دراسة جينية تكشف عن كيفية ازدهار حيوان "الماموث" في برودة قطبية

دراسة جينية تكشف عن كيفية ازدهار حيوان "الماموث" في برودة قطبية

قضى الماموث الوبري حياته وهو يكابد ظروفا جوية قاسية في المنطقة القطبية الشمالية منها تدني درجات الحرارة دون الصفر وسط بيئة قاحلة والتعاقب الذي لا يرحم لفصول الشتاء الكئيبة والصيف المشرقة.
وكشف تحليل وراثي واف لهذه الكائنات العملاقة المنقرضة التي تمثل أيقونة العصر الجليدي ولأبناء عمومتها من الفيلة الحالية في قارتي آسيا وافريقيا العديد من التحورات الوراثية التي مكنت الماموث الوبري من الازدهار على مر العصور وسط تلك الظروف المعاكسة.
وتضمنت هذه الدراسة التي وردت أمس الخميس في دورية (سيل ريبورتس) مقارنة بين طاقمين وراثيين (جينومين) كاملين -لحيوانين من الماموث الوبري عثر على بقاياهما في الأصقاع الشمالية الشرقية لسيبيريا الدائمة التجمد يرجع عهد الأول لنحو 18500 عام والثاني 60000 عام- وبين جينومين لثلاثة من الفيلة الأسيوية وفيل افريقي واحد.
وقال فينسنت لينش عالم الوراثة بجامعة شيكاجو إن الماموث الوبري مر بتغييرات جينية تتعلق بنمو وتطور الجلد والشعر والتمثيل الحيوي للدهون والانسولين وتحمل حرارة دون درجة التجمد وهي ظروف تختلف تماما عن ظروف معيشة الفيلة.
وقال لينش "نتصور ان هذه التغييرات أثرت بصورة ايجابية على الماموث لأننا نعرف انه تطور ليملك وبرا طويلا كثيفا مع رواسب دهنية متراكمة وعاش في مناطق شديدة البرودة".
وأضاف "ووجود الانسولين مهم لبيولوجيا الدهون لانه ينظم كم السكر في الدم الذي يتحول الى طاقة ودهن".
وأعاد الباحثون الى الحياة نسخة من أحد جينات الماموث التي عندما أدخلوها الى الخلية البشرية أنتجت بروتينا أقل استجابة للحرارة بالنسبة الى النسخ المقابلة لدى الفيلة ما يوضح ان ذلك أسهم في جعل الماموث الوبري يتحمل درجات الحرارة المتدنية.
وظهر (الماموث الوبري) -الذي يماثل في حجمه الفيلة الحديثة لكن جسمه كان يغطيه وبر بني طويل وكثيف وخرطوم ضخم- لأول مرة منذ 700 ألف سنة في سيبيريا وانتشرت عشائره لتصل الى المناطق الشمالية من أوراسيا وأمريكا الشمالية. ولا يزال الجدل الشديد يدور بشأن ما اذا كان سبب انقراضه منذ أربعة آلاف عام كان زيادة درجة حرارة المناخ أو صيده على أيدي البشر.
ويقر الباحثون بان وجود تسلسل جيني لجينومين كاملين لكائن الماموث الوبري قد يساعد في جهود يبذلها زملاؤهم لبعث الماموث الى الحياة من جديد من خلال الاستنساخ واستيلاد جنين هذا المخلوق معمليا مع الاستعانة بالفيلة كأم بديلة مثلما حدث في الفيلم الشهير (حديقة الديناصورات).
وقال ويب ميللر عالم الأحياء بجامعة ولاية بنسلفيانيا "إن شئت استنساخ ماموث وبري فاننا نريكم كيف يكون ذلك من البداية لكن ذلك لا علاقة له البتة بأسباب دراستنا للماموث".
وأضاف "لا أدري لماذا يهتم الناس باستنساخ الماموث. سيكون أمرا يسيرا وربما كان من الأفيد استنساخ فرانكلين روزفلت".
وقال لينش إنه يبدو انه بات أمرا لا مفر منه ان يقدم بعضهم على استنساخ الماموث.
ومضى يقول "فيما أرى ان من الممكن من الوجهة التقنية عما قريب اعادة بعث الماموث إلا انه موضوع لا يتعين علينا الاقدام عليه لان الانسان الحديث غير مسؤول عن انقراض الماموث لذا فانه غير مدين للطبيعة".
وسلطت أشمل معلومات وراثية تم جمعها حتى الآن عن الماموث الوبري الضوء على أسباب اندثاره وكشفت النقاب عن انه كابد كارثتين أسهمتا في تناقص اعداده قبل الاضمحلال النهائي لآخر مجموعة منه ووقوعها في براثن التزاوج الداخلي على إحدى جزر المحيط المتجمد الشمالي.

الأكثر قراءة