بريطانيا تتعهد بمحاربة غسل الأموال لدعم قطاعها العقاري
بعد أن دعا رئيس الوزراء البريطاني بشكل صريح لا لبس فيه إلى أن تعوض المملكة المتحدة اعتمادها على التجارة مع أوروبا بمزيد من الروابط والعلاقات التجارية مع آسيا، بدأ أخيرا زيارة لأربع دول في جنوب شرق آسيا هي سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام.
ويحتل موضوع الاقتصاد وتنمية الاستثمارات الأولوية القصوى لسلسلة الزيارات التي يعتزم كاميرون تنفيذها، حيث أكد في كلمته التي القاها في سنغافورة عزم بلاده التصدي لـ "الأجانب الفاسدين" الذين يلجؤون إلى غسيل الأموال عبر شراء مساكن فاخرة في العاصمة لندن.
وتحتل هذه القضية حيزا مهما بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني خلال الزيارة بعد أن فجّر دونالد تون مدير قسم مكافحة الجرائم الاقتصادية في الهيئة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا مفاجأة من العيار الثقيل بالتصريح بأن أسعار العقارات، خاصة الفاخرة في لندن مبالغ فيها نتيجة قيام "مجرمين عالميين" بغسيل أموالهم في بريطانيا.
وبحسب المسؤول في الهيئة البريطانية فإن من أفضل وسائل غسيل الأموال شراء عقارات فاخرة في العاصمة البريطانية، حيث تبلغ تقديرات الجهات الرسمية البريطانية للمبالغ المالية التي يتم غسلها في بريطانيا مئات المليارات سنوية.
لكن السؤال: لماذا يدشن كاميرون أول خطاب له في أول رحلة خارجية خارج القارة أوروبا منذ إعادة انتخابه لرئاسة الوزراء بخطاب عن الفساد وغسيل الأموال؟
الصحفي البريطاني والخبير في الشؤون الآسيوية جون هيرست يعتقد أن رئيس الوزراء البريطاني يريد أن يبعث برسالة واضحة للشركاء التجاريين الجدد بأن الشفافية هي القاعدة الأساسية في تلك العلاقة المستقبلية.
ولـ "الاقتصادية" يعلق قائلا "كاميرون يريد أن يربط بين قضية الفساد وانخفاض معدلات التنمية ومن ثم قضية الهجرة غير الشرعية، ويريد أن يغازل سنغافورة باعتبارها رمزا للشفافية الاقتصادية وأن حكومته ستسير على هذا المسار أيضا".
وتعهد كاميرون بمكافحة ما يعرف في بريطانيا "بالشركات القوقعة" وهي شركات غير تجارية يؤسسها أصحابها لغرض واحد فقط هو شراء عقارات لصالحهم، مستخدمين إياها كآلية رئيسية لغسيل الأموال في لندن.
وسيدعو رئيس الوزراء البريطاني إلى جهد دولي مشترك لمكافحة الفساد، خاصة بعد أن أشار تقرير منظمة مكافحة الفقر الصادر العام الماضي إلى أن الفساد يؤدي إلى استنزاف نحو تريليون دولار سنويا من البلدان الفقيرة .
وفي إطار جهود الحكومة البريطانية لمكافحة غسيل الأموال فقد قررت نشر قائمة بأسماء الأشخاص المتورطين في هذا النوع من الجرائم، لمعاقبتهم قانونيا والتشهير بهم.
لكن إلى أي مدى حقا تمتلك بريطانيا الرغبة في مواجهة مافيا غسيل الأموال؟ وما تأثير ذلك في أسعار العقارات الفاخرة في العاصمة البريطانية، حيث يستثمر العديد من الأثرياء العرب والخليجيين تحديدا أموالهم في ذلك المجال الاقتصادي
يقول نيك أيفن الخبير العقاري والاستشاري لعدد من الشركات العقارية في بريطانيا "أظن أنه سيكون من الخطر الشديد الإقدام على أو اتخاذ خطوات سريعة وعاجلة في هذا الشأن عبر الانقضاض التام على كل المتورطين في آن واحد".
ويمكن أن يؤدي هذا إلى هزة سعرية ضخمة ليست فقط في سوق العقارات الفاخرة، وإنما في سوق العقارات البريطانية ككل بحسب الخبير العقاري البريطاني.