بيشة .. التاريخ التجاري العريق ومأوى المسافرين من الشمال والجنوب
تعود أهمية محافظة بيشة إلى موقعها الفريد الذي يربطها بالمنطقة الوسطى والغربية والجنوبية، وتمركزها بين خمس مناطق رئيسية وهي الوسطى والغربية والباحة ونجران وعسير، وكانت فيما مضى ومنذ مئات السنين أهم نقطة ربط بين الحجاز ونجد شمالاً وبين جنوب الجزيرة العربية، حيث عُرف عن بيشة تاريخها التجاري العريق وخطوطها المختلفة التي كانت وأهلها مأوى للمسافرين من الشمال والجنوب.
وتعد محافظة بيشة التي تحتل موقعا استراتيجياً مهماً على طرق التجارة القديمة من جنوب الجزيرة العربية إحدى محطات قوافل التجارة القادمة، وكان يمر بها أحد فروع الطريق التجاري الدولي الشهير والمعروف بدرب البخور الذي كان يربط بين جنوب الجزيرة وشمالها من جهة، ويربطها بدول حوض البحر المتوسط من جهة أخرى.
وعُرف درب البخور في رحلات الأبحاث والتنقيب عن آثار جزيرة العرب، وأشغل هذا الطريق الكثير من الباحثين باعتباره شرياناً اقتصادياً، وعلامة حضارية تدل على القرون الميلادية الأولى في أرض شبه الجزيرة. وأفاد العديد من الباحثين والعلماء أن سبب تسمية هذا الدرب بدرب البخور يعود إلى أن بضائع التجارة التي كانت تنتقل عبر هذا الطريق من جنوب الجزيرة العربية إلى مكة المكرمة وبلاد الشام أو إلى نجد فالأحساء والبحرين كانت تتميز بكميات البخور الكثيرة والفاخرة ذات الجودة المشهورة إبان تلك العصور، ولا سيما أن بيشة قديماً كانت مركزاً تسويقياً فريداً لكافة التجار القادمين من الشمال والشمال الشرقي حتى يصلوا إلى الجنوب، وتعود أيضاً أهمية بيشة التاريخية إلى كونها ممراً للحجاج والمعتمرين وزوار بيت الله الحرام القادمين من جنوب الجزيرة العربية.
وكتب الشاعر أبو المؤثر المنذري، قائلاً في جبل الصايرة الشهير في محافظة بيشة:
قد شمت صايرة في الأرض راسية
في الجو عالية تعلو على السحب
وفي شناخبها أسد مزمجرة تحمي
العرين ودار العز والعرب
أسود بيشة لا تخفى مآثرها
تاريخها خط في الديوان والكتب
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن محمد الصعيري إن بيشة قديماً كانت مركزاً مهماً واستراتيجياً في مجال الطرق، وبالتالي فهي واحة خضراء تقع على الدرع العربي اشتهرت بأوديتها السحيقة والكبيرة وخصوبة أرضها وتقع بين الشمال والشرق والوسط والغرب وبالتالي حازت على كل المزايا في الجانب الاقتصادي.
ويعد طريق الرياض - الرين - بيشة من أهم العوامل التي دعمت قطاع التنمية في محافظة بيشة، ويسهم في تطوير آفاق الاستثمار ويربط المنطقة الوسطى والشمالية والشرقية بالمنطقة الجنوبية ولا سيما أنه الطريق الاستراتيجي الوحيد الذي يربط دول الخليج العربي بالمنطقة الجنوبية.
وأكد محافظ بيشة محمد بن سعود أبو نقطة المتحمي أن الطرق الرئيسية التي اعتمدتها الدولة في ميزانية السنوات الأربع الأخيرة كانت ذات تأثير إيجابي في تطور الجانب الاستثماري في محافظة بيشة، وربط المحافظة بخمس مناطق رئيسية ولا سيما اعتماد ازدواج طريق بيشة - خميس مشيط، واعتماد طريق بيشة - سبت العلاية، وإنهاء طريق بيشة - تثليث، والآن تقترب وزارة النقل من إنهاء طريق بيشة - الرين - الرياض.
وبين المتحمي أن بلديات محافظة بيشة أيضاً أسهمت في دعم الطرق الداخلية وربطها بطريق الرياض - الرين - بيشة وهي الآن تسعى لتطويرالطرق الرئيسية الداخلية الرابطة بالمراكز لتصبح محافظة بيشة شبكة خطوط رئيسية متكاملة داعمة للقطاع التنموي وبشكل فريد. من جهته أشار مدير فرع النقل والطرق في محافظة بيشة المهندس مبارك المطوع إلى أن طريق بيشة إلى محافظة النماص من جهة الفرعاء تم تنفيذ مرحلته الثانية كما أكملت الوزارة في ميزانيتها الأخيرة ازدواج طريق بيشة - خميس مشيط، وتقوم الآن بدراسة لازدواج طريق بيشة - سبت العلاية، مبيناً أن الوزارة تشرع في البدء في ازدواج طريق بيشة - الرياض - الرين. وكان أعضاء مجلس الغرفة التجارية الصناعية في محافظة بيشة من رجال الأعمال قد أشادوا بالتطور المرحلي لتنفيذ مشاريع الطرق، مؤكدين أهمية تكامل منظومة مشاريع النقل في الميزانية القادمة وذلك بدعم الجسور للأودية وربط الطرق النائية بمدينة بيشة.