تراجع الإنتاج «الصخري» الأمريكي يدعم استمرار ارتفاع أسعار النفط
واصلت أسعار النفط الخام ارتفاعاتها السعرية في الأسواق العالمية وسط تغلب تأثير العوامل الإيجابية لدعم الاسعار في السوق حيث واصل خام برنت والخام الأمريكي ارتفاعاتهما مدعومين من استمرار خفض الانتاج الصخري في الولايات المتحدة الى جانب تراجع الانتاج الأمريكي عامة بسبب زيادة المخزونات الامريكية وهو ما حافظ على استمرار ارتفاع الأسعار.
وقال مختصون في سوق النفط إن استمرار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وخصوصا في العراق وليبيا تثير المخاوف بشأن الامدادات مما يعطي دعما اخر للاسعار.
ويقول لـ "الاقتصادية"، أوسكار انديسنر مدير ادارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أنه على الرغم من الارتفاعات الحالية في سعر الخام والارتفاعات المتوقعة في المدى القصير إلا أن أسعار الطاقة مازالت منخفضة كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية لافتاً إلى أن هذه التحسينات السعرية كانت مطلوبة لتحسين الظروف الاقتصادية للمنتجين ولتعويض بعض الخسائر بالنسبة للاستثمارات التي تضررت كثيرا في الفترة الماضية .
وأشار انديسنر إلى أن رفع الأسعار شيء مطلوب للوصول للمستويات السعرية العادلة المناسبة للمنتجين والمستهلكين على السواء ولكن يجب ألا يكون ارتفاع الأسعار سببه القلق والمخاوف من تعطل الإمدادات ولكن يجب ان يكون ارتفاع الأسعار مبنيا على تحسن فعلى في مستويات الطلب العالمي وتوازنه مع المعروض ومن ثم تكون الأسعار المرتفعة نتيجة عوامل اقتصادية بحتة وتعبيرا عن نمو متوازن في اقتصاديات سوق الطاقة الدولي .
من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، رون بجرنسون المختص النفطي، أن انخفاض إنتاج النفط الصخري الأمريكي بات حقيقة تظهر معالمها يوما بعد يوم مشيرا إلى أن الظروف الاقتصادية الدولية الراهنة لا تسمح بالتوسع في هذا الإنتاج أو الاستمرار على نفس الوتيرة .
وأضاف بجرنسون أن الشركات الأمريكية لديها الآن قراءة جيدة للسوق ولمستقبل الإنتاج من النفط الضيق لذا ليس مستغربا أن نجد إقدام تلك الشركات على تبنى سلسلة من الخطط لإدارة الإنتاج في الفترة المقبلة والتي تقوم على عدد من الآليات الهامة أبرزها تخفيض تكاليف التشغيل والإنتاج.
وأشار بجرنسون إلى أن إغلاق العديد من مصافي النفط في الولايات المتحدة كانت نتيجة متوقعة بسبب الطفرة التي حدثت في الآونة الأخيرة من هذا الإنتاج وأدت إلى خلل واسع في أداء السوق ومن ثم وجود فجوة بين العرض والطلب بسبب التوسع غير المدروس واللهث وراء التسابق في كميات الإنتاج من هذا المصدر الجديد لكن أي طفرة غير مدروسة يعقبها ارتداد مرة أخرى إلى تقلص حاد في الإنتاج وبشكل مفاجئ مثلما حدث في طفرة النمو .
وذكر بجرنسون أن ارتفاع مخزونات النفط الخام بشكل قياسي وتاريخي هو من النتائج السلبية التي ترتبت على طفرة الإنتاج الأمريكي مما جعل الأمر صعبا داخل الولايات المتحدة على صعيد التفكير في إضافة طاقات إنتاجية جديدة حيث أدى بالكثير من الشركات إلى القيام بمراجعة سياساتها واضطرها إلى خفض الإنتاج .
ومن جانبه، أكد لـ "الاقتصادية"، كريستيان شنبور المختص في الشؤون النفطية ، أنه من الضروري حماية المنشآت النفطية من تداعيات الصراعات في العراق وليبيا خاصة أن كثيراً من المنشآت تأثرت بهذه الصراعات في العراق وليبيا ووجدنا أخيرا إغلاق مصفاة عدن النفطية مشيرا إلى أن استمرار هذه التداعيات ليس في صالح سوق النفط.
وقال شنبور إن الممرات الملاحية والإمدادات النفطية مازالت جيدة ومؤمنة ولكن حماية المنشآت النفطية ضرورة مهمة للنمو والاستثمار وضمان استقرار الإمدادات حتى وإن كانت هذه المشكلات محصورة في بعض الدول ذات الإنتاج المحدود .
يشار الى ان أسعار النفط الخام شهدت ارتفاعاً خلال تداولات الجلسة الأسيوية الثلاثاء لتسجل ارتفاعا للجلسة الثالثة على التوالي .
وبحسب " رويترز "، فقد ارتفعت أسعار الخام أمس بفعل توقعات لأن يسجل إنتاج النفط الصخري الأمريكي أول تراجع شهري له في أكثر من أربع سنوات لكن بعض المحللين حذروا من أن السوق لا تزال متخمة بالمعروض مع ارتفاع الصادرات الصينية.
وارتفع سعر مزيج برنت في عقود شهر أقرب استحقاق 40 سنتا إلى 58.33 دولار للبرميل بينما زاد الخام الأمريكي 42 سنتا إلى 52.33 دولار للبرميل.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاض الإنتاج الصخري الأمريكي 45 ألف برميل إلى 4.98 مليون برميل يوميا في أيار (مايو) مقارنة بمستواه في نيسان (أبريل). وأسهمت القلاقل السياسية في الشرق الأوسط أيضا في رفع الأسعار لكن بعض المحللين قالوا إن زيادة الإنتاج العالمي والمخزونات حدت من المكاسب.
وفي آسيا صدرت الصين 750 ألف طن من النفط الخام في آذار (مارس) وهو أعلى مستوى للصادرات الصينية منذ 2006 في علامة محتملة على أن ثاني أكبر دولة مستوردة للخام في العالم تستنفد طاقتها التخزينية.