من ينقذ الطفلة «نورة»؟

جرت العادة في المدرسة التي تدرس فيها الطفلة "نورة" على رؤيتها في كثير من أيام العام الدراسي وهي تعاني آثار ضرب وكدمات في اليدين والرقبة والوجه.. وعندما يتم سؤالها من قبل المعلمات عن سبب ذلك "تلوذ بالصمت".
في المرة الأخيرة كانت آثار الضرب لا يحتملها جسدها النحيل، فـ "نورة" جاءت للمدرسة وهي تعاني نزيفا دمويا في مناطق مختلفة من جسدها، ما دفع معلمتها إلى نقلها للوحدة الصحية لمعالجة جراحها، ومن هنا سلط الضوء على قصة "تعنيفها" التي تعانيها منذ سنوات.
الطامة الكبرى أن الطفلة نورة ليست سيئة الخلق أو مشاغبة في المنزل وتتعرض للعقاب من جراء ذلك، فقدرها أنها ولدت في يوم سقوط بغداد بيد القوات الأمريكية في 2003، ووالدتها ذات الأصول العراقية تعاقبها وتحملها وزر سقوط العاصمة العراقية لأنها - كما تقول - "تتشاءم منها".
والطامة الأكبر أن فرع وزارة الشؤون الاجتماعية في حائل حيث مقر إقامة الطفلة لا يجهل ما تتعرض له من عنف على يد والدتها، فقصتها معروفة لديهم وفق ما ذكر سالم السبهان مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة حائل في تصريحات صحافية.
"الشؤون الاجتماعية" في حائل تعلم عن حال الطفلة المعنفة وحققت مع والدتها وتيقنت من التعنيف ومن أسبابه ومن حالة الأم، ومع ذلك فهي لم تتدخل لحماية الطفلة وإنقاذها تحت ذريعة أن الأم هددت بالانتحار في حال انتزاع نورة منها.
حجة واهية تلك التي أفصحت عنها وزارة الشؤون الاجتماعية في حالة نورة، فالطفلة تحتاج إلى الرعاية والحماية والإنقاذ من بطش والدتها، والأم أيضا تحتاج إلى الرعاية والإنقاذ أيضا، فكما يبدو من القصة هي مريضة، وتركها وترك نورة غلطة كبيرة ارتكبتها "الشؤون الاجتماعية"، وعليها أن تصحح خطأها، وأن تنقذ الطفلة وأن تبادر بعلاج أمها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
نورة لم تكن الحالة الوحيدة التي تعاني تعنيفا أسريا، فغيرها المئات من الأطفال منهم من كشف أمره ومنهم من لا يزال أمره خافيا ويعاني التعنيف خلف أسوار المنزل وداخل غرفه دون أن يعلم عنه أحد ويساعده أو يبلغ عنه. هنا يكمن دور المدرسة في مراقبة سلوكيات الطلاب والمبادرة بإبلاغ الجهات المختصة عن حالات العنف عند ملاحظة آثارها فورا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي