إمام الحرم المكي: العقيدة الصحيحة هي العاصم من التطرف والتفجير وسفك الدماء البريئة
أوصى الشيخ الدكتور خالد الغامدي، إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وقال في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام إن التوحيد هو فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا أزكى ولا أعدل منها، حيث إن التوحيد وحقائقه هو السياج المنيع للأمة من كل انحراف عقدي وفكري وتحلل سلوكي وأخلاقي، وإن منهج العقيدة الصحيحة هو العاصم بإذن الله من قواسم الغلو والتطرف والتفجير والتكفير الذي نتج عنها سفك الدماء البريئة في المساجد وغيرها، وتكفير المسلمين أفرادا ومجتمعات وحكومات.
وأضاف: "إن الشرك هو أخبث الخبائث أو أظلم الظلم وهو دخيل على البشرية، فقد خلق الله عباده حنفاء على ملة التوحيد، وأخذ من آدم عليه السلام وذريته الميثاق على أن يوحده سبحانه ولا يشرك به شيئا، فكانت البشرية من بعد آدم عليه السلام على التوحيد عشرة قرون، كما قال ذلك ابن عباس- رضي الله عنهما- حتى اجتالتهم الشياطين وأغوتهم ففسدت فطرهم وعقولهم وخرجت أجيال من البشرية من عبادة الله إلى عبادة الكواكب والجن والشياطين والقبور والمشاهد، وأفسدت عقولهم لوثات الشرك والإلحاد والخرافة والأحكام الضالة والبدع المضلة وخاض كثيرون في نظريات وفلسفات وكلام وجدل عقيم لا طائل تحته، وكره أناس الحديث عن العقيدة وألصقوا فيها أفكار التطرف والإرهاب
وأكد أنهم لم يعلموا أنه لا صلاح للنفوس إلا أن يكون الله هو مولاها وإلهها وربها عند الشدائد وفي كل الأحوال.
وبين الشيخ الغامدي أن كلمة التوحيد توحد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتجمعهم ولا تفرقهم وتؤلف بين قلوبهم في محبة وأخوة وتعاضد وتناصر وتمنعهم من التفرق والنزاع والشقاق.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أنه إذا أقامت الأمة حياتها ونظامها وإعلامها ومناهجها على التوحيد وحقائقه ومحكمات الشريعة وجعلتها منطلق التربية والحضارة والرقي فسيفتح الله عليها أفرادا ومجتمعات بركات من السماء والأرض ويبدل من بعد خوفهم أمنا ويرد عنهم كيد الكائدين وإفساد المفسدين من أهل الغلو والتشديد والتفريق.
وأشار الشيخ الغامدي إلى أن شريعة التوحيد مبنية على أساس التوحيد إخلاصا لله تعالى ومتابعة للنبي- صلى الله عليه وسلم- وكلما عظم التوحيد في القلوب قامت الجوارح بفعل الشرائع بقوة وثبات وانشراح صدر، موضحا أن من أجل العبادات التي يتجلى فيها التوحيد هي عبادة الحج، تلكم العبادة العظيمة التي تذخر بالدلائل والبراهين على التوحيد ومناسكها وشرائعها آيات بينات ودلائل باهرات على العلاقة الراسخة بين التوحيد والحج، فدونكم يا حجاج بيت الله موسم الحج معلمة التوحيد الكبرى ومدرسة العقيدة العظمى.
وفي المدينة المنورة، عدّد الشيخ صلاح بن محمد البدير إمام وخطيب المسجد النبوي، جملة من الشرائع والواجبات والمباحات التي سنّها ديننا الحنيف والمتعلقة بمناسك حج بيت الله الحرام, وما أوجبه وشرعه من أمور يؤديها الحاج, لينال القبول والرضوان من الله تعالى.
وقال في خطبة الجمعة أمس إن الحج أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام, وأنه يجب على المكلف المستطيع في العمر مرة واحدة, وأن من وجب عليه الحج وأمكنه فعله لزمه تعجيله, لما ورد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "من أراد الحج فليتعجل, فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة, وتعرض الحاجة" أخرجه أحمد وابن ماجه.
وبيّن أنه إذا توفي من وجب عليه الحج, ولم يحج ولم يعتمر, فيُخرج عنه من ماله حجة وعمرة سواءً فاته بتفريط أو بغير تفريط, أوصى أو لم يوص, لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقالت: "إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت, فهل أحج عنها, فقال: نعم حجي عنها, أرأيت لو كان على أمك دين, أكنت قاضيته, اقضُ الله, فالله أحق بالوفاء" (أخرجه البخاري). وأوضح أن من قدر على الحج بنفسه, فليس له أن يستنيب, فإن فعل لم يجزئه, ومن وجدت فيه شرائط وجوب الحج, وكان عاجزا عنه ببدنه, لمانع ميؤوس من زواله, كزمالة أو مرض لا يرجى زواله, أو كان لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة, أو كان شيخاً فانياً, لزم من يحج عنه أو يعتمر.
وزاد, أن من أحج عن نفسه ثم عوفي, لم يجب عليه حج آخر, لأنه أتى بما أمر به فخرج من العقدة, ومن كان يرجى زوال المانع, والقدرة على الحج بنفسه, أو كان يرجى زوال مرضه, فليس له أن يستنيب, فإن فعل لم يجزئه, والفقير لا يجب عليه الحج, ولا يحج عنه, ولا بأس لبذل النفقة له ليحج عن نفسه, ومن بذلت له نفقة الحج, ولم تلحقه بقبولها منة ولا ضرر فلا حرج في قبولها وأداء الحج بها.
وأوضح الشيخ صلاح البدير أنه يجوز أخذ الأجرة على النيابة في الحج, والأولى أن يأخذ النائب من المستنيب نفقة, ولا يأخذ أجراً, وليس لمن لم يحج عن نفسه حجة الإسلام, أن يحج عن غيره, فإن فعل وقع إحرامه عن نفسه, لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة, فقال من شبرمة؟ قال قريب لي, فقال أحججت عن نفسك؟ قال: لا, قال حج عن نفسك, ثم حج عن شبرمة". (أخرجه أبو داوود وابن ماجه)، ولا ينعقد الإحرام عن اثنين, فمن أحرم في نسك واحد عن اثنين أو عن نفسه وعن غيره وقع إحرامه عن نفسه, فإن أحرم بالعمرة عن واحد حتى أحلّ منها ثم أحرم بالحج عن آخر صحّ لأنهما نسكان.