خطة لإنشاء «سوق موحدة للطاقة» لتغطية الإمدادات الأوروبية
كشف الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي عن خطط لإنشاء "سوق موحدة للطاقة" تغطي إمدادات الطاقة، والمشتريات، والاستهلاك داخل التكتل الاقتصادي المكون من 28 دولة.
ولدى الاتحاد الأوروبي حالياً قواعد محددة للطاقة على المستوى الأوروبي، لكن في الممارسة العملية هناك 28 إطاراً تنظيمياً وطنياً يتعامل مع القضايا المتعلقة بالطاقة. وعلمت "الاقتصادية" من البعثة الأوروبية في جنيف أن المفوضية الأوروبية للطاقة تقدمت بخطة عمل مكونة من 15 نقطة تهدف إلى إنشاء منظومة متكاملة للطاقة، يطلق عليها "اتحاد الطاقة"، على نطاق القارة العجوز لتسهيل تدفق الوقود والطاقة بحرية عبر الدول الأعضاء استناداً إلى المنافسة، وأفضل استخدام ممكن للموارد، مع التنظيم الفعال لأسواق الطاقة على مستوى الاتحاد الأوروبي؛ بحيث تعتمد الدول الأعضاء على بعضها البعض في توفير طاقة آمنة لمواطنيها، على أساس التضامن الحقيقي والثقة المتبادلة، وحتى تتحدث السوق الموحدة بصوت واحد في الشؤون العالمية المتعلقة بالطاقة.
وتضمنت الخطة، إدخال تشريعات جديدة لإصلاح سوق الكهرباء للكتلة؛ وضمان مزيد من الشفافية في إبرام الاتفاقيات الدولية للطاقة؛ واستخدام أدوات السياسة الخارجية كالسياسات التجارية لتحقيق المزيد من الاندماج في أسواق الطاقة العالمية.
وتعتزم المفوضية أيضا تأسيس وحدة مركزية تشمل دول الاتحاد جميعاً تتولى التحكم في أسعار الطاقة في الاتحاد، والمصادقة على أي اتفاقية لاستيراد أو تصدير الطاقة، بما في ذلك تحليل الضرائب والإعانات، وتحديد تدابير مواجهة تشوهات السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي. وأشارت كريستينا كوكيناكيس، عضو البعثة التجارية الأوروبية لـ "الاقتصادية"، إلى أن خريطة طريق مصاحبة للخطة وضعت الخطوط العريضة لمبادرات ستوضع موضع التنفيذ في كل مجال من مجالات العمل الـ 15، مع جدول زمني لاعتماد وتنفيذ المبادرات، فضلا عن المسؤوليات المؤسسية بين اللجنة والدول الأعضاء والسلطات التنظيمية الوطنية العاملة في مجال الطاقة. وبهدف زيادة أمن إمدادات الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي، فقد تضمنت الاستراتيجية تحقيق هدف ربط الكهرباء بين الدول الأعضاء بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2020، استناداً إلى الالتزامات السابقة التي قدمتها الدول الأعضاء في هذا المجال. وأظهرت وثيقة حصلت "الاقتصادية" على نسخة منها، الدول الأعضاء التي تمكنت من تلبية هذا الهدف في الوقت الحاضر، وأياً من المشاريع التي ستكون ضرورية لسد الثغرات التي تم تحديدها، بما في ذلك خطوط الأنابيب وشبكة البنية التحتية اللازمة، والدول التي لم تصل إلى النسبة هي بريطانيا، والبرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، وقبرص. وتؤكد الوثيقة أن تكثيف الربط الكهربائي داخل الاتحاد الأوروبي سيعزز أمن الإمدادات، ويضمن أسعاراً معقولة في السوق الداخلية، ويساعد على تعزيز الاقتصاد بتوفير نحو 40 مليار يورو في السنة، علاوة على تحقيق المزيد من الاستثمار وفرص العمل.
وتقول بروكسل إنه مازالت هناك جزراً للطاقة موجودة داخل الاتحاد الأوروبي، إذ إن العديد من الأسواق الأوروبية غير متصلة بشكل صحيح مع جيرانها، مما يضيف أعباءً إلى تكاليف استهلاك الطاقة، ويخلق ضعفاً في أمن الطاقة.
وتشير الخطة إلى أنه من أجل الوصول إلى هدفنا، علينا أن نتحرك بعيداً عن اقتصاد مدفوع بالوقود الأحفوري تستند فيه الطاقة إلى نهج مركزي يعتمد على التقنيات القديمة ونماذج الأعمال التجارية التي عفا عليها الزمن، وعلينا خلق مرونة في إدارة الطلب فضلا عن العرض، والتحرك بعيداً عن نظام مجزأ يتسم بسياسات غير منسقة بين الدول الأعضاء في مجال الطاقة وحواجز تتعلق بانتقالها.
وتكمن المخاوف المتعلقة بأمن الطاقة من حقيقة أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مستورد للطاقة في العالم، إذ يعتمد بنسبة 53 في المائة من احتياجاته على مصادر أجنبية، تكلفه نحو 400 مليار يورو سنوياً. وحسب أرقام قدمتها البعثة التجارية الأوروبية، فإن 6 دول أعضاء تعتمد على مورد خارجي وحيد لكامل وارداتها من الغاز، ما جعلها ضعيفة جداً أمام أي صدمة تواجهها الإمدادات، فيما تعتمد 94 في المائة من وسائط النقل على منتجات النفط، 90 في المائة منها مستورد.
وينفق الاتحاد الأوروبي، أكثر من 120 مليار يورو سنوياً – مباشرة أو غير مباشرة - على إعانات دعم الطاقة، أغلبها لا تؤيده منظمة التجارة. وهناك ترليون يورو مطلوب استثمارها في قطاع الطاقة في الاتحاد الأوروبي بحلول 2020.
ووصفت كوكيناكيس مشروع الطاقة الأوروبية بأنه الأكثر طموحا منذ اتفاقية الفحم والصلب، في إشارة إلى خطوة عالم ما بعد الحرب الثانية التي كانت أصل مشروع الاتحاد الأوروبي.
وكان أمن الطاقة الشغل الشاغل لبعض الدول الأعضاء خلال العام الماضي إثر تدهور العلاقات مع روسيا، المورد الرئيسي للغاز بسبب الوضع في أوكرانيا، ويسعى الاتحاد الأوروبي لإحداث تغيّيرات جذرية في ملف الطاقة بين أوروبا وروسيا، عبر استكشاف مناطق إمدادات جديدة للوقود، فضلا عن التقنيات الجديدة، ومواصلة تطوير المصادر الأصلية. ووفقا لهذه الاستراتيجية، فسيتم إعداد خطة لتعزيز تجارة الغاز الطبيعي المسال بين الدول الأعضاء مع الأخذ بنظر الاعتبار تطوير البنى التحتية المطلوبة للنقل، وسيتم تقديم استراتيجية إنشاء سوق واحدة للطاقة إلى البرلمان الأوروبي في الخريف المقبل لإقرارها.
وتعتزم المفوضية الأوروبية للطاقة في عقد مؤتمر دولي في تشرين الثاني (نوفمبر) للمساعدة على بناء تفاهم متبادل بين الدول الأعضاء حول استراتيجية الطاقة للتكتل بمشاركة ممثلون عن الحكومات، وأكاديميون، واقتصاديون، ومنظمات دولية.