اللبن والسمن البلدي في الباحة .. منتوجات عشاق الطبيعة
يُقبل أهالي وزوار منطقة الباحة, على شراء اللبن والسمن البلدي، اللذين يُعدّان من المأكولات الشعبية التي أضحت مطلب عشاق ومتذوقي الطعم الطبيعي اللذيذ، رغبة منهم في الرجوع إلى الزمن القديم، والاعتناء بالصحة العامة, وما تدّخره تلك المأكولات من فوائد صحية جمة للجسم.
وفي جولة رصدتها وكالة الأنباء السعودية، على مزارع قرية ذي عين الأثرية في محافظة المخواة، التقت خلالها أحد مُلاك أكبر مزرعة في القرية، إبراهيم بن صالح العُمري الزهراني ذي الـ70 ربيعاً، أحد أبرز مصنعي وبائعي اللبن والسمن البري والموز، والمالك لعددٍ من الأبقار في المزرعة يفوق عددها 30 بقرة، يربو إنتاجها من الحليب على أكثر من 40 كيلو جراماً في اليوم الواحد.
ويسرد العُمري بداياته وشغفه بالمزرعة وما تحتويه قائلاً: "منذ تقاعدي من العمل وأنا أجد في المزرعة سعادتي ومصدر رزق آخر، من خلال تصنيع وبيع اللبن والسمن، وكذلك الموز البلدي الذي تشتهر به قرية ذي عين الأثرية، ومشاركتي في احتفاء المحافظة بمهرجان الموز والكادي الذي يُنظم في كل عام في القرية".
وعن عملية إنتاج السمن البلدي، يُفيد بأن الكمية المتوسطة تتراوح ما بين 12 إلى 16 كيلوجراماً في خلال 10 أيام، خاصةً للبقر الولاّدة بعد أن تتم عملية التصفية، فيما تنتج أبقاره من اللبن البلدي من 25 - 40 كيلوجراماً في اليوم الواحد.
#2#
وفي سؤال عن عملية استخراج اللبن والسمن وكيفية فرزهما، أشار العُمري إلى أنه بعد حلب الأبقار من قِبل ثلاثة عمال ومساعدته لهم، يُضاف إلى الحليب ما يُسمى اللبن "الرائب"، أو الصناعي بنسبة قليلة جداً للتخفيف من حموضته، ومن ثم يُترك مدة تتجاوز الـ10 ساعات، بعدها يُوضع في الماكينة الخاصة به "الخضاضة", لمدة نصف ساعة ثم يُصفّى من الشوائب، حيث يطفو على سطح الخضاضة السمن البلدي.
ويُضيف: "بعدها تأتي مرحلة إنتاج اللبن، التي تتم عبر إضافة مكعبات قليلة من الثلج للتأكد من سلامته من التخثر، ويُخض بواسطة الخضّاضات لمدة تقارب الساعتين، ومن ثم يُملى منه ما يشاء في البراد لتسخينه، ويُترك حتى يبرد لتجهيزه، بعدها يصبح جاهزاً لتقديمه للمائدة.
وأشار إبراهيم العُمري في حديثه عن عملية بيع وتصريف منتوجات الأبقار والمزرعة، إلى أن بيع السمن البلدي بسعرٍ ثابت لا يتجاوز الـ200 ريال للكيلوجرام الواحد، لافتاً في حديثه إلى أن منتج الألبان يتم توزيعه على جيرانه وأقاربه من دون مقابل.
وبحسب مختصي التغذية وتأكيدهم على جدوى المأكولات والمشروبات التي يتم إنتاجها في ظروف بيئية طبيعية، أي الغذاء غير المحفوظ أو المعلب أو المُجمد أو المعالج كيماوياً بطرق مختلفة، وتفوق تلك الأطعمة الطبيعية عن غيرها كغذاء صحي للجسم موجودة في كثير من المأكولات الشائعة والمُنتجة فلاحيا.
وأشاروا إلى أن من تلك الأغذية الطبيعية السمن البلدي من خلال إدخاله في الطعام والطبخ، إضافةً إلى مُنتج اللبن الطبيعي ومنتجاته، عادين إياها من الغذاء الكامل والمتوازن لاحتوائهما على معظم ما يحتاج إليه الجسم من مصدر جيد للبروتين المرتفع القيمة، والكالسيوم المهم جداً لبناء العظام ومقاومة ضعفها، إلى جانب احتوائه على عديد من الفيتامينات، ومن الملينات التي تحارب الإمساك.
وتضيف البحوث التي أوردها المختصون أن السمن يعد غذاء سريعاً التحول إلى طاقة لسببين: الأول منها أن الجسم يتقبله, والثاني تكوينه من ذرات كربون قصيرة الطول بست ذرات عكس الدهون المهدرجة التي تحوي دهونا متحولة ذات سلسلة طويلة من ذرات الكربون.
ولعل من يجلس على أعتاب التاريخ من المخضرمين, يربط الحاضر والمستقبل بماضٍ عتيق, حيث درج أهالي تلك الحقبة من الزمن على بيع منتوجات مزارعهم، تتعالى في الأسواق التاريخية أصوات باعة منتوجاتهم الطبيعية الخالية من المواد الإضافية.