويات منخفضة قياسية في خمس سنوات ونصف، حيث راوح سعر خام برنت عند مستوى 57 دولارا للبرميل، كما وصل سعر الخام الأمريكي إلى مستوى قريب من 53 دولارا للبرميل.
وقال الدكتور إبراهيم عزت رجل الأعمال لـ"الاقتصادية"، إن استخدام الفوائض المالية والاحتياطات لمواجهة هذه الأزمة أمر منطقي ويعكس قوة اقتصاديات الخليج وعلى رأسها السعودية ولكن يجب أن تكون هناك آليات أخرى لمواجهة الأزمة إذا استمرت لفترة طويلة وأظن أن أنسبها تنويع الموارد الاقتصادية وزيادة الاعتماد على البتروكيماويات والمنتجات النفطية.
وأشار عزت إلى أهمية التصريحات المطمئنة التي صدرت عن شركة أرامكو التي تؤكد أن خطط الشركة بعيدة المدى لن تتأثر بهبوط أسعار النفط، وأن أرامكو تمكنت من تحقيق إنجازات قياسية في 2014، من بينها إنتاج نحو ثمانية مليارات قدم مكعبة يوميا من الغاز، ووصول إنتاج النفط والغاز المشتركين إلى مستوى قياسي إضافة إلى اكتمال بعض المشاريع التي تعمل عليها الشركة، مثل وصول مصفاة ساتورب في الجبيل إلى كامل طاقتها التشغيلية.
وقال إن انخفاض الأسعار ليس أمراً كامل السوء بل هناك جوانب ايجابية للأمر يمكن الاستفادة منها، وأبرزها انخفاض تكلفة المشاريع الجديدة وفرص الاستثمار في أسهم شركات النفط والطاقة وهو ما أكدت عليه أرامكو في بيانها بأن هناك فرصا لتنفيذ المشاريع بتكاليف أقل، لأن تأجيل الاستثمارات من قبل الآخرين قد يدفع الموردين ومقدمي الخدمات إلى تخفيض أسعارهم.
وأشار عزت إلى أن حالة وفرة المعروض ستستمر أيضا لبعض الوقت ويجب التعامل معها كواقع جديد ومستمر لأجل طويل في السوق وهو ما انعكس في بعض الأمور منها ما ذكرته وكالة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوى للمخزونات منذ حزيران (يونيو) الماضي كما تخطط روسيا إلى زيادة إنتاجها خلال عام 2015 وفقا لما ذكره ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي من أن بلاده لن تخفض إنتاجها من النفط خلال العام المقبل.
وفى الإطار نفسه، تشير أحدث بيانات منظمة أوبك إلى أن الدول الأعضاء ضخت 30.24 مليون برميل يوميا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي في سابع شهر على التوالي وهو أعلي من مستهدف الإنتاج المعروف والبالغ 30 مليون برميل.
وأشارت ين بيتش المحللة الفيتنامية لـ"الاقتصادية"، إلى أن أسواق المال العربية والخليجية عانت على مدى الأسابيع الماضية من تأثيرات سلبية من جراء تداعيات التراجع الحاد لأسعار النفط الخام وهو ما أدى بدوره إلى تنامي القلق والمخاوف خاصة بين صغار ومتوسطي المستثمرين.
وشددت المحللة الفيتنامية على أهمية عودة الثقة في أسواق المال من خلال بث الحقائق والبيانات التي توضح ظروف السوق العالمي ووضع المنتجين والمستهلكين وفرص التحسن المتوقعة للأسعار على المدى القريب، لافتة إلى أن تقريرا اقتصاديا أكد أن السوق وقع تحت تأثير عودة عمليات البيع العشوائية في خلفية استمرار انعكاس أزمة تراجع أسعار النفط بشكل سلبي على نفسية المتداولين الذين اندفعوا نحو عمليات البيع التي شملت معظم الأسهم التي تم تداولها.
ونبهت بيتش إلى أهمية علاج أزمة تراجع الطلب العالمي على النفط بشدة خلال عام 2014 في ظل عديد من المؤشرات على تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي حيث إنه من المعروف أنه معدل النمو الاقتصادي في الصين "ثاني أكبر مستهلك للنفط بالعالم" تباطأ خلال النصف الثاني، وكذلك في اليابان "ثالث أكبر مستهلك للنفط بالعالم" حيث دخل الاقتصاد الياباني في ركود خلال الربعين الثاني والثالث بالتزامن مع تعثر الاقتصاد في منطقة اليورو المتخمة بالمشكلات السياسية والديون المالية.
من جهتها، تقول بيتيا إيشيفا المحللة الاقتصادية البلغارية لـ"الاقتصادية"، إن تأثير إنتاج النفط الصخري كان واسعا على السوق العالمي وهو نتاج دراسات واستثمارات ضخمة في الولايات المتحدة لإعادة صياغة وضع الطاقة التقليدية في العالم.
وأشارت إلى أن النفط الصخري في بداية إنتاجه كان ينظر إليه كعامل مهم في استقرار السوق وقد رحب به عديد من الدول، إلا أن ارتفاع إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية أدى إلى انحسار تقلبات أسعار النفط وساهم في الحفاظ على خام برنت في نطاق تراوح بين 100 و110 دولارات للبرميل في النصف الأول من عام 2014.
وذكرت إيشيفا أن عديدا من الدول المنتجة وقتها اعتبرت ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي يسهم في تحقيق استقرار أسعار الخام، لكننا يجب أن ندرك كثيرا من الحقائق وعلى رأسها أن تكلفة إنتاج النفط الصخري تظل أعلى بكثير من تكلفة إنتاج خام الشرق الأوسط ومن ثم قدرته عل المنافسة والاستمرار فيها في ضوء الأسعار المتدنية تكون ضعيفة ومحدودة وربما ينسحب من السوق بعد فترة قصيرة.
وأوضحت المحللة البلغارية أنه نتيجة لوفرة المعروض العالمي في المرحلة الراهنة في مقابل ضعف الطلب، فقد تحول سوق النفط إلى التنافس والصراع الشديد بين كبار منتجي النفط للحفاظ على حصصهم السوقية دون النظر إلى مستويات الأسعار التي أخذت في التراجع على نحو حاد.
ولفتت إيشيفا إلى أهمية متابعة ودراسة التغير في المعروض العالمي من النفط ومصادره من أجل الوصول إلى حالة التوازن وضبط أداء السوق مشيرة إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية بارتفاع الإمدادات النفطية من خارج "أوبك" من 62.7 مليون برميل يومياً في عام 2014، إلى 64.2 مليون برميل يومياً في عام 2015، أي زيادة مقدارها 1.5 مليون برميل يومياً.