أمين «أوبك»: لسنا راضين عن الأسعار الحالية .. والإبقاء على سقف الإنتاج قرار اقتصادي «بحت»
استمر تراجع أسعار النفط الخام فيما حافظت سلة أوبك على تماسك نسبي لها فيما لاقت تصريحات عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة أوبك اهتماما واسعا ف الدوائر الاقتصادية حيث أكد عدم الرضا عن الأسعار الحالية ولكنه توقع الاستقرار قريبا نافيا أن تكون هناك عوامل غير اقتصادية وراء احتفاظ أوبك بنفس مستوى الإنتاج.
وقال البدري في تصريحات بثها الموقع الرسمي للمنظمة إن قرار أوبك بالإبقاء على حجم الإنتاج ليس موجها ضد أي دولة وهو قرار اقتصادي بحت وأوبك لم تغير حجم إنتاجها منذ عشر سنوات.
وأشار إلى أن أوبك ليس لها سعر مستهدف وأن السوق هو الذي يحدد مسار الأسعار، ونحن لسنا راضين عن هذه الأسعار المتدنية ولكن الأمر يحدده العرض والطلب وتتداخل فيها العديد من العوامل خاصة الإنتاج من خارج أوبك.
وأوضح أن الكثير من الشركات خفضت استثماراتها والدول أعادت حساباتها المالية في ضوء الأسعار الراهنة، مضيفاً أن الطلب ضعيف وبطيء بسبب أن الاقتصاد العالمي يعانى، حيث تعاني الصين وأوروبا مشكلات اقتصادية جوهرية.
وقال البدري إنه من دون نمو الاقتصاد العالمي لن تتحسن أسعار النفط مشيرا إلى أن بعض الدول قد تلجأ إلى زيادة الضرائب لتتوازن ماليا وهو ما يؤثر سلبيا في مستوى المعيشة في العديد من الدول، مضيفاً أنه أجرى محادثات مع العديد من شركات النفط وهو يقدر الأعباء والتكاليف المرتفعة التي تتحملها استثماراتهم وتواجه أزمة في ضوء الأسعار الحالية.
ومن جانبه، أكد لـ "الاقتصادية"، كريستوفر لايتل رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية، أن استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية أدى إلى تأثر واسع للاستثمار في هذه الصناعة حيث إن كثيرا من الشركات وجدناها تراجع خططها الاستثمارية وليس أدل على ذلك مما صدر عن شركة توتال الفرنسية العملاقة للنفط والغاز حيث أكدت أنها ستخفض إنفاقها على الحقول المتقادمة في بحر الشمال وعلى إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بعد الانهيار الأخير لأسعار النفط.
وأوضح لايتل أن كثيراً من الدوائر النفطية والاقتصادية ترى أن تحسن الأسعار ربما يأخذ بعض الوقت وأن العودة إلى الأسعار المرتفعة أصبحت صعبة المنال بسبب استمرار حالة وفرة المعروض إلى حد التخمة على حساب محدودية الطلب وبطء نموه بسبب الأزمات الاقتصادية الدولية واستمرار حالة الانكماش الاقتصادي في العديد من الدول متوقعاً أن تبقى أسعار النفط منخفضة في النصف الأول من 2015 بعد أن نزلت نحو 60 في المائة منذ حزيران (يونيو) إلى ما دون 50 دولارا للبرميل.
وأضاف لايتل أن بعض الدول أجرت اتصالات جيدة لتقريب وجهات النظر بين المنتجين سواء داخل أوبك أو خارجها خاصة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي قام بجولة مهمة في دول أوبك إلى جانب الصين وروسيا وغيرها لتحقيق التفاهم والتنسيق وأعلن أن سعر النفط الخام لن يعود إلى 100 دولار للبرميل ما يعني قناعة كل المنتجين بأن ظروف السوق قد تغيرت على نحو دائم.
وأشار لـ "الاقتصادية"، بيتر فنش مدير شركة مودي العالمية لخدمات الاستثمار، إلى أن موزانات الدول المنتجة إلى جانب الاستثمارات النفطية تواجه ظروفا اقتصادية شديدة الصعوبة في ضوء استمرار التراجع الحاد للأسعار التي فقدت قرابة 60 في المائة من قيمتها خلال سبعة أشهر وهو تراجع غير مسبوق في هذه الفترة الزمنية الوجيزة.
وشدد فنش على ضرورة التعامل مع الأزمة بشكل فعال من خلال إعداد ميزانيات الدول وفق أسعار منخفضة للنفط وتنويع الاعتماد في الناتج القومي على مصادر مختلفة للدخل وخفض الإنفاق العام ومراجعة الخطط الاستثمارية، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي أكد في أحدث تقاريره أن الخسائر الناجمة عن انخفاض صادرات النفط قد تستنزف ما يصل إلى 300 مليار دولار من اقتصادات دول الخليج هذا العام.
وأضاف أن برامج الاعتماد على الطاقة البديلة أصبح ضرورة والتوسع في الاعتماد على النفط الخام كمدخلات إنتاج في صناعات مهمة مثل صناعة البتروكيماويات مشيرا إلى أن الاعتماد على تصدير الخام أصبح مجازفة في ضوء تقلبات الاقتصاد الدولي، لافتاً إلى أن صندوق النقد الدولي أكد في توقعاته لمنطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن الاقتصادات التي تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات النفط ومنها قطر والعراق وليبيا ستكون الأكثر تضررا من هبوط أسعار الخام.
على صعيد الأسعار، تراجعت أسعار النفط في التعاملات الصباحية أمس قبيل إعلان متوقع للبنك المركزي الأوروبي عن برنامج لشراء السندات قد يدفع الدولار إلى مستويات قياسية مرتفعة جديدة ويزيد الضغط على السلع الأولية.
وجرى تداول العقود الآجلة لخام النفط القياسي الأوروبي برنت عند 49 دولارا للبرميل بانخفاض قدره ثلاثة سنتات، وهبط الخام الأمريكي 26 سنتا إلى 47.52 دولار للبرميل.
وكان خالد الفالح الرئيس التنفيذي لشركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" قد قال في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا إن الشيء الوحيد الذي أدهشه بشأن انخفاض أسعار النفط هو أن الناس فوجئوا به.
وقال كومرتس بنك إنه يتوقع أن يهبط سعر النفط في البداية صوب مستواه المنخفض خلال الأزمة المالية والاقتصادية في فبراير شباط 2009 عند نحو 40 دولارا للبرميل.
وكانت بيانات لمعهد البترول الأمريكي قد أظهرت أن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفعت في الأسبوع الماضي مع انخفاض إنتاج المصافي كما زادت مخزونات البنزين في حين انخفضت مخزونات نواتج التقطير.
وقال المعهد في تقرير له إن مخزونات النفط الخام قفزت بواقع 5.7 مليون برميل خلال الأسبوع الذي انتهى في 16 من كانون الثاني (يناير) إلى 392.4 مليون برميل مقارنة بتنبؤات المحللين بارتفاع قدره 2.6 مليون برميل.
وذكر التقرير أن مخزونات الخام في مستودع تسليم عقود نايمكس في كوشينج في أوكلاهوما زادت 2.5 مليون برميل، مضيفاً أن عمليات التكرير في المصافي انخفضت 645 ألف برميل يوميا.
وقال المعهد إن مخزونات البنزين ارتفعت 2.1 مليون برميل مقارنة بتنبؤات المحللين في استطلاع بزيادة قدرها 1.2 مليون برميل، وهبطت مخزونات المقطرات التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 1.8 مليون برميل مقارنة بتوقعات المحللين بارتفاع قدره 250 ألف برميل، وارتفعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي 53 ألف برميل يوميا إلى 7.3 مليون برميل يوميا.