مختصون: النفط تجاوز مرحلة التقلبات السعرية الحادة .. العوامل الجاذبة للارتفاع أقوى
واصل النفط الخام تحقيق مكاسب سعرية في الأسواق الدولية، وسجل خام برنت والنفط الأمريكي ارتفاعات متتالية تعكس توجه السوق بشكل أكبر نحو الارتفاع الذي يعد الأعلى منذ سبعة أسابيع، كما حافظت سلة خام أوبك على ارتفاعاتها وتأثرت أسعار الخام في الأساس بأنباء عن تراجعات حادة في إنتاج النفط الصخري الأمريكي بينما تجددت المخاوف على مستوى الطلب بعد صدور بيانات مالية ضعيفة من الصين.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، بيتر فنش المختص في الشؤون النفطية، أن الارتفاعات المتتالية مؤشر جيد على العديد من الأمور أولها تجاوز مرحلة التقلبات السعرية الحادة التي كانت السمة الغالبة في الفترة الماضية، وثاني هذه الأمور أن العوامل الجاذبة لارتفاع الأسعار أصبحت أقوى تأثيرا من العوامل الدافعة للانخفاض حيث يظهر تدريجيا قوة تأثير توقف الحفارات الأمريكية والتقلصات الحادة في إنتاج النفط الصخري.
وأشار فنش إلى تراجع تأثير الاتفاق الإيراني الغربي رغم الجهود المكثفة التي تقوم بها إيران للترويج لصادراتها في آسيا علاوة على اتفاقها مع روسيا على مقايضة النفط بالسلع الزراعية وإعلانها أنها ربما تصدر أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا بعد رفع العقوبات الاقتصادية عليها.
وأضاف فنش أن حالة وفرة المعروض ما زالت مستمرة ولكنها لم تخفض الأسعار في المرحلة الحالية بعد أن تغلب عليها تأثير التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط التي أثارت بعض المخاوف على مستقبل الإمدادات من المنطقة.
من جهته، يقول بيوتر فدفنسكي المختص الاقتصادي البولندي، إن التقلصات التي حدثت في المعروض العالمي تؤثر إيجابا في تحسن مستوى الأسعار خاصة فيما يتعلق بالنفط الصخري الأمريكي الذي يصعب استمراره وفق المعدلات السابقة في ظروف السوق الراهنة المنخفضة الأسعار.
وأضاف فدفنسكي أن ارتفاعات الأسعار ستستمر في الفترة المقبلة بشرط توافر عدة عوامل أهمها استمرار تقلص المعروض وتحسن في مستويات الطلب مع توقف الارتفاع المتواصل للدولار الأمريكي أمام بقية العملات مشيرا إلى تقرير صدر أخيرا عن صندوق النقد الدولي يؤكد أن انخفاض أسعار النفط الذي تأثر معظمه بعوامل العرض وفر فرصة قوية للنمو على مستوى العالم خاصة في الدول المستوردة للنفط.
وذكر فدفنسكي أن اقتصاديات الدول المنتجة يسودها التفاؤل الآن بعد الارتفاعات المتواصلة لأسعار النفط الخام بعد أن تعرضت لصعوبات اقتصادية كبيرة في الفترة الماضية، موضحا أن صندوق النقد كان قد حذر من تأثير هذه الانخفاضات السابقة التي شكلت عبئا على النشاط الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط.
واعتبر المختص البولندي أن الآمال معقودة على نمو حقيقي ومتسارع في دول الاستهلاك في ضوء الظروف الاقتصادية الراهنة وبعد أن تلقت موازناتها دعما كبيرا جراء انخفاض أسعار الطاقة، إلا أن التباطؤ والانكماش ما زال يسيطر على الأداء الاقتصادي في العديد من الدول رغم أن التقارير الاقتصادية تؤكد أنها ستظل في موقعها المساهم في نمو الاقتصاد العالمي بنسبة تزيد على 70 في المائة في 2015.
فيما يرى فالنتين بومينوف المختص الروسي، أن اجتماع وزراء أوبك في حزيران (يونيو) المقبل سيبلور الكثير من الاستراتيجيات والآليات المهمة لاستمرار ضبط الأداء في السوق بما يحفظ الاستقرار ومصالح المنتجين مشيرا إلى أن التحسينات السعرية ستتواصل بحسب التوقعات خاصة في النصف الثاني من العام الجاري.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، أن هناك اتصالات مكثفة تتم حاليا بين منظمة أوبك وروسيا باعتبارهما من أكبر كيانات إنتاج النفط في العالم، متوقعا مشاركة روسية متميزة في سيمنار أوبك الذي يعقد قبل الاجتماع الوزاري بيومين.
وأشار المحلل الروسي، إلى أن هناك جهودا متنامية للتنسيق والتعاون المستمر بين أوبك وروسيا خاصة في ضوء ظروف السوق الراهنة التي تتعافى فيها السوق من مرحلة انخفاضات حادة دفع فاتورتها بشكل أساسي اقتصاد روسيا واقتصادات دول أوبك.
على صعيد الأسعار، صعد خام برنت فوق 59 دولارا للبرميل أمس وسط التوترات في الشرق الأوسط ودلائل على تراجع الإنتاج الأمريكي لكن حد من المكاسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية يشير إلى أن تراجع المعروض سيستغرق وقتا أطول من المتوقع سابقا.
وبحسب " رويترز "، فقد ارتفع سعر خام القياس الدولي مزيج برنت في عقود شهر أقرب استحقاق 68 سنتا إلى 59.11 دولار للبرميل بينما زادت عقود الخام الأمريكي 70 سنتا إلى 53.99 دولار.
ولقيت الأسعار دعما من حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط.
ويواجه ارتفاع أسعار النفط الخام عقبات كثيرة أهمها ارتفاع مستويات الدولار في الأسواق المالية، ومنذ كون النفط الخام سلعة تسعر بالدولار فمن المفترض أن يسهم ارتفاع الدولار الحالي في تراجع أسعار النفط الخام.
وتواجه أسعار النفط الخام أيضا البيانات الاقتصادية الضعيفة التي صدرت عن الاقتصاد الصيني الذي شهد معدلات نمو خلال الربع الأول عند أقل معدلاتها منذ بداية عام 2009، الأمر الذي يدل على تراجع الطلب من جانب ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وارتفع الطلب الصيني على النفط في شهر آذار (مارس) 7.6 في المائة على أساس سنوي إذ ارتفع إنتاج المصافي لمستوى قياسي مع استمرار زيادة استهلاك البنزين والكيروسين في أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وفي الولايات المتحدة تراجع إنتاج النفط في ولاية نورث داكوتا بمقدار 15 ألف برميل يوميا في شباط (فبراير) عن الشهر السابق رغم أن عدد الآبار المنتجة سجل مستوى قياسيا مرتفعا.
جاء هذا في أعقاب تقرير من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه يتوقع أن يهبط إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة 45 ألف برميل يوميا ليصل إلى 4.98 مليون برميل يوميا في أيار (مايو) وهو ما سيكون أول انخفاض شهري في أربعة أعوام.