تراجع أسعار الخام دعم الصناعات العالمية لكنه أضر بالاستثمارات النفطية
أكدت كارولينا كوس؛ وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم في أوروجواي، أن الاستثمارات في القطاع النفطي تواجه صعوبات كبيرة بسبب تراجع الأسعار، ما أدى إلى تقلص أنشطة التنقيب والاستكشاف في العديد من المناطق الغنية التي توجد فيها احتياطيات كبيرة حول العالم، مشيرة إلى أن تقلبات الأسعار في مجال الطاقة، خاصة النفط طبيعية ومرت بها السوق في العالم على مدى العقود الماضية عديدا من المرات.
وأضافت في حوار مع "الاقتصادية" في فيينا، أن السوق ستتعافي وتعاود الارتفاع تدريجيا، مشيرة إلى أن انخفاضات الأسعار كانت فرصة جيدة لزيادة البرامج التنموية والاستثمارات في المجال الصناعي في عديد من دول العالم النامي.
وأشارت إلى أن زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة أصبح ضرورة لكل دول العالم، موضحة أن الصناعة في أوروجواي تعتمد بنسبة 94 في المائة على مصادر الطاقة الجديدة، مبينة أنه لا تستطيع أي دولة الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة، بل تتجه أغلبية الدول إلى الاعتماد على مزيج للطاقة يشمل الطاقة التقليدية والطاقات الجديدة والمتجددة، وفيما يلي نص الحوار:
بداية، تواجه سوق الطاقة عالميا حالة من التقلب الشديد في الأسعار، ما رؤيتك لكيفية استعادة الاستقرار في السوق؟
من الضروري والمهم أن نستوعب جيدا التغيرات التي حدثت في سوق الطاقة، وأن نلجأ إلى تنوع موارد الطاقة، وان يكون مزيج الطاقة في كل دولة في العالم يشمل كل المصادر التقليدية والمتجددة، وأن يقل الاعتماد على المصادر ذات التكلفة المرتفعة من أجل أن نعيش بشكل أفضل ونرفع مستوى معيشة شعوبنا في كل قارات العالم، كما أن تطوير منظومة الطاقة مرتبط أيضا بتحسين مستوى التعليم والتدريب ونقل الخبرات من أجل الوصول إلى منظومة طاقة أكثر نجاحا.
تشهد السوق حاليا تنامي المنافسة بين موارد الطاقة التقليدية والمتجددة، كيف ترين مسار هذه المنافسة؟
مصادر الطاقة الجديدة مهمة جدا لكل اقتصادات العالم، ويتزايد الاعتماد عليها تدريجيا في أغلب دول العالم سواء المتقدمة أو النامية، وفي بلدي أوروجواي بصفة خاصة هناك اهتمام كبير بالطاقة الجديدة وتدخل في مزيج الطاقة بالبلاد كمكون رئيس يتزايد الاعتماد عليه وتقوية دوره، حيث تعتمد الصناعة في أوروجواي بنسبة 94 في المائة على المصادر الجديدة للطاقة، ومستقبل التطور في هذا المجال مرتبط بزيادة الاستثمارات وتطوير منظومة وآليات العمل في المجال الصناعي، وبالنسبة لنا نحن نهتم بالوقود الحيوي إلى جانب مشتقات النفط في كثير من الأنشطة الصناعية والاقتصادية.
وكيف تستعيد سوق النفط الخام توازنها بعد وفرة المعروض وتراجع الأسعار؟
وفرة المعروض النفطي ليست أمرا سلبيا في المطلق، بل إيجابيا في أحيان كثيرة، وأسهمت هذه الوفرة في تنمية الكثير من الأنشطة الصناعية في مختلف دول العالم في الفترة الماضية، بعدما حققت هذه الدول وفورات كبيرة في فواتير استهلاك الطاقة التقليدية، أما سلبيات وفرة المعروض النفطي أنها أجلت الكثير من أنشطة التنقيب والاستكشاف بسبب ارتفاع التكلفة وتدني أسعار البيع، ما جعل كثيرا من الاستثمارات يعيد حساباته ويحدث نوعا من الانكماش الاستثماري.
هل انعكس الأمر إيجابيا على الطاقة المتجددة؟
بالطبع تراجع أسعار النفط الخام وتقلب الأسعار في أحيان أخرى وحالة الانكماش في الاستثمارات، جعلت الاتجاه أقوى نحو زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث يكون مزيج الطاقة في أغلب الدول متنوعا، ويضم مصادر مختلفة للطاقة وبالتالي يكون اقتصادها أقوى وأقل تأثرا باضطرابات أسعار أي مصدر من المصادر سواء التقليدية أو الجديدة.
هل فرضت تغيرات سوق الطاقة والأزمات التي تتعرض لها، الحاجة إلى مزيد من التكامل والتعاون بين دول العالم في مجالي الإنتاج والاستثمار؟
بالطبع هناك حاجة إلى مزيد من التعاون والتنسيق والتكامل بين دول العالم في مجال الطاقة، من أجل تأمين الإمدادات وتسارع التنمية ومواجهة فقر الطاقة وهو من المشكلات الخطيرة والمؤرقة للاقتصاد الدولي، خاصة مع وجود نسبة غير قليلة من المفتقدين للحاجات الأساسية من الطاقة حول العالم، خاصة من الطاقة الكهربائية.
في تقديرك .. هل هناك تعاون جيد بين المنتجين والمستهلكين في مجال النفط الخام؟
من الضروري زيادة التنسيق والتعاون بين المنتجين والمستهلكين من اجل الحفاظ على نمو واستقرار السوق، فلا يمكن أن ينظر طرف لمصلحته دون الآخر، لأن الاقتصاد العالمي وحدة واحدة متكاملة وأي أزمة في بلد ما تمتد تداعياتها إلى كل دول العالم، واستقرار إمدادات الطاقة بأسعار مناسبة وعادلة لن تتحقق إلا بتعاون وتكامل بين كل الأطراف سواء منتجين أو مستهلكين أو مستثمرين، كما أن التنمية تحتاج إلى علاقة أوسع بين القطاعين العام والخاص.
ما رؤيتك لمستقبل الطلب العالمي على الطاقة؟
هناك نمو متسارع دون شك في مستويات الطلب العالمي على الطاقة وستتضح معالمه بشكل أكبر في السنوات المقبلة، بسبب جهود دولية واسعة لمكافحة فقر الطاقة علاوة على النمو السكاني، وتسارع معدلات التنمية في الأسواق الناشئة والنامية بصفة خاصة.
ما مستقبل إنتاج النفط الصخري، ومدى قدرته على الاستمرار والمنافسة؟
لا شك أن إنتاج النفط الصخري كان إضافة جيدة للسوق في إطار تنويع مصادر الطاقة، لكن التجربة العملية أثبتت أنه تم ضخ استثمارات كثيرة في هذا المجال دون دراسة جيدة مسبقة، ورغم ارتفاع تكلفة الإنتاج في هذا النوع من الإنتاج وهو جعل هذه الاستثمارات تواجه صعوبات حالية بسبب تدني الأسعار العالمية للنفط الخام، وبالتالي فهي تكافح حاليا من أجل الاستمرار في السوق ومواجهة تحديات تخفيض تكلفة الإنتاج، من أجل الوصول إلى نقطة التعادل الاقتصادي وتحقيق هامش ربح في ظل التحسن النسبي الذي حدث أخيرا في أسعار النفط العالمية.
ما أهم مجالات الطاقة الجديدة التي تحظى باهتمام حكومة أوروجواي؟
هناك اهتمام واسع من الحكومة في أوروجواي بتطوير الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، ونولى أهمية كبيرة للوقود الحيوي كما نطور الطاقة الشمسية واستغلالها في توليد وإنتاج الكهرباء، وهناك برامج تعاون مع عديد من الدول المتقدمة في المجالات التكنولوجية وعلى رأسها اليابان، حيث نستعين بالخبرات اليابانية في استغلال الطاقة الشمسية بالشكل الأمثل وبتقنيات متميزة وأيضا طاقة الرياح وغيرها.
ما مدى اهتمام أوروجواي بتطوير قدراتها في قطاع النفط؟
هناك اهتمام كبير لدينا بتطوير القدرات والاستثمارات في مجال النفط، مثله مثل مصادر الطاقة الأخرى، وهناك تعاون مع شركات دولية مهمة مثل "غازبروم"، التي تشارك في التنقيب في حقول النفط في أوروجواي واستخراجه سواء على أراضي البلاد أو الرصيف القاري، فضلا عن مشاركة الشركات الوطنية في عدة مشروعات للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي ونقله عبر أراضي دول لاتينية أخرى.
وماذا عن برامج التعاون مع الدول العربية؟
نهتم بزيادة التعاون مع الدول العربية، لأن الشرق الأوسط منطقة محورية في اقتصاد العالم وفيها مراكز إنتاج مهمة للطاقة خاصة النفط والغاز، ونسعى دائما للتشاور والتعاون مع جميع الدول، خاصة خلال الملتقيات الدولية المعنية بمناقشة الأوضاع الاقتصادية في العالم خاصة سوق الطاقة، ومنها منتدى فيينا الدولي للطاقة، الذي عقد أخيرا ونظمته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو"، التي نقدر جهودها في دعم التنمية الصناعية في العالم بالاعتماد على ما يسمى الاقتصاد الأخضر الذي يتوافق مع المعايير الدولية في مجال البيئة، كما أن لـ "يونيدو" دورا مهما في علاج فقر الطاقة وتشجيع التنمية بالاعتماد على المصادر الجديدة والنظيفة للطاقة.