«سوق عكاظ» في نسخته الـ 9.. الجمهور يكتب شهادة نجاح بامتياز

«سوق عكاظ» في نسخته الـ 9.. الجمهور 
يكتب شهادة نجاح بامتياز

نجحت فعاليات "جادة سوق عكاظ" في دورته التاسعة، على مدى عشرة أيام متواصلة في إمتاع وإسعاد جمهور وزوار السوق، والترويج لحركة السياحة في المنطقة، وتقديم نماذج تاريخية مؤثرة من خلال هذه الفعاليات، وبصفة خاصة مسرحية "نقش من هوازن" التي حظيت بإقبال حاشد من زوار السوق، وكذلك بقية الفعاليات الثلاث الأخرى وهي "مسيرة القوافل" و"معلقات الشعراء" و"السوق"، قدمت خلالها الفعاليات الأربع 50 عرضا على مدى عشرة أيام.
وأبدى كثير من زوار السوق إعجابهم ورضاهم عن الفعاليات التي اختتمت في محافظة الطائف البارحة الأولى، التي انفردت بها "الجادة" للعام الثاني على التوالي، وفي مقدمتها عرض مسرح الشارع "نقش من هوازن" الذي كتبه المؤلف حسين عادل شاهين، وأخرجه ممدوح سالم، وإنتاج مؤسسة رواد ميديا، الذي يجسد سيرة الشاعر والصحابي لبيد بن ربيعة العامري، من الجاهلية إلى الإسلام، باعتباره من وقع اختيار أمانة مهرجان سوق عكاظ عليه ليكون شخصية العام وثيمة المهرجان في دورته التاسعة.
واعتبر ممدوح سالم منتج ومخرج فعاليات "جادة سوق عكاظ"، زوار الجادة والسوق هم البطل الحقيقي وراء نجاح هذه الفعاليات، مشيرا إلى أن اهتمام الجمهور بمتابعة هذه الفعاليات والتجاوب معها يعكس مدى تعطش المواطن السعودي إلى هذه النوعية من الأعمال التي تحقق الإمتاع بمضمون راقٍ، وفي الوقت ذاته تنمي وعيه ومعارفه تاريخيا وثقافيا وفنيا.. مشيرا إلى أن النجاح الذي حققته هذه الفعاليات إنما هو انعكاس للدور الكبير الذي بذلته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في تذليل كل الصعوبات التي اعترضت طريق فعاليات الجادة في عامها الثاني.
وختم المخرج ممدوح سالم قائلا، بفضل الله نجحنا للعام الثاني على التوالي في تقديم فعاليات متنوعة من خلال "الجادة"، استحوذت على ثقة وإعجاب زوار "سوق عكاظ"، وهو الأمر الذي يحملنا مسؤولية أكبر في المرات المقبلة.
وجسد العرض فريق عمل ضم نحو 200 ممثل، و50 من الفنيين ومهندسي الصوت والإضاءة، إضافة إلى ما يزيد على 40 جملا، و20 حصانا خضعت للتدريب والتأهيل، وذلك بالتعاون مع مدرسة الجهيد للفروسية، وتم توفير كل الإمكانات لإظهار العمل بأرقى مستوى، وبخلاف شخصيته المحورية حول لبيد بن ربيعة العامري، الذي يعكس حقبة تاريخية حافلة، فقد تضمن العرض أيضا عديدا من الشخصيات منها شخصية "البراض" وهو لص لئيم سيء الخلق وقاطع طريق، أيضا شخصية "الرحال" وهو أحد سادة هوازن، فارس ومقاتل شجاع وجريء.. أيضا مجلس النابغة وضم النابغة الذبياني، وهو شاعر وقور، طيب المعشر، و"عنترة" شاعر وفارس، و"طرفة" شاعر وفارس، و"الأصمعي" شاعر وفارس، و"الفرزدق" شاعر وفارس، إضافة إلى عديد من الأدوار الثانوية. وقامت مصممة الأزياء رضا غزاوي للعام الثاني على التوالي بتصميم أزياء العرض، ونجحت ببراعة في محاكاة أزياء العصر الجاهلي في الجزيرة العربية، بينما تميزت للمرة الثانية في سوق عكاظ والمرة الأولى في "الجادة" خبيرة الماكير دالين عبدالإله، وذلك في تركيب الشخصيات لما يخص اللحاء والذقون وكذلك تجاعيد الوجه الخاصة بالممثلين في أربع فعاليات يوميا، حيث استطاعت أن تحاكي "الكركترات" الخاصة بالممثلين ليظهروا بشخصيات مقاربة للأعمال التاريخية التي تجسد عصر ما قبل الإسلام وما بعده.
وأكد زوار السوق عامة والجادة بصفة خاصة أن "نقش من هوازن" نجح في محاكاة أجواء عصر ما قبل الإسلام وصدر الإسلام، ورصد الحياة العربية الأصيلة بكل تفاصيلها ومنافساتها الشعرية وملاحمها القتالية من خلال سيرة الشاعر لبيد العامري، كما جسد مظاهر الكرم عند العرب، إلى غير ذلك من الصفات والمعارف التي يجهلها شباب اليوم.
ومن الفعاليات المهمة أيضا، التي انفردت بها جادة السوق فعالية "مسيرة القوافل" التي شارك في تنفيذها أكثر من 200 من الممثلين والكومبارس بأزيائهم التي تعود بهم إلى حقبة ما قبل الإسلام في الجزيرة العربية، وجسدوا توافد القبائل العربية في تلك الفترة إلى سوق عكاظ.. حيث تبدأ المسيرة من بداية الجادة إلى نهايتها والممثلون يلبسون الزي الخاص بالعمل ويحملون الدروع والسيوف والرماح، وتسير خلفهم الجمال والخيول، مع موسيقى أضفت إيحاء الماضي، بينما يقف على بعد خطوات منهم الجمهور وزوار الجادة يشاهدون كيف كانت حياة القبائل في الجزيرة العربية في تلك الحقبة التي تسبق ظهور الإسلام.. لتجسد الفعالية التقاء عصرين بينهما أكثر من 1500 عام.
وتابع زوار "الجادة" في أجواء بديعة مع نسمات صيف الطائف، شخصيات متجسدة أمام أعينهم تحاكي فرسان المعلقات لأشهر شعراء العرب: امرؤ القيس، طرفة بن العبد، الحارث بن حلزة، زهير بن أبي سلمى، عمرو بن كلثوم، عنترة بن شداد، لبيد بن ربيعة، الأعشى، عبيد بن الأبرص، النابغة الذبياني.
كما حظيت فقرة "المعلقات الشعرية"، التي تتزامن يوميا مع غروب الشمس، باهتمام كبير من زوار السوق طوال فترة انعقاده، ولاسيما لما شهدته من تنافس الممثلين في أداء شخصيات شعراء المعلقات، مرتدين أزياء تلك الحقبة التاريخية، وبأداء شعري وتمثيلي متقن، وبينما كل يلقي معلقته تعلو عبارات الثناء من الجمهور على الأداء وطريقة النطق في إلقاء الشعر، التي راقت كثيرا للجمهور على الرغم من صعوبة أبيات هذه المعلقات بمفردات هذا العصر.

الأكثر قراءة