مختصون لـ "الاقتصادية" : استغلال الأراضي البيضاء في مصلحة الجميع .. والتمويل أبرز التحديات
أكد لـ"الاقتصادية" اقتصاديون ومختصون في قطاع العقارات، أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيُسهم في الحد من كمية العرض من هذه الأراضي، نظرا لتحفيزه ملاكها على تطويرها بدلا من بقائها راكدة. وأكدوا أن فرض الرسوم لن يكون بمفرده حلاً للأزمة الإسكانية، حيث لابد أن يواكب ذلك أنظمة وقرارات تدعمه وتعزز النشاط العقاري، الأمر الذي يستدعي النظر في معوقات تطوير تلك الأراضي، سواء في الجانب التمويلي، أو اشتراطات وإجراءات الجهات البلدية، والأخذ بعين الاعتبار أن هناك عددا من الأراضي لا يستطيع ملاكها التصرف فيها، لأسباب مختلفة، إضافة إلى أن القرار لن يؤثر في العقار فحسب، بل سيمتد تأثيره إلى قطاع المقاولات، وسيدفع بمُلاك تلك الأراضي إلى الاستثمار، أو البيع، أو التطوير.
وأوضح المهندس سلطان المسلم، مدير تطوير الأعمال في شركة نايف الراجحي الاستثمارية، أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيُسهم في الحد من كمية العرض، على اعتبار أن انخفاض نسبة العرض ليس بسبب انعدام الخبرات التطويرية أو الإنشائية الحكومية والخاصة على حد سواء، بل بسبب النسب الكبيرة لتلك الأراضي، مشيراً إلى أن قرار مجلس التنمية والاقتصاد حول فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيكون محورياً في نهضة المملكة، وسيكون نقطة انطلاق لرسم خريطة طريق جديدة يتم السير فيها على خطى ثابتة نحو التطور والازدهار.
وأضاف المسلم "من مصلحة الجميع أن يتم استغلال الأراضي البيضاء، وإيجاد حلول لها كي تسهم في إعادة التوازن لاقتصاد المملكة من خلال زيادة العرض، الذي من شأنه أن يحد من تنامي الطلب، فالقطاع الحكومي ممثلاً في وزارة الإسكان، ونظيره الخاص مُمثلاً في الشركات الرائدة في التطوير العقاري، لابد أن يضعا نصب عينيهما المواطن الذي يرى أن المسكن يعد من أبسط حقوقه، وهذا لا يتحقق إلا بإيجاد حلولٍ متكاملة لتلك الأراضي، ولاسيما أن التقارير تشير إلى أن العجز الذي تشهده المملكة في كل مناطقها على الصعيد السكني وبالأخص المناطق الإدارية مثل (الرياض، وجدة، والدمام) تتجاوز نسبته 65 في المائة، وذلك يعود وبشكل رئيس إلى النسب المنخفضة للعرض مقارنة بنِسَب الطلب". وتابع،"هذا يأتي في ظل ما تشهده المملكة من نمو سكاني، إضافة إلى التزايد في نسبة التمدن، ما أسهم في زيادة نسبة الطلب بشكل مخيف في الآونة الأخيرة، كما أن الإحصائيات تشير إلى اختلال في توازن العرض والطلب في المملكة حتى عام 2025 كحد أدنى".
من جهته، أكد خالد المبيض، المدير العام والشريك التنفيذي لشركة بصمة لإدارة العقارات، ضرورة إيجاد حلول لأزمة السكن، مشيراً إلى وجود اختلاف في الرؤى بشأن تلك الحلول، وتفسيرات أسباب الأزمة، لافتاً إلى أن إقرار الرسوم قد يكون حلاً، ولكن ليس بمفرده، فهناك أنظمة، وقرارات يجب أن تواكب القرار.
وأضاف أن "الدولة لا تهدف إلى الحاجة لتلك الرسوم، وإنما هي تريد تحفيز ملاك تلك الأراضي لتطويرها، كي تدخل ضمن العرض، وعليه فإنه يجب أن تتم دراسة معوقات تطوير تلك الأراضي، سواء كانت المعوقات بسبب صعوبة التمويل، أو إعادة النظر في اشتراطات وإجراءات البلدية فيها، أو إقرار أنظمة تعمل على التيسير على ملاكها لتطويرها، كما يجب أن يؤخذ في الحسبان أن هناك عددا من الأراضي لا يستطيع ملاكها التصرف فيها لأسباب مختلفة، قد تكون قانونية، أو غيرها من الموانع الخارجة عن إرادة مُلاَكها".
بدوره، أكد الدكتور عبدالله الغامدي؛ عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية في محافظة الطائف، أن قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء يعد قراراً مُنتظراً منذ زمن، مشيراً إلى أنه سيكون له أثر كبير جداً في تحريك قطاع العقار، وأيضا سيتأثر تبعاً له قطاع المقاولات، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الملاك لمثل تلك الأراضي ليسوا في حاجة إليها الآن، وينتظرون الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار.
ونوه إلى أن هذا القرار سيرغم الملاك على البيع، أو الاستثمار، أو تطوير تلك الأراضي، ما سيسهم في حل جزء كبير جدا من مشكلة السكن، كما سيُسهم في إيجاد البدائل السريعة له، وهذا بطبيعة الحال سيؤثر في مشاريع وزارة الإسكان، وأضاف الغامدي "هناك تشوه بسبب الفراغات العمرانية لكثير من المدن السعودية، وهذا القرار سيُصحح هذه التشوهات، بدفع أولئك الملاك لاستثمار وتطوير وتحريك هذه الفراغات، لتكوِن النسيج العمراني، وتكمله". من جهته، أشاد فهد بن سيبان السلمي؛ عضو مجلس إدارة غرفة جدة بالقرار، وقال إن هذه الخطوة تهدف إلى فك احتكار العقارات، والوقوف في وجه من يقسم السوق ويتمسك بالأراضي من أجل رفع سعرها، لافتاً إلى أن الإجراءات الجديدة ستؤدي حتما إلى انخفاض سعر العقارات غير المطورة، وبالتالي تدني قيمة إيجارات الوحدات السكنية التي ستشيد على هذه الأراضي، وشدد على أن القرار سينشط الدورة الاقتصادية؛ لأنه يطول أحد أبرز القطاعات التي تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، ألا وهو سوق العقار والبناء.
وأضاف "لاشك أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيدفع الكثيرين إلى استثمارها أو بيعها، الأمر الذي سيفرض واقعاً جديداً، وستتجاوب السوق مع المنطق العلمي البحت والقاعدة الاقتصادية المعروفة، وهي العرض والطلب. من ناحيته، أوضح خالد باشويعر رئيس لجنة الإسكان في الغرفة التجارية في جدة، أن هذه التوصية التي رفعت من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تعتبر قراراً حكيما وإيجابيا، وسيكون في حال اعتماده أكثر وأقوى أداة ستسهم بشكل كبير جدا في انخفاض الأسعار بشكل لم تشهده المنطقة من قبل، وبالذات على القطاع السكني، وذلك لتوقع زيادة المعروض من الأراضي من قبل العقاريين وملاك المخططات، الذين سيجبرون لتطويرها وبيعها تفاديا لدفع الرسوم.
وبين باشويعر أن هناك ملايين من الأمتار المربعة الخالية في كل المناطق، ففي جدة وحدها تعتبر 50 في المائة من أراضيها بيضاء وغير مطورة، مؤكداً أن القرار يصب في مصلحة الجميع.
ورجح أن يزيد انخفاض الأسعار من حركة البيع والشراء في السوق بحيث تكون السوق العقارية تطويرية نشطة بدلا من الركود الحاصل حاليا، متوقعاً أن يسهم ذلك في تمكين المواطن من شراء عقار بسعر مناسب وميسر، ويتوافق مع دخله، وتمكين المطور من بيع منتجاته بشكل أسرع، لافتاً إلى أن نسب أرباح المطورين لن تتضرر، بل ستكون هناك حركة بيع سريعة ونشطة وانتعاش يستفيد منه الجميع.
من جهته، أكد محمد حسن يوسف؛ متخصص في الشأن العقاري، أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء قد يؤدي إلى إحداث تغييرات جوهرية في السوق، ويسهم في هبوط أسعار العقار خلال العامين المقبلين، وهذا الأمر سيصب بلا شك في مصلحة المواطن من ناحية الأسعار، ويساعده على حيازة مسكن بسعر ميسر ومعقول، وستتغير أيضا حسابات جميع المستثمرين في القطاع العقاري، لافتاً إلى أن الكلمة الأخيرة والفيصل والتأثير الأقوى في هذا الجانب يبقى للعرض والطلب، وهو ما سيحكم السوق في المرحلة المقبلة.
من ناحيته، أكد خالد الضبيعي؛ المستشار العقاري، أن قرار الموافقة على فرض رسوم على الأراضي البيضاء هو قرار انتظره كثيراً الشارع السعودي، وسيكون نقطة تحول بارزة في خط زمن تاريخ الاقتصاد السعودي، مبيناً أن تأثيره سيكون آنيا ومتوسط المدى وبعيد المدى، وكذلك تأثيره سيكون معنويا وماديا في السوق العقارية.
ولفت إلى القرار يحمل سمات القرار التنفيذي والقرار التستراتيجي في آنٍ واحد، حيث ستكون ردة فعله مباشرة على السوق وبشكل مباشر على أراضي المضاربة، التي تأثرت جزئياً من قبل بسبب انخفاض أسعار البترول، وكذلك على الأراضي الاستثمارية المجمدة في المواقع الاستراتيجية داخل المدن، من خلال تسريع اتخاذ قرارات استثمارها وعدم التردد.
أما على المدى البعيد فبين أن ملاك عقارات المساحات الكبيرة سيرسمون استراتيجياتهم، بناءً على المعطيات الجديدة للسوق، بحيث أضحت استراتيجية التجميد وتجفيف السوق من المعروض حتى ترتفع أسعار الأراضي، غير نافعة.
وأعرب عن أمله في تسريع تطبيق مشروع السجل العيني للعقارات على كامل أراضي المملكة في أسرع وقت ممكن، الذي هو المحدد الرئيس لملاك العقارات والأراضي الكبيرة والصغيرة، وبالتالي المعين على تطبيق مثل هذا القرار وآلياته".