زحمة الحج

صرحت أمانة العاصمة المقدسة، بأن موظفيها الذين سيعملون في المشاعر المقدسة لخدمة الحجاج سيكون تعدادهم 23 ألفا. رئاسة الحرمين بدورها ستجند أكثر من 15 ألف موظف للعمل في موسم الحج. وزارة الصحة انتدبت العام الماضي نحو 20 ألفا للعمل في الحج، والهلال الأحمر انتدب 5 آلاف شخص.
هذه الجهات مهمة ويمكن أن نبرر وجودها في الحج، لكننا نجد جهات أخرى لا علاقة لها بالحج وتسهم في مضاعفة الازدحام في مواقع الحج، باتخاذها مواقع مميزة واستخدام أولوية الحركة عندما تتحرك هي أو أي من ضيوفها.
يأتي كل موسم حج بزيادة في أعداد مقدمي الخدمات للحجاج، وزيادة الآخرين الذين لا علاقة لهم بالخدمة أصلا. نظل أسرى هذه النظرية التي تفترض أن الحلول هي دائما في زيادة الأعداد، وليس في تطوير التقنيات واستحداث وسائل عمل ومساعدات تدفع نحو تقليص العنصر البشري الذي مع زيادته تنخفض الكفاءة والفاعلية.
ساقني هذا الخبر لتذكر ما نحن عليه من حب التفاخر بالأرقام وزيادتها، بدل أن نتفاخر بتقليصها.
إن الميزة العامة في العالم خلال السنوات الأخيرة، ومع تطور وسائل العمل وما نسميه "أتمتة" كل شيء، تدفعنا لتوقع أعداد أقل من الناس، فالموظف اليوم لديه من وسائل التحكم والإنجاز ما يجعله قادرا على أداء عمل عشرة أشخاص أو أكثر في السابق. فلماذا نتفاخر نحن بالزيادة ويتفاخر غيرنا بالنقص؟
نحتاج هنا إلى من يقرع الجرس ويوقف تمدد هذه الأرقام، خصوصا أنها أصبحت تؤثر سلبا في نوعية الخدمة المقدمة، ومرونة حركة الحجاج، وتوفير الخدمات المناسبة لهم.
كل واحد ممن يقدمون الخدمة للحجاج يحتاج إلى سكن، وغذاء، وبعضهم يحج كذلك فهو يحتاج إلى مواصلات. عندما نقارن ما يقدم للحجاج في المخيمات المقامة في المشاعر، بما يحصل عليه من ينتدبون لخدمتهم، نكتشف أن كل واحد من مقدمي الخدمة يحصل على ما يقارب ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه الحاج، سواء في المساحة أو الخدمات. هذا عنصر يؤثر بالتأكيد في حجم نجاح موسم الحج.
أقدر أن هناك من يذهبون وهم يفضلون البقاء في بيوتهم، لكن كثيرين يذهبون طمعا في المقابل المادي الذي أسهم هو الآخر في التنافس على العمل في الحج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي