مختصون لـ "الاقتصادية": هبوط النفط سيستمر لأسابيع .. ومرشح للاستقرار عند 40 دولارا

مختصون لـ "الاقتصادية": هبوط النفط سيستمر لأسابيع .. ومرشح للاستقرار عند 40 دولارا

توقع مختصون نفطيون أن تستمر أسعار الخام في اتجاه الهبوط خلال الأسابيع القليلة المقبلة، قبل أن تستقر عند 40 دولارا للبرميل.
يأتي ذلك في وقت بدأت فيه شركات النفط والغاز الأمريكية تخفض خططها للإنفاق الرأسمالي في عام 2015 وسط مصاعب تواجه صناعة الزيت الصخري تعرقل مشاريعها التوسعية، نتيجة ضعف أسعار النفط التقليدي في الأسواق.
وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور كريستوف لايتل رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية، "إن الاستثمارات في القطاع النفطي بشكل عام تواجه أزمة كبيرة ولا بد من تقييم تلك المشاريع لتعيد حساباتها حتى تستمر في جدواها الاقتصادية، مشيرا إلى تقرير صدر عن بنك باركليز أظهر أن شركات النفط والغاز قد تخفض الإنفاق على أنشطة التنقيب والإنتاج في أمريكا الشمالية بنسبة 30 في المائة أو أكثر في العام الحالي إذا ظلت أسعار الخام الأمريكي في نطاق 60-50 دولارا للبرميل.
وأضاف لايتل لـ "الاقتصادية"، أن "مراجعة الخطط الاستثمارية أصبحت توجهاً أساسياً لكل الشركات النفطية مع اتجاه واسع لتقليص النفقات، وربما العمالة أيضا"، لافتاً إلى أن تقرير بنك باركليز أكد أن الإنفاق في أمريكا الشمالية سينخفض 14.1 في المائة في حين سينخفض الإنفاق العالمي 6.7 في المائة.
وأوضح رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية أن بوادر الانكماش الاستثماري بدأت تتضح بشكل كبير في عديد من الدول المنتجة، وقد أعد عديد من الشركات الأمريكية بالفعل ميزانيات أصغر بكثير للعام الحالي بل وقلص بعضها عدد منصات الحفر التي تستخدمها نظرا لكون الحفر في عدد من حقول النفط الصخري بات غير ذي جدوى اقتصادية بالأسعار الحالية.
وأوضح لايتل أن تداعيات الأزمة ستطال الشركات الأمريكية في الأساس وإنتاج النفط الصخري نظرا للارتفاع الكبير في تكلفة الإنتاج وحداثة تجربته مقارنة بإنتاج النفط التقليدي في الشرق الأوسط الذى يتسم بانخفاض تكلفة الإنتاج، ما يشير إلى أن تلك المنطقة من العالم ستحتفظ نسبيا بقوتها الإنتاجية والاستثمارية في السوق.
ويقول إيجور ياكوفلف المحلل الروسي لـ "الاقتصادية"، "إن وقع الأزمة كبير على الاقتصاد الروسي ولكن موسكو لديها آليات جيدة للتعامل مع الأزمة ومنها تخفيض الإنفاق والتوسع في تسويق المنتجات النفطية وغيرها من الآليات المهمة"، مشيرا إلى أن تخفيض مؤسسة فيتش التصنيف الائتماني لروسيا إلى «- بي بي بي» مع توقعات سلبية يجيء في إطار الانخفاض الحاد في أسعار النفط والروبل، ولكن موسكو قادرة على استعادة التوازن خاصة في ضوء توقعات باستعادة أسعار النفط لمستويات جيدة في منتصف العام الجاري.
وأكد ياكوفلف أن توقعات مؤسسة التصنيف الائتماني بانكماش الاقتصاد الروسي 4 في المائة خلال عام 2015 يتطلب الإسراع في الاستعانة بخطط اقتصادية بديلة وتخفيض الإنفاق العام والعمل بشكل جدي على تنويع الموارد وتحسين المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح المحلل الروسي أن وقع الأزمة يطال كل المنتجين الكبار بدرجات متفاوتة وهو اختبار لصلابة اقتصاديات هذه الدول وقدرتها على إدارة الأزمات، مشيرا إلى تقرير صدر عن شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية يؤكد أن عدد منصات الحفر الباحثة عن النفط في الولايات المتحدة انخفض بواقع 61 للأسبوع الخامس على التوالي في مواجهة تهاوي سعر الخام، وهو ما يعد أكبر انخفاض خلال 24 عاما، في الوقت الذي تخفض فيه الشركات عدد المنصات النفطية.
ووصف ياكوفلف الهبوط الحاد لأسعار النفط بنسبة نحو 55 في المائة منذ الصيف الماضي بالتجربة الفريدة التي تواجه المنتجين والاقتصاد العالمي بشكل عام وتتداخل فيها عوامل اقتصادية وسياسية وهو ما دفع كثيرا من شركات النفط والغاز العالمية إلى خفض خططها للإنفاق الرأسمالي في العام الجاري.
وشدد ياكوفلف على أهمية التوسع في الاعتماد على الطاقات البديلة كحل أساسي لتقليل تبعات انهيار أسعار النفط الخام، موضحا أن تقارير اقتصادية رصدت زيادة عدد المنصات الباحثة عن الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
وذكرت بيانات لشركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أن عدد المنصات النفطية انخفض إلى 1421 في أسبوع حتى اليوم التاسع من كانون الثاني (يناير) وهو أدنى مستوى منذ شباط (فبراير) المقبل.
وانخفض عدد المنصات النفطية في عشرة من بين الأسابيع الثلاثة عشر الأخيرة منذ بلغ مستوى قياسيا 1609 منصات. ورغم الانخفاض الأخير في عدد المنصات لا يزال العدد أعلى مقارنة بنظيره في الفترة نفسها من العام الماضي عندما بلغ 1393 منصة. من جهتها، تقول أمريتا إنج المحللة السنغافورية لـ "الاقتصادية"، "إن التنسيق والتشاور المستمر بين كبار المنتجين أصبح ضرورة ملحة في الوقت الراهن مقارنة بأي وقت سابق"، مشيرة إلى أنه في هذا الإطار يمكن أن نفسر زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قبل يومين إلى طهران لبحث التنسيق لمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط. وأوضحت إنج أن إيران وفنزويلا العضوان المهمان في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" تعانيان معا تدهور أسعار النفط حاليا لمستويات قياسية دون الـ 50 دولارا للبرميل وهو ما يهدد اقتصادات الدولتين اللتين تعتمدان بشكل أساسي على تصدير النفط الخام.
وأشارت إنج إلى أن السوق تعاني حالياً حالة التحدي والعناد بين المنتجين لأن "أوبك"، ترفض نهائيا التفكير في خفض الإنتاج وتحمل المنتجين خارج "أوبك" المسؤولية عن تخمة المعروض وتنتظر منهم المبادرة بالتخفيض وتؤكد أنها لن تخفض الإنتاج بمفردها، وتحمل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة المسؤولية عن تخمة المعروض في السوق.
ونبهت المحللة السنغافورية إلى تقارير تؤكد ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة النفطي من نحو خمسة ملايين برميل يوميا إلى ما يزيد على تسعة ملايين برميل يوميا على مدى السنوات الست الماضية، مسجلا مستوى قياسيا مرتفعا في نحو 30 عاما مدعوما بإنتاج النفط الصخري.
وذكرت إنج أن إحصائيات تتوقع تراجع الإنفاق الرأسمالي العالمي على تنقيب وإنتاج النفط مع تواصل هبوط أسعاره واتجاه الشركات نحو خفض النفقات لتدني العوائد، موضحة أن الإحصائيات تشير إلى أن الإنفاق العالمي سيتراجع 17 في المائة إلى 571 مليار دولار خلال عام 2015، وذلك بعد إجراء دراسات على 476 شركة تعمل في مجال النفط والغاز.
وكانت سلة خام "أوبك" قد شهدت سلسلة من الانخفاضات المتتالية منذ بدء العام الجديد لتهبط من 51.84 دولار للبرميل إلى 44.85 دولار للبرميل إلا أنها شهدت الخميس الماضي تحسنا نسبيا حيث سجلت 45.74 دولار للبرميل.
من جهة أخرى، استمر تراجع أسعار النفط على نحو كبير خلال تعاملات الأسبوع الماضي حيث هبطت لأول مرة منذ سنوات أسعار التعاملات الفورية عن التعاملات الآجلة وسط توقعات باستمرار نفس الحالة في الأسبوع الجاري ولم تظهر مؤشرات جديدة عن تحسن ظروف السوق.
وسجلت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت والنفط الأمريكي أدنى مستوياتها منذ نيسان (أبريل) 2009 وأغلقت على سابع خسارة أسبوعية على التوالي رغم أن الأسعار تعافت من مستوياتها المنخفضة بعد صدور بيانات أظهرت هبوطا حادا في عدد منصات الحفر النفطية العاملة في الولايات المتحدة.
ونزل برنت دون 49 دولارا للبرميل لكنه أغلق فوق 50 دولارا بعدما أظهر تماسكه الأسبوع الماضي عقب تصريح شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية بأن عدد منصات الحفر الباحثة عن النفط في الولايات المتحدة انخفض بواقع 61 هذا الأسبوع وهو أكبر انخفاض في 24 عاما. ولم يطرأ على أسعار الخام تغير كبير خلال الجلستين الماضيتين بعدما هوت نحو 10 في المائة خلال اليومين الأولين من الأسبوع، فيما نزل سعر العقود الآجلة لبرنت 85 سنتا عند التسوية إلى 50.11 دولار للبرميل بعدما تراجع في وقت سابق من الجلسة إلى 48.90 دولار.
وتراجع الخام الأمريكي 43 سنتا عند التسوية إلى 48.36 دولار للبرميل بعدما نزل في وقت سابق إلى 47.16 دولار للبرميل، وخلال الأسبوع خسر الخام الأمريكي 8 في المائة في حين هوى برنت بنسبة 11 في المائة.

الأكثر قراءة