أجواء تفاؤلية تسود سوق النفط .. و«برنت» يتجاوز 59 دولارا للبرميل
غلب الارتفاع على أسعار النفط في الأسواق العالمية في بداية تعاملات الأسبوع الجاري وارتفع خام برنت والنفط الأمريكي فيما سجلت سلة خام أوبك ارتفاعات في ختام التعاملات الجمعة الماضي، وهو ما اعتبره المراقبون انعكاسا واضحا لتقلص إنتاج النفط الأمريكي.
وحذر المحللون من استمرار الاعتداءات على المنشآت النفطية في العراق وليبيا وأكدوا أن السوق تعافى من تأثير المخاوف الاقتصادية لعاصفة الحزم كما تراجع تأثير الاتفاق الإيراني الغربي الجديد بشأن الملف النووي.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن هناك أجواء تفاؤلية تسود السوق وهو ما دفع الأسعار نحو الارتفاعات بعدما تزايدت توقعات المتعاملين في السوق بأن الفترة المقبلة ستشهد نموا قويا في الأسعار.
وأشار ديبيش إلى توجه السوق نحو الارتفاع نتيجة تقلصات واسعة بدأ تأثيرها يتضح في حجم إنتاج النفط الصخري الأمريكي بعدما تسارعت عملية توقف الحفارات النفطية كما ظهرت قوة المضاربات الإيجابية على عقود التداول للنفط الخام.
وقال ديبيش إن تقلص خطط التوسع في الشركات الأمريكية ومراجعة سياسات الإنتاج بعد تدهور الأسعار قادت إلى نمو متوقع في الأسعار مرشح للتزايد في الفترة المقبلة بعدما تأكد للجميع أن الأسعار وصلت إلى أقصى المستويات من الانخفاض.
وأضاف ديبيش أن حالة وفرة المعروض ما زالت مستمرة على الرغم من تقلص الإنتاج الأمريكي، إلا أن الإنتاج غير الأمريكي ما زال مرتفعا، وتسعى الكثير من الدول إلى زيادة صادراتها النفطية أملا في تحسين اقتصاداتها. وفي المقابل نجد تحسنا محدودا في مستويات الطلب. وكل هذه العوامل تجعل تحسن الأسعار بطيئا بعض الشيء.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، إن اتجاه الأسعار إلى الصعود أمر طبيعي فمن الصعب بقاء السوق على وتيرة واحدة خاصة أن العديد من المتغيرات تطرأ على السوق بشكل مستمر وتؤثر بدرجات متفاوتة.
وأضاف جرلاخ أن السوق تجاوزت تداعيات حدثين مهمين أولهما الاتفاق الإيراني الغربي بشأن الملف النووي حيث تسبب في مخاوف مؤقتة من ارتفاع المعروض ولكن العاملين في السوق أدركوا أن تأثيرات هذا الأمر ليست سريعة وآنية حيث إن رفع العقوبات الاقتصادية على طهران وعودة الصادرات لن تكون خلال العام الجاري على أرجح تقدير.
وأوضح جرلاخ أن تصريحات صادرة عن أوبك تؤكد التنسيق بين المنتجين لمواجهة تأثيرات الصادرات الإيرانية التي ساهمت أيضا في إزالة القلق من السوق ووقف تراجعات سعرية واستئناف ارتفاع الأسعار.
وأشار جرلاخ إلى أن مخاوف أخرى بشأن الإمدادات النفطية القادمة من الخليج العربي ومدى تأمين الممرات الملاحية بعد بدء الضربة العسكرية في اليمن ساهمت في ارتفاع طارئ في الأسعار ولكن المخاوف تلاشت تدريجيا مع التأكد من استقرار الإمدادات وتأمين الممرات والخطوط الملاحية الدولية.
ويعتقد نيل اتكينسون كبير المحللين في مؤسسة لويد أن الأسعار المنخفضة كانت صعبة على غالبية المنتجين منذ بدء الانخفاضات الحادة في النصف الثاني من العام الماضي وأن هناك ضرورة لتعاون الجميع من أجل الحفاظ على استقرار السوق وعلى أسعار عادلة ومناسبة سواء للمنتجين أو المستهلكين.
وأضاف نيل لـ "الاقتصادية"، أن الأسعار تتجه الآن إلى تصحيح نفسها بنفسها وتجاوز المرحلة السابقة منوها إلى أهمية الحفاظ على نمو السوق وتأمين الإمدادات خاصة في الدول التي تشهد اضطرابات سياسية حادة مثل ليبيا والعراق.
وأشار نيل إلى ضرورة مواجهة نشاط الجماعات المسلحة التي دأبت على الاعتداء والتدمير بحق المنشآت النفطية حيث قام تنظيم داعش بتدمير أكبر مصافي النفط في العراق علاوة على قيامه بتجارة غير مشروعة في النفط الخام وإيجاد سوق سوداء موازية.
ولفت نيل إلى أن الإنتاج والتصدير يتعطل أيضا كثيرا في ليبيا بسبب الاعتداءات المسلحة والحرائق في الآبار النفطية وأن عودة الاستقرار السياسي في دول الإنتاج أمر لا يحتمل التأخير لصالح نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط فوق 59 دولارا للبرميل في سوق متقلبة أمس مع قيام المتعاملين بتغطية المراكز المدينة بعد الختام القوي لمعاملات الأسبوع الماضي حيث زاد المتداولون الماليون رهاناتهم على ارتفاع الأسعار وسط تباطؤ في أعمال الحفر في الولايات المتحدة.
وبحسب " رويترز"، فقد ارتفع سعر عقد أقرب استحقاق لخام برنت 1.40 دولار إلى 59.28 دولار للبرميل في حين زاد الخام الأمريكي 1.22 دولار ليسجل 52.86 دولار للبرميل.
وقال كين هاسيجاوا مدير مبيعات السلع الأولية في نيو-إدج "في الفترة الأخيرة لا يوجد اتجاه فإذا ارتفعت السوق كثيرا تحدث عمليات تغطية كبيرة للمراكز المدينة. وكذلك عندما تتراجع الأسعار".
وأظهرت بيانات لجنة تداول عقود السلع الأولية الأمريكية أن المضاربين في عقود الخام والخيارات الأمريكية زادوا صافي المراكز الدائنة 52 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في السابع من نيسان (أبريل) وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ 2011.